أعلن وزير الخارجية المغربي سعد الدين العثماني أن الجولة التاسعة من المفاوضات بين المملكة المغربية وجبهة البوليزاريو ستعقد أيام 11-12-13 مارس 2012 بمنهاست تحت إشراف الأمم المتحدة وهي مفاوضات تندرج في إطار تفعيل قرارات مجلس الأمن :
• 1813 سنة (2008)
• 1871 سنة(2009)
• 1920 سنة(2010)
• 1979 سنة(2011)،
التي تدعو الأطراف (المغرب والبوليزاريو ) إلى الدخول في مفاوضات مكثفة وجوهرية.بحضور الجزائر وموريتانيا كملاحظين .
ورغم صعوبة المفاوضات وتعثرها وتوقفها أحيانا في الجولات الثمانية السابقة إلا أنها تمكنت من تحقيق بعض المكاسب للسكان وأهما الزيارات المتبادلة وإطلاق سراح جميع الأسرى المغاربة الذين كانوا محتجزين لدى جبهة البوليزاريو في أفق تحقيق ما جاء في المبادرة المحمودة التي اقترحها الوسيط الاممي بيتر فان والسوم والمتمثلة في جملة من الاجراءات والتدابير الانسانية الكفيلة بزرع اجواء الثقة بين الوفدين المتفاوضين وتحسين معيشة الصحراويين، وقد ضمت هذه المبادرة: تنسيق العمل في مجال ازالة ونزع الالغام، تشكيل لجنة عسكرية مشتركة بين المغاربة والصحراويين مهمتها السهر علي مراقبة وقف اطلاق النار،و توسيع التدابير الخاصة بالزيارات العائلية وزيادة عددها، تبادل الزيارات الرسمية ….
ومنذ دخول الولايات المتحدة الأمريكية في خط ا لمفاوضات سواء مع جيمس بيكر او السيد كريستوفر روس ووصف أمريكا لمقترح المغرب ب((الجاد وذي مصداقية )) بدأ التحضير للمفاوضات تكتيكية تتسم باستعمال أوراق للضغط فاستغلت أعداء الوحدة الوطنية في الجولة الخامسة ما عرف بقضية (أمينتو حيضر) كما حاول المغرب في الجولة السادسة استغلال قضية (سلمى ولد سيدي مولود) لكن الأطراف الأخرى ركبوا على قضية مخيم (اكديم إيزيك) وأحداث العيون …
إن مسار المفاوضات لم ولن يكون مفروشا بالورود لأطراف التفاوض لكن الملاحظ هو أن الجولة التاسعة ستدور في أجواء خاصة أهما ربيع الثورات العربية وإعلان كل من المغرب والجزائر على الدخول في إصلاحات سياسية وديمقراطية وفقد البوليزاريو لأحد أهم داعميها في المنطقة بعد سقوط المعسكر الشرقي ،إضافة إلى التقارب الظاهري بين المغرب والجزائر .
لقد كان تفاعل المغاربة إيجابا وبحماس مع انطلاق هذه المفاوضات ورحبوا بجلوس الأطراف للحوار والتفاوض متطلعين لوضع حد لقضية عمرت أكثر من اللازم .
وعلى الرغم من كون الجولة الثامنة حسب تصريحات مختلف الأطراف كانت فاشلة في تقريب وجهات النظر وردم الهوة بين طرفي الصراع فقد ظل المغرب متفائلا فقد صرح الفاسي الفهري وزير خارجية المغرب عقب انتهاء الجولة الثامنة من المفاوضات :
((إن عملية التطبيع الحالية بين البلدين في ميادين مختلفة، وتبادل الزيارات على المستوى الوزاري، من شأنها رفع التحديات التي تواجهها منطقة المغرب العربي على المستويات الاقتصادية والأمنية، وتسهم بالتالي في إيجاد حل لهذا النزاع الإقليمي.))
لقد انتهت الجولة الثامنة الني دارت في أجواء مغلقة دون أن تتوصل الأطراف لحل متفق عليه بل لم يتم تحديد تاريخ ومكان الجولة التاسعة كما كان يتم في الجولات السابقة واكتفي السيد كريستوفر روس المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء بالإشارة إلى أن الجولة المقبلة من المفاوضات غير الرسمية حول الصحراء، ستجري بعد دورة الخريف للجمعية العامة للأمم المتحدة. مشددا على أن كل طرف ظل يرفض مقترح الطرف الآخر وإن صرح الطرفان بأنهما ملتزمان بإيجاد حل سلمي والعمل سويا في إطار قرارات مجلس الأمن الدولي.
صحيح أن المغرب في صحرائه ، والصحراويون المغاربة منخرطون في المسلسل الذي يعيشه المغرب مساهمين في مختلف الاستحقاقات الوطنية وآخرها الإقبال المكثف في التصويت على الدستور الجديد أو الانتخابات التشريعية الأخيرة… في مقابل ذلك تعيش طائفة من إخوانهم في مخيمات حركة غليان محرومون من أبسط ظروف العيش الكريم دون ماء أو كهرباء بعيدون عن كل مظاهر التحضر والتمدن ..
وصحيح أيضا أن لكل طرف عدة أوراق لم يستعملها بعد فمسلسل المفاوضات يتطلب نفس طويلا دون حرق كل الأوراق في مستهل المشوار ..
وصحيح أيضا أن بقاء الوضع على ماهو عليه يضيع على المنطقة فرصا اقتصادية واستثمارية هامة تؤثر سلبا على اقتصاديات بلدان المنطقة ..
لتبقى بعض الأسئلة تفرض نفسها من قبيل : إلى متى ستستمر هذه المفاوضات ؟؟ وهل تكون الجولة التاسعة أوالعاشرة هي الأخيرة ؟؟ ومتى تدرك كل أطراف الصراع أنها بتعنّـٌـتها وتعصبها تساهم في تخلف اقتصاد منطقة قُوّتها في اتحادها ؟؟
وهل ستؤثر سمعة كل طرف على مسار المفاوضات :فالمغرب ما فتئ يحظى بمدح المجتمع الدولي بعد المصادقة على الدستور الجديد وتدبيره السلمي لمرحلة ثورات الربيع العربي … فيما أسيء لسمعة البوليزاريو بعد ما راج من تورطها في دعم لنظام القذافي. وبعد عملية الاختطاف التي تعرض لها العاملون الغربيون من الرابوني وسط المخيمات ؟؟
وهل سيكون للإقبال العالمي على المغرب (اتفاقية مع كل من: تركيا ، الولايات المتحدة ، والاتحاد الأروبي الذي رفع علاقته بالمغرب إلى ما فوق الشراكة وما دون العضوية –إضافة إلى دعوة مجلس التعاون الخليجي للمغرب للانضمام له …) ورقة في صالح المغرب ؟؟؟
وهل سيؤثر التقارب الحالي بين انغرب والجزائر على مفاوضات الجولة التاسعة تدور في مرحلة تعرف بعث الروح في جثة اللاتحاد المغاربي الذي حنطته مشكلة الصحراء وعطلت دواليبه عن الدوران، وأوقف قطاره عن الحركة؟؟؟
إن الجولة التاسعة ستعقد في الوقت الذي تتعالى صيحات الشعوب والقادة معتبرة الاتحاد المغاربي خيارا استراتيجيا لا محيد عنه وأن الهدف هو خدمة المنطقة وسكانها هو وإحياء المغرب العربي الكبير لكن الخلاف الكبير سيظل هو حذف أو التصريح بحرف الميم بين من يريد المنطقة بلا ميم فجعلها ((الصحراء الغربية )) وبين من يصر على حرف الميم فيجعلها ((الصحراء المغربية ))
وربما قد يكون في طرح حزب الأصالة والمعاصر حلا وسطا من خلال إطلاق اسم الصحراء الغربية على جهة أقاليمنا الجنوبية في إطار قانون الجهوية الموسعة الذي يراهن عليه المغرب …
إن المغرب والجزائر جيران ولا يمكن تغيير الجغرافية ولا التاريخ والمستفيد الأكبر من هذا الصراع المفتعل أيام الحرب الباردة هم تجارالمخذرات ، التهريب و الأسلحة فالجزائر والمغرب أهدروا أموالا طائلة في التسلح حتى أن الجزائر احتلت الرتبة الأولى إفريقيا في الإنفاق على التسلح والبلدين معا يفقدان نقطا مهمة في نسبة النمو هما في أمس الحاجة لهذه الأموال الضائعة وإنفاقها في تحسين ظروف عيش السكان والتعاون بين الجيران بدل تقديمها لتجار السلاح والمخدرات ويستفيد منها المهربون …..
الدادسي