تقرير اللجنة الجهوية لتقصي الحقائق حول أحداث تازة

توصل الموقع الاخباري فاس نيوز لجهة فاس بولمان و النواحي بتقرير اللجنة الجهوية لتقصي الحقائق حول أحداث تازة عن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع جهة فاس

 

تقرير اللجنة الجهوية لتقصي الحقائق
حول أحداث تازة في يوم 01/02/2012
 
السيدات والسادة ممثلات وممثلي الهيئات الإعلامية والهيئات الحقوقية الصديقة، الأخوات والإخوة عضوات وأعضاء الجمعية المغربية للحقوق الإنسان. باسم المكتب الجهوي للجمعية المغربية لحقوق للإنسان فرع جهة فاس نشكركم على تلبية دعوتنا لحضور هذه الندوة الصحفية لتقديم تقرير لجنة تقصي الحقائق التي شكلها المكتب الجهوي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع جهة فاس في اجتماعه الاستثنائي الذي عقده بتازة يوم 07-02-2012 عقب الأحداث الأليمة التي عاشتها مدينة تازة يوم 01/02/2012 وما سبقها من أحداث وتداعياتها.
وقد عقدت هذه اللجنة أول اجتماع لها يوم 09-02-2012 تدارست فيه خطة عملها والتي اعتمدت فيها على مسطرة تقصي الحقائق التي تعتمدها الجمعية وعلى المرجعية الكونية لحقوق الإنسان.
وفي هذا الصدد استندت اللجنة في عملها على أساس الاستماع والزيارات الميدانية والمقابلات مع الجهات المعنية من مسؤولين محليين وهيئات سياسية ومدنية وما تداولته الصحافة في الموضوع إضافة إلى التقارير التي أنجزها الفرع المحلي بتازة.
I. السياق العام للأحداث:
من خلال رصد السياق العام والمعطيات التي تم تجميعها وفحصها يتضح أن الأحداث موضوع التقصي ليست وليدة اللحظة، بل هي نتيجة تراكمات لم يتم التعامل معها بجدية وبالشكل المطلوب. وسنقتصر على بعض المؤشرات تم رصدها خلال المنتصف الثاني من السنة الماضية (2011) على مستوى إقليم تازة:
1- تفشي البطالة بإقليم تازة وذلك بسبب التهميش الذي طال الاقليم منذ عقود وسيادة الزبونية والمحسوبية وبالخصوص وسط حاملي الشواهد الذين كثفوا من احتجاجاتهم.
2- الإغلاق اللاقانوني لمجموعة من المؤسسات الإنتاجية على قلتها نموذج كرانطيكس شركة سلكس، شركة الفردوس..، المتخصصة في قطاع النسيج، إضافة إلى عدم احترام المؤسسات الإنتاجية لمقتضيات مدونة الشغل. هذه الممارسات كانت موضوع عدة احتجاجات من طرف عمال وعاملات الحي الصناعي الوحيد بالمدينة والتي قوبلت بالتجاهل من طرف السلطات المحلية المفترض فيها التدخل من اجل فرض احترام قانون الشغل وحماية حقوق العمال والعاملات. لكن العكس هو الذي حصل فهذه الأخيرة انحازت إلى جانب الباطرونا.
3- الاحتجاجات المتكررة لساكنة اكنول على خلفية تردي الخدمات الصحية بسبب تحويل المستشفى المحلي إلى مجرد مركز صحي وهو ما دفع الساكنة إلى التهديد بتنظيم مسيرة نحو العمالة، الشيء الذي دفع مندوب الصحة إلى عقد لقاء مع ممثلي الساكنة أسفر عن التزامات لم يتم الوفاء بها.
   4- احتجاجات ساكنة الجماعة القروية تايناست على تدني الخدمات العمومية (الصحة، التعليم، والبنيات التحتية من طرق، ومسالك وقناطر…) الخروقات التي طالت بعض المشاريع المنجزة وكذا بعد مركز أداء فواتير الكهرباء (أكثر من 90 كلم)  كل هذه المشاكل كانت موضوع اجتماع بين ممثلي الساكنة وعامل الإقليم بحضور رئيس الجماعة ورؤساء المصالح الخارجية (الصحة، التعليم، التجهيز، الأوقاف، الشبيبة والرياضة، المكتب الوطني للكهرباء، المبادرة الوطنية للتنمية البشرية) وممثلين عن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع تازة كملاحظين. وقد انتهى الاجتماع ليومه 11 أكتوبر 2011 بعدة التزامات لم يتم الوفاء بها.
5- احتجاجات ساكنة بني افراسن على الانقطاع المتكرر للماء والكهرباء أمام مقر الجماعة القروية والذي قوبل بهجوم من طرف عناصر مسخرة من قبل القائد ورئيس الجماعة والتي اعتدت على الساكنة وممتلكاتها وذلك يوم 18/08/2011.
6- الاستحواذ على الوعاء العقاري من طرف بعض المنتخبين وشبكاتهم ومن طرف المضاربين العقاريين بطرق ملتوية.
7- تساهل السلطات المحلية مع محتلي الملك العمومي والذين يتم تسخيرهم في الاعتداء على نشطاء حركة 20 فبراير.
8- الفساد المستشري داخل مركز تصفية الدم والاحتجاجات المستمرة للمرضى.
9- الوضعية المتردية بالكلية المتعددة التخصصات والاحتقان الذي تعيشه بسبب غياب الحد الأدنى للاشتغال والتحصيل العلمي، فقد بلغ عدد المسجلين بالكلية خلال هذا الموسم أكثر من 9000 طالب وطالبة مع العلم أن الطاقة الاستيعابية تقدر بحوالي 3000 طالب وطالبة ناهيك عن غياب الحي والمطعم الجامعيين مع عدم استفادة عدد كبير من الطلبة من المنحة رغم هزالتها، مع تسجيل قلة الموارد البشرية وضعف الاعتمادات المالية المخصصة للتسيير والتجهيز والبحث العلمي. هذا الوضع جعل من الكلية مسرحا للعديد من الأحداث توجت بمقاطعة الامتحانات التي كانت مقررة ابتداء من يوم 19/01/2012.
10- الاحتجاجات المتكررة لسكان أحياء مدينة تازة (الكوشة، دوار عياد، القدس 1-2-3، المسيرة 1-2 ، الحس الحسني…) أمام مقر المكتب الوطني للكهرباء ومقر العمالة. على خلفية الارتفاع المهول لفواتير الكهرباء. وبالرغم من تقدم المواطنين بتظلماتهم للمسؤولين عن القطاع فانه لم يتم التجاوب مع مطلبهم المتعلق بمراجعة هذه الفواتير.
II. الأحداث والوقائع:
إن ما حدث يوم 01/02/2012 ما هو الا نتيجة طبيعية لتسلسل مجموعة من الاحداث والتي يمكن إجمالها في ما يلي:
1- مع الإعلان عن تنظيم مباراة موحدة على مستوى إقليم تازة، التي كان من المفترض تنظيم أولاها يوم 08 يناير 2012، كثف المعطلون من أشكالهم الاحتجاجية تعبيرا منهم عن رفض هذه المباريات والمطالبة بالتوظيف المباشر، فيوم 2 يناير 2012 قامت مجموعة المجازين باقتحام مقر العمالة ونفدت اعتصاما على سطح البناية دام من الساعة 10 صباحا إلى غاية الساعة 11 مساء. أما يوم 3 يناير 2012 فعرف محاولة اقتحام العمالة من طرف أعضاء الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب تم صدها من طرف القوات العمومية.
2- يوم 4 يناير 2012: اعتصمت مجموعتان من المعطلين حاملي الشهادات. الأولى أمام الباب الرئيسي للعمالة، تتكون أعضاء من الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب، أما الثانية فتتكون من أعضاء مجموعة المجازين.وقفت أمام مدخل الحي الاداري المحاذي للعمالة الذي يقطنه العامل والمسئولين بالعمالة، هذه الأخيرة التي سبق للعامل أن هددها ب "إلى دخلتو للعمالة غادي نقطع رجليكم، او نصيفطكم لديوركم فالكرارس ديال المعاقين" وأضاف "واش نتوما صحراوة باش يوظفكم توظيف مباشر…" إلا أن القوات العمومية منعتهم من ذلك، مستعملة القوة (صفع معطلة حامل، وكسر يد اخرى…)، لتدخل هذه المجموعة في مواجهة مع القوات العمومية، بدعم مع المجموعة الأولى. لتتم مطاردة المجموعتين في اتجاه حي الكوشة القريب من العمالة من طرف القوات العمومية. هذه الأخيرة التي استمرت في مطاردتها للمعطلين بأزقة الحي والاعتداء على كل من صادفته في طريقها بدون تمييز، وقد تزامن هذا مع استعداد ساكنة الحي لتنظيم مسيرة اتجاه العمالة احتجاجا على غلاء فواتير الكهرباء واهتراء البنية التحتية.
لتتزايد حدة المواجهات، استعملت فيها الزجاجات الحارقة، والحجارة كما تم إحراق الإطارات المطاطية ووضع المتاريس في الطريق العمومية بهدف عرقلة حركة سيارات الأمن.وبالموازاة زادت القوات العمومية من اعتدائها وتنكيلها بالمحتجين/ات. هذا الوضع تطور إلى ما هو أسوأ في الفترة المسائية بعد التحاق مجموعة من طلبة الكلية المتعددة التخصصات بمسرح المواجهات. بعد انتهاء وقفة احتجاجية امام محكمة الاستئناف، التي مثل امامها الطالب عز الدين الروسي احد نشطاء فصيل النهج الديمقراطي  القاعدي.
وقد عاين عن قرب فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بتازة بمعية هيآت أخرى. مسرح الأحداث وكيفية تحول حي الكوشة إلى ميدان مسيج بالإطارات المطاطية المشتعلة وبالمتاريس. وبالمقابل القوة المفرطة التي استعملت في حق المحتجين والتنكيل بهم. والضرب  المبرح على مناطق حساسة من الجسم (الرأس والجهاز التناسلي). والاستفراد بالمواطن الواحد والاعتداء عليه بشكل جماعي من طرف عناصر القوات العمومية. ومطاردة المحتجين من طرف سيارات الأمن التي عمدت إلى دهسهم.  كما تمت معاينة رفض سيارات الإسعاف التابعة للوقاية المدنية نقل المصابين في صفوف المحتجين إلى المستشفى. كما سجل اتزان المحتجون وذاك بإحجامهم إضرام النار قرب محطة الوقود المحاذية للعمالة ولمدخل حي الكوشة . وقد أسفرت هذه المواجهات حسب المعطيات المتوفرة عن إحراق سيارة للأمن (انظر محضر المعاينة) وإصابة بعض سيارات الأمن بإضرار. وفقدان جهازين لاسلكيين وتهشيم نوافذ بعض المنازل والمحلات. وإصابة أزيد من 17 معطل (ة) وأكثر من 100 مصاب في صفوف ساكنة حي الكوشة. وحوالي 30مصابا  في صفوف القوات العمومية.
ولم تتوقف المواجهات إلا حوالي الساعة السادسة مساءH18 (H19) بعد تدخل لجنة مشكلة من مجموعة من الهيئات من بينها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع تازة، التي عملت على تهدئة الوضع، عبر إقامة منطقة فاصلة بين الطرفين.
3- ليلة 15/16يناير 2012 نظم مجموعة من المواطنين من سكان حي القدس 1 و2 مسيرة إلى منزل رئيس المجلس البلدي للاحتجاج على عدم جمع القمامات من أمام منازلهم. وليلة 16/17 يناير 2012 تجمع العديد من المواطنين/ات أمام مقر العمالة للاحتجاج على انقطاع التيار لكهربائي، منهم من رشق باب العمالة بالحجارة، والحي الإداراي وبالخصوص مسكن العامل.
4- 22 يناير 2012 انعقد بمقر المجموعة الحضرية ثالث اجتماع بين رئيس الجماعة الحضرية وممثلين عن ساكنة حي الكوشة، حضره بصفة ملاحظ كل من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع تازة، وممثل عن الاتحاد الاشتراكي  للقوات الشعبية، تم التداول خلاله في المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تشغل بال الساكنة. وبعد تشخيصها وترتيب الأولويات. تم تحديد المشاكل التي تتطلب حلا فوريا، والمشاكل التي تتطلب حلا على المدى المتوسط وأخرى تتطلب حلولا على المستوى البعيد لأنها تكتسي بعدا وطنيا وتتطلب تدخل الجهات المركزية، وأسفر هذا الاجتماع عن توقيع محضر مشترك، التزم من خلاله الرئيس بتحقيق المطالب التي تدخل في مجال اختصاصات الجماعة. والتدخل للعمل على حل باقي المشاكل.
5- يوم 30 يناير 2012 نظمت ساكنة دوار هرشيل بباب مرزوقة- تبعد عن تازة بحوالي 19  كلم مسيرة سلمية راجلة في اتجاه عمالة اقليم تازة، توجت بوقفة احتجاجية (حوالي 300 مواطن) للمطالبة بتجهيز قنطرة وبناء مستوصف وربط 20 منزل بشبكة الماء الصالح للشرب والكهرباء والتي حرمت من هذه الخدمة لأسباب انتخابية.
وفي نفس اليوم أيضا تم اعتقال ستة شباب من حي الكوشة، من طرف المصالح الأمنية وهم:
اسم المعتقل    مدة الحكم    مبلغ الغرامة
سعيد امكايز      8 أشهر نافذة    500 درهم      
يوسف الشيباني        8 أشهر نافذة    1000 درهم      
هشام شيحت           6 أشهر نافذة    500 درهم  
عبد الإله الدكيكي    4 موقوفة التنفيذ    500 درهم
احمد عياش ( قاصر)    أجلت 28 فبراير 2012     
اعبابو جواد    أحيلت على غرفة الجنايات     
 
6- 31 يناير 2012: عرفت مجموعة من الاحياء نذكر منها حي الكوشة- حي الكعدة- حي المسيرة 1و2 – حي القدس 1و2و3- المدينة القديمة – حي امسيلة – حي البحرة- حي الرشاد- حي المسعودية- الحي الحسني- العديد من الاحتجاجات التي استمرت الى وقت متأخر من الليل احتجاجا على اعتقال الشباب الست المذكورين أعلاه.
7- 1 فبراير: تطور منحى الأحداث، واخذ شكل تصاعدي، فقد نظمت وقفات احتجاجية أمام كل من المحكمة الابتدائية ،محكمة الاستئناف التي كان من المنتظر تقديم المعتقلين السالفي الذكر بإحداهما،ووقفة أمام السجن المحلي منظمة من طرف عائلة عزالدين الرويسي وقطع الطريق الوطنية من طرف العديد من المحتجين من مدينة تازة. هذه الوقائع والاحداث تفاعلت فيما بينها لتنتهي بتنظيم مسيرة ضخمة في اتجاه حي الكوشة لتندلع موجهات عنيفة بين المحتجين والقوات العمومية. هذه المواجهات التي اندلعت حوالي الساعة الثالثة مساء واستمرت إلى حوالي الساعة العاشرة ليلا. ومع وصول تعزيزات أمنية من مناطق أخرى، انطلقت حملة تمشيطية بأزقة وشوارع الحي، وحسب إفادات ساكنة الحي فإن القوات العمومية اعتدت بشكل هستيري على كل من صادفته في طريقها، واقتحمت العديد من المساكن بعد تكسير أبوابها وخربت بعض محتوياتها، واعتدت على مجموعة من قاطنيها وخربت عدادات الكهرباء. وقد عاينت اللجنة تجهيزات بعض المنازل مخربة (تلفازات،PC، نوافذ..) إضافة إلى واجهات مجموعة من المحلات(مقاهي ودكاكين…). ودائما حسب نفس الإفادات فان القوات العمومية وصفت ساكنة الحي بأبشع النعوت مثل ابناء اوفقير، وهددت النساء بالاغتصاب بعد أن وصفتهم بالعاهرات.
وفي اللقاء الذي جمع اللجنة بعامل عمالة اقليم تازة الذي نفى ما تم ذكره. كما نفى كون عناصر القوات العمومية اقتحمت مساكن الغير بعد تكسير أبوابها. وعلل ذلك بكون الحملة التمشيطية لم تدم إلا ربع ساعة وان عناصر القوات العمومية لم تنزل من السيارات التي كانت تقلها خوفا من اختطافها. لكن شهود عيان كانوا متواجدين بالمركز التربوي أكدوا لنا  بان الحملة استمرت إلى وقت متأخر من الليل(الثالثة والنصف صباحا).
وهو ما أكدته تصريحات مواطنات ومواطنين من الحي، وتؤكده بيانات صادرة عن هيئات سياسية ومدنية بالمدينة إضافة الى تصريحات صحفية لبعض البرلمانيين.
وقد اسفرت هذه المواجهات عن عدة إصابات في صفوف المحتجين/ات البعض إصابته بليغة. لكننا لم نستطع تحديد عددها بدقة لغياب إحصائيات دقيقة. لان أغلبية المصابين فضلوا علاج اصابتهم بطرقهم الخاصة خوفا من الاعتقال. أما الحالات التي تلقت علاجها بالمستشفى الإقليمي فتقدر ب 16 حالة حسب ما صرح لنا به مدير المستشفى. أما في صفوف القوات العمومية فقد أسفرت عن إصابة 94 من عناصرها حسب ما صرح لنا به عامل عمالة إقليم تازة. كما أسفرت أيضا عن اعتقال 27 شخصا. منهم من أطلق سراحه (14) وأحيل 13 شخصا على المحكمة من بينهم 8 حالات عرضت على مستشفى ابن باجة حسب ما صرح لنا به مدير المستشفى.
وفي اليوم الموالي استمر حصار القوات العمومية لحي الكوشة. التي منعت مجموعة من المواطنين/ات من التوجه إلى مقرات عملهم. وقامت بالاعتداء على المواطنين وبالحد من حرية تنقلهم واستمرت في عملية الاعتقال العشوائي.
8- يوم 3 فبراير 2012: انطلقت حوالي الساعة 4 زوالا مسيرة من حي الكوشة في اتجاه المحكمة الابتدائية التي كان من المنتظر أن يمثل أمامها المعتقلون (المجموعة13) وقد اجلت الجلسة إلى يوم 7 فبراير 2012 على الساعة الثانية والنصف زوالا. إلا ان احالة المعتقلين على المحكمة تمت في الساعة التاسعة صباحا في سرية تامة وبدون علم دفاعهم وخارج التوقيت المحدد لجلسات التلبس. وعلى ما يبدو فقد تحكم في القرار الهاجس الأمني. وقد سجل الفرع المحلي أن مسيرة يوم 3-2-2012 كانت سلمية ولم يسجل اي تجاوز.
9- يوم 04/02/2012: سيخيم الرعب من جديد على حي الكوشة. فحوالي الساعة الرابعة والنصف انطلق مسلسل جديد من استعراض القوة لمختلف القوى الأمنية. وقامت بمطاردة الجميع وبدون سبب يدعو لذلك. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل تم اللجوء إلى التنكيل بالمواطنين وإرغامهم على الدخول إلى منازلهم وإغلاق محلاتهم وقد عاينت الجمعية لحظتها حضرا حقيقيا للتجوال داخل الحي وترهيبا للساكنة دون تمييز بينهم.
10- يوم 07/02/2012: سيعرف حلقة أخرى من حلقات التدخل العنيف في حق المواطنين فعلى اثر مسيرة احتجاجية انطلقت على الساعة الحادية عشرة من أمام مقر المحكمة الابتدائية في اتجاه حي الكوشة ستتدخل القوات العمومية بطريقة غير مبررة ليتم تفريقها قرب بناية الوقاية المدنية. وقد أسفر التدخل عن إصابات عديدة في صفوف المحتجين كانت ابلغها اصابة حارس مقر U.M.T محمد الغوباشي بكسر مزدوج  في رجله اليمنى استلزم عملية جراحية. وبعد الزوال ستعرف بناية المحكمة الابتدائية والشوارع المحاذية لها إنزالا امنيا كثيفا وحضورا قويا للمواطنين ولعائلات المعتقلين، غير أن المحاكمة سيتم تأجيلها إلى يوم 09/02/2012 . وهي المحاكمة التي ستشمل ملفين: ملف عدد 2012/140 والذي يخص إحداث 04/01/2012 وملف عدد 2012/145 ويخص معتقلي إحداث 01/02/2012 البالغ عددهم 13 معتقلا وهم:
اسم المعتقل    مدة المحك بها    مبلغ الغرامة
1- رضوان الخرباوي
2- محمد لمقدم
3- بن عبد العالي محمد
4- محمد غلات
5- جمغيلي فؤاد
6- الدكيكي عد الصمد
7- المكي رشيد
8- عبد العزيز قرطيط
9- الحمداوي مصطفى
10- البيوسفي م محمد
11- أكرم دعنون
12- البنوني منعم
13- عمر الفاسي    1- 10 أشهر نافذة
2- 5 أشهر موقوفة التنفيذ
3- 5 أشهر موقوفة التنفيذ
4- 10 أشهر نافذة
5- 5 أشهر موقوفة التنفيذ
6- 10 أشهر نافذة
7- 10 أشهر نافذة
8-10 أشهر نافذة
9- 5 أشهر موقوفة التنفيذ
10 – 10 أشهر نافذة
11- 5 أشهر موقوفة التنفيذ
12-5 أشهر موقوفة التنفيذ
13- 5 أشهر موقوفة التنفيذ    1000.00DH
3000.00DH
3000.00DH
1000.00DH
3000.00DH
1000.00DH
1000.00DH
1000.00DH
3000.00DH
1000.00DH
3000.00DH
3000.00DH
3000.00DH
 
  III. أطوار المحاكمة
يوم 09/02/2012 وعلى الساعة الثانية والنصف انطلقت أطوار محاكمة المعتقلين 17 بقاعة المحكمة الابتدائية   والتي لم تستوعب العدد الكبير من المواطنين الذين تابعوا فصول محاكمة مارطونية امتدت إلى 12 ساعة. وقد كانت جوانب الشارع المؤدي للمحكمة غاصة بعدد كبير من المواطنين والمواطنات(حوالي 2500)  وعدد كبير من مختلف الأجهزة الأمنية والتي رابطت بمحيط المحكمة  وآزر المعتقلين حوالي 20 محام ومحامية من هيأت الدفاع لكل من تازة.،فاس، جرسيف. وبصدد المحاكمة سجل الفرع المحلي للجمعية ما يلي:
1- انطلقت جلسة المحاكمة برفض طلب هيئة الدفاع القاضي بتأجيل المحاكمة وذلك من اجل تمكين محامون من خارج هيأة دفاع تازة عبروا عن استعدادهم لمؤازرة المعتقلين من الاطلاع على الملفات. غير ان رئيس الجلسة رفض الطلب بدعوى أن الملفات جاهزة.
2- ابتدأت الجلسة بتقديم المجموعة 13 والمتهمة بارتكاب التهم التالية: تعييب أشياء مخصصة للمنفعة العامة واهنة موظفين إثناء قيامهم بعملهم وارتكاب العنف في حقهم والعصيان والمساهمة في عصيان وقع إثنائه ضرب وجرح واستغلال أطفال دون 15 سنة لممارسة عمل قسري وتحريضهم على ذلك واقتلاع أشجار الغير وحيازة أسلحة في ظروف من شانها تهديد سلامة الأشخاص وقد توبع المتهمون بمقتضى الفصول: 263 و267 و300 و301و302و303 مكرر و406و467و595و599 من القانون الجنائي.
3- بعد عرض التهم الموجهة للمجموعة 13 تقدم الدفاع بمجموعة من الطعون الشكلية استعرض فيها الخروقات التي شابت المحاضر المنجزة من طرف الضابطة القضائية وهي كالتالي:
1- الدفع المتعلق بخرق الفصل 23 من الدستور والمادة 66 من قانون المسطرة الجنائية.
2- الدفع المتعلق بعدم إشعار عائلة المتهم/ خرق المادة 67 من قانون المسطرة الجنائية.
3- الدفع المتعلق بعدم حياد الشرطة القضائية.
4- الدفع المتعلق بعدم وجود حالة التلبس: المادة 69 من قانون المسطرة الجنائية.
5- الدفع المتعلق بخرق المادة 71 من قانون المسطرة الجنائية.
6- الدفع المتعلق بعدم احترام مقتضيات الظهير المتعلق بالتجمعات العمومية (15/11/1958) .
وبناء على هذه الدفعات الشكلية التمست هيأة الدفاع بطلان المحاضر التي بنيت عليها المتابعة والاقتصار بما سيروج بالجلسة ورفع حالة لاعتقال عن المتهمين ومتابعتهم في حالة سراح.
أما على مستوى المضمون فقد أنكر المتهمون جميعا التهم المنسوبة إليهم موضحين أنهم تعرضوا للعنف بمخفر الشرطة وانه لم تتلى عليهم تصريحاتهم التمهيدية وأنهم لم يشعروا بالتهم المنسوبة إليهم ولم يتم إشعارهم بحقهم في التزام الصمت أو توكيل محامي كما عاينت المحكمة أثار الجروح والضرب على المتهمين الذين أكدوا جميعا أن توقيعاتهم على المحاضر انتزعت منهم عن طريق العنف والإكراه.
4- في مرافعته تشبث الدفاع بالدفعات الشكلية المثارة والتمس على أساسها التصريح ببطلان المحاضر طبقا لمقتضيات المادة 751 من قانون المسطرة الجنائية. كما أكد الدفاع على انتفاء الإثبات وانعدام الأدلة في شان الوقائع موضوع المتابعة خاصة وان الضابطة القضائية كانت خصما وحكما في نفس الوقت لتؤكد بعد ذلك على الشق الحقوقي والسياسي على اعتبار أن ما حدث يومه 01/02/2012 هو نتيجة لسياسة الإقصاء والتهميش الذي عانته وتعانيه المدنية.
5- بخصوص المجموعة الثانية المتابعة على خلفية أحداث 04/01/2012 طبقا للفصول 406و263و297 و300و301و302و303 مكرر و595 من القانون الجنائي فقد سجلت هيأة الدفاع نفس الملاحظات سواء على مستوى الشكل أو على مستوى المضمون وقد كان المتهمون أخر من تكلم. وبعد ذلك تم رفع الجلسة للمداولة حيث تقرر رفض ملتمس السراح وتعيين يوم 14/02/2012 كتاريخ للنطق بالحكم.
IV. الخلاصات
من خلال الوقائع السالفة الذكر نخلص إلى ما يلي:
1- الأحداث التي عاشتها مدينة تازة يوم 01/02/2012 وما ترتب عنها هي نتيجة طبيعية للتهميش الذي عان ولازال يعاني منه إقليم تازة ككل رغم المؤهلات التي يتوفر عليها. وهي نتيجة لطبيعة تعامل المسؤولين مع المدينة باعتبارها محطة عبور بين شرق المغرب وغربه.
2- الأحداث هي نتيجة للظلم والحيف الذي تعرضت له ساكنة تازة بسبب تراكم ممارسات رجال السلطة والفساد الإداري والمالي المستشري على مستوى تدبير الشأن المحلي وتفشي الرشوة والزبونية.
3- غلاء فواتير الكهرباء وعدم اكتراث المسؤولين بمطالب الساكنة شكل الشرارة التي فجرت الوضع داخل المدينة.
4- تعامل المسؤولين على المستوى المحلي مع المطالب الاجتماعية والاقتصادية لساكنة تازة طبعه المنطق الأمني والرهان على إضعاف وتأكل الاحتجاجات.
5- البلاغ الحكومي حول أحداث تازة مجانب للحقيقة وتكذبه الوقائع السالفة الذكر، فما وقع كان نتيجة للمقاربة الأمنية وعدم التزام جميع  المسؤولين بوعودهم تجاه الساكنة.
6- الوضعية المتأزمة للكلية المتعددة التخصصات وفشل السياسة التعليمية والحيف القانوني الذي يحرم الطلبة من الماستر والدكتورة من جهة ومن جهة اخرى حرمان الاساتذة من البحث العلمي كل هذا ساهم بشكل او بآخر في تأزيم الوضع بتازة.
7- ما صرح به عامل الإقليم في حق ساكنة تازة وفي حق المعطلين هو شكل من أشكال التمييز.
8- التعاطي الإعلامي لبعض المنابر الإعلامية لم تحكمه أخلاقيات المهنة/ نموذج القناة الثانية التي حرفت الحقائق والوقائع واقتصرت في تغطيتها للإحداث على الرواية الرسمية وأقصت الرأي الآخر، علما أن هذه القناة تمول من الميزانية العامة.
9- إن إقدام السلطات المحلية بتازة على استعمال القنابل المسيلة للدموع وفرض الحصار على حي الكوشة واستباحت القوات الأمنية لحرمة المنازل واستعمال القوة المفرطة في حق المحتجين والحط من كرامة ساكنة الحي والتعنيف اللفظي في حقهم ونعتهم بأقبح النعوت والألفاظ والتهديد بالاغتصاب هو انتهاك للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان ومن بينها مدونة لقواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين والتي اعتمدتها الجمعية العامة في 17 دسمبر 1979 خاصة المادة 2و3و5.
10- إن حماية الممتلكات العامة والخاصة من مسؤولية السلطات العمومية ولا يجب أن تكون مبررا لانتهاك الحق في الاحتجاجات السلمية وكافة حقوق الانسان ويجب إعمال القانون في التعاطي مع كل أشكال العنف أيا كان مصدرها وآيا كانت مبرراتها  .
V. التوصيات:
1- فتح تحقيق محايد ونزيه للكشف عن الحقيقة وتحديد المسؤوليات بشان الأحداث التي عرفتها مدينة تازة وخصوصا يوم 01/02/2012 مع إعمال العدالة وتفعيل مبدأ عدم الإفلات من العقاب لكل من ثبتت مسؤوليته عن الأحداث والأسباب التي أدت إلى تلك الأحداث وما نتج عنها من انتهاكات لحقوق الإنسان.
2- إطلاق سراح جميع المعتقلين وإيقاف مسلسل المتابعات على خلفية الأحداث ومحاسبة كل من تورط في تعذيب وتعنيف المعتقلين.
3- جبر الضرر المادي والمعنوي الذي لحق بالعديد من ساكنة حي الكوشة على يد القوات العمومية.
4- مساءلة أفراد القوات العمومية الذين تطاولوا على حرمات المنازل وكرامة المواطنات والمواطنين ومحاكمة جميع الأشخاص الذين تجاوزوا الصلاحيات المخولة لهم قانونا لتطويق الأحداث واحترام الدولة لالتزامها المتعلق بتطبيق مضامين اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من أشكال المعاملة القاسية واللاانسانية أو المهينة.
5- رفع العسكرة عن المدينة وسحب القوات العمومية من الأحياء وعلى رأسها حي الكوشة.
6- رفع التهميش والإقصاء عن المدينة بما يضمن حق الساكنة في التنمية وضمان الحياة الكريمة كما هو منصوص عليه في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
7- احترام الحريات العامة من طرف السلطات المحلية وتوفير كل إمكانيات تصريف مختلف احتجاجات السكان السلمية.