ماذا حدث لأسعار السمك ببلادنا؟،نحن نعلم جميعا أن بلدنا قد حباه الله ببحرين عريضين يحسدنا عليها بعض الجيران من جهة شرق المملكة وشمالها..لدينا البحر الابيض المتوسط في الشمال والمحيط الأطلسي الواسع في الغرب، هي حسب بعض الخبراء في علوم البحار من أغنى المناطق في العالم من حيث الثروة السمكية،ولا غرابة أن تثير هذه الثروة البحرية الطبيعية المباركةحسد الحاسدين و تسيل لعاب الطامعين الشارهين كالإتحاد الأوروبي واليابان وغيرهم ،وهم يسعون في كل مرة الى عقد صفقات واتفاقيات نحن كشعب أمي لانفهم منها شيئا ونجهل عنها الكثير..نحمد الله أولا وأخيراعلى هذه النعم ،نعمة البحار التي لدينا ومافيها لنأكل من رزقهاوطيباتها والى الله ترجع الأمورواليه النشور..
لكن أين المشكلة هنا ياجماعة الخير؟
المشكلة هي أنه ،في الوقت الذي ينتظر فيه الشعب الفقير سياسة استراتيجية لترشيدهذه الثروة البحرية الطبيعية وتوفيرها حتى لأبعد مدينة أودوار أو بادية بشكل يسير وبأثمان مناسبة في جميع اسواق البلاد، نرى العكس بأن اسعارالسمك وهنا أتحدث عن السردين الذي هو في متناول البسطاءوالفقراء والدراويش،نجد أن أسعار هذا النوع من السمك قد تزغبت ونبثت لها أجنحة طويلة وقفزت من سبعة دراهم الى خمسة عشر درهما للكيلوجرام الواحد، وهذا ما جعل من فئة عريضة من الشعب المغربي لا تتذوق هاته النعمة إلا لماما بسبب الارتفاع الصاروخي الذي يشهده سوق الأسماك..يحدث هذا مع السردين العادي ،أما السردين الأسود المعروف عندنا بإسم "كابيلا" الذي كان سابقا يرمى مجانا كوجبة دسمة للقطط الضالة فقد صار ثمنه عشرة دراهم، ولا غلاءعليك يامسكين يامقهور..دون أن ننسى السردين المعلب الذي انتقل ثمنه من ثلاثة دراهم الى أربعةدراهم لعلبة واحدة لاتسمن ولاتغني من جوع…أنا هنا مرة أخرى للتأكيد-حتى لا ننسى- أتحدث عن السردين بعيدا عن أنواع الاسماك الأخرى الغالية جداو التي لم تعد تزين سوى موائد كبارأسماك القرش من علية القوم في البلاد..
وقفة تأمل
حتى السردين العادي فيه انواع وعائلات حسب الباعة المتجولين.أحيانا استوقف بائعا متجولا لأسأل عن ثمن السردين ،ورغم ان هذا الأخير يبدوفي مظهره وشكله كنوع واحد على العربة، الا أن البائع يميزبينه في الأثمان لأن سمك السردين حسب زعمهم أنواع،وسمك مدينة الحسيمة هو النوع الجيد الذي يستحق المدح والثمن حسب الباعة أكثر من سمك مدينة أسفي .وهنا سادتي الكرام لم أعد أفهم أو أفقه شيئا .هل سمك الحسيمة أغلى لأن رأسه صلب وعنيد مثل سكان الحسيمة و إمزورن خاصة في هذه الأيام عندما وصلت رياح التغيير الى المغرب ،ولهذا صار ثمنه دائما اغلى من ثمن سردين أسفي ،مدينة الدراويش والعاطلين والمهمشين بالجملة؟، اريد هنا أن أفهم قليلا حتى لا أموت بليدا،ومن ينورنا بجواب شافي لنفهم قليلا ياجماعة الخير؟..ما نعرفه ان عالم البحار عالم غريب ،عالم واسع وغني تتجول فيه حيتان واسماك العالم بدون تأشيرات ولا جوازات سفرولا مراقبة جمركية ،وتتوالد في أي مكان دون قيود ،وأن الأسماك الكبيرة تلتهم الاسماك الصغيرة مثلما يفعل بني البشر الذين لايزالون بعيشون وفق قانون الغاب حيث حرب الجميع ضد الجميع..
صفوة القول ياجماعة :
الكل يعلم أن الدولة من حيث المبدأ هي دولة الشعب بأكمله ولا أحد يعلو فيها على القانون،والكل يعلم ايضا وكما أخبرتنا التجربة التاريخية أن الدولة تكون في الغالب وإن لم نقل دائما دولة الطبقة الأقوى،ومن هذا المنطق ياجماعة الخير نلتمس من أسماك القرش من الطبقة المهيمنة أن تنصت ولو قليلا الى معاناة المضغوطين كالسردين في اسفل السلم الإجتماعي ،لأن نار ولهيب أسعار المواد الأساسية تحترق منه طبقات اسفل السلم الإجتماعي التي ستصاب لامحالة إذا استمر الوضع على ماهو عليه بامراض ذات صلة بسوء التغدية في وقت يموت فيه أبناء الطبقات العليا بالسمنة والتخمة ،وهذا عيب وعار وقمة التفاهة و الفظاعة زمن التشدق بحقوق الإنسان والديموقراطية والعدالة الإجتماعية..
محمد حدوي