موكب جنائزي رهيب و عودة المواجهات و الاعتقالات
تازة : بشرى اليازغي
عاش" حي الكوشة " بتازة موجة من الغضب و الاستنكار و النحب بعدما علمت الساكنة ان شابا ينتمي الى الحي قتل من طرف البوليس، تمت مطاردته في الجبال المطلة على الحي و بيدها مذكرة البحث ، و افادت مصادرنا الخاصة ان الشاب كان مبحوثا عنه بتهم سرقة "راديو كلطي و لكي" لرجال الامن خلال الاحداث الاخيرة التي عرفتها مدينة تازة و التي اتت جراء الاقصاء و التهميش الممنهج الذي تعرفه المنطقة و الارتفاع الصاروخي في فواتير الماء و الكهرباء ، وتفشي البطالة في صفوف خريج الجامعات ، و أمام الاذان الصماء للسلطات الادارية و نهجها لسياسة القمع و الترهيب و الترويع ، وابتعادها عن لغة الحوار و التواصل، و فتح الابواب الرئيسية للمسؤولين عوض الاقتصار على استقبال المواطنين من الابواب الخلفية ، كل هذا أزم من وضع المدينة و عجل بدخول الساكنة في صراع دامي مع رجال الامن و أسفر عن اصابات في كلا الطرفين ، وبعد الاعمال الدامية تحركت الشرطة القضائية في اصدار مذكرات بحث لمجموعة من المواطنين بتهم متنوعة ، و بالفعل ما كان ينطبق على الشاب الهالك و الذي كا يسمى قيد حياته "نبيل الزوهري " و هو من مواليد سنة 1991 و يتابع دراسته بالتعليم الاصيل ، و امام الاخبارية التي توصلت بها العناصر الامنية بتازة مفادها ان المعني بالامر يوجد رفقة اصدقائه بالجبل المجاور لحي الكوشة في نزهة ربيعية و هم بصدد اعداد وجبة الغذاء في الطبيعة ، بعد ذلك تحركت العناصر الامنية ووصلت الى عين المكان لكن اعين نبيل كانت اٌقوى رصدامن رجال الامن و حاول الفرار و لكن المطاردة الهوليودية و الخوف الشديد من محاولة اعتقاله ،زاغت رجله بدفعة من احد العناصر الامنية التي كانت تحاول القبض عليه ، و اما وعرة التضاريس هوى من علو مرتفع لأكثر من 15 مترا و سقط على رأسه مغمى عليه ، و امام الوضع حاول رجال الامن الفرار من مسرح الجريمة و لكن بعد صراخ اصدقاء نبيل حتم على رجال الامن الاتصال بالإسعاف ، وبعد ذلك نقل على وجه السرعة الى المستشفى الاقليمي بتازة و امام الضربة الخطيرة تم تحويل نبيل الى المستشفى الجامعي بفاس ، ووصل الى قسم المستعجلات حوالي الساعة الثامنة ونصف مساءا و لكن جثة هامدة و أكد لنا احد مرافيقه أن الضحية فارق الحياة في الطريق جراء نزيف على مستوى الدماغ ، و امام مفارقة الشاب حياته تحركت النيابة العامة بتازة من أجل فتح تحقيق في النازلة و اصدر الاوامر بتشريح الجثة قصد تحديد أسباب الوفاة ، ونقل في ساعات متأخرة الى مستودع الاموات بمستشفى الغساني ، و ظهر يوم الاحد نقل الى تازة مرة أخرى من أجل دفنه هذه المرة، و علمت مصادرنا أن مراسيم الجنازة تحاول السلطات ان تمر في سرية و أن قسم العمالة استدع الاب المكلوم من اجل اخباره بتكفل العمالة بمراسيم الدفن و العزاء و الضغط عليه من اجل اقتصار مراسيم الدفن على العائلة دون فتح الطريق للهيئات الحقوقية و للطلبة القاعديين بتازة لحضور المراسيم خوفا من اندلاع مواجهات أخرى، و لكن حالة الفكرة دون ذلك و استقبل الشهيد اما المقبرة بألاف المشيعين لحضور مراسيم الدفن عشية اليوم بمقبرة تازة العليا ، من جهة اخرى تعرف المدينة في هذه الاثناء غليانا و انزالا لعناصر الامن خوفا من اقتحام العمالة بعد عملية الدفن ، و حاولت الجماهر تنظيم و قفة احتجاجية امام مقر العمالة، لكن وجهوا بتدخل امني عنيف و تم تفريقهم في كل الاتجاهات مستعملين سيارات التدخل السريع و القنابل المسيلىة للدموع ، و شنت القوات الامنية اعتقالات عشوائية في شباب المدينة ،مما خلق نوعا من الرعب و الهلع في الساكنة و التي تخاف على اعتقالات أبنائها أو اعادة محاولة اقتحام منازلها ليلا ، و امام هذا المستجد تكون تازة مرة أخرى استفاقت من جرحها الاول لتدخل في جروح أخرى ان بقيت دار لقمان على حالها، و اختارت لغة العصا عوض لغة الحوار و التواصل ،و ليعلم العالمون أن لايستهينوا بما يقع في جموع تراب المغرب لآن الوطن مستهدف من الداخل و الخارج ، همهم الوحيد زعزعة استقرار الوطن و ادخاله في دوامة العنف التي لا تنتهي ، و لذا اصبح عاجلا من الجهات العليا و المسؤولين التدخل لحل مشاكل المواطنين ، فاسترجاع هبة الدولة بعد الخروج من الربيع العربي بسلام بفضل الاستراتجية التي نهجها الملك و انصاته لقلب الشارع ، من دستور جديد و حل للحكومة و اجراء انتخابات برلمانية مبكرة،كلها بوادر كانت ايجابية ، فلغة القوة و المقاربة الامنية اصبحت متجاوزة ،اذ اصبح من الازم الدخول على الخط لآيجاد حلول حقيقية و سلمية و فتح الحوار في اطار دولة الحق و القانون عوض استعمال لغة القمع و العنف و التي غالبا ما تكون نتائجها وخيمة على استقرار البلاد في خضم الاحداث المتتالية .