دعوات دولية لإصلاح قوانين الاغتصاب بالمغرب

دعت منظمات حقوقية دولية السلطات المغربية إلى إصلاح قوانين العنف الأسري والاغتصاب في المملكة العربية الواقعة في شمال غرب القارة الأفريقية، في أعقاب انتحار فتاة بعد إجبارها على الزواج من شاب قام باغتصابها، لتجنب تقديمه إلى المحاكمة.

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش، في تقرير لها الجمعة، إنه ينبغي على المغرب أن يسن قانوناً فعالاً حول العنف الأسري، وأن يلغي مقتضيات القانون الجنائي، التي تسمح في الممارسة لرجال متهمين باغتصاب أو ممارسة الجنس مع قاصر، بتجنب الملاحقة القضائية إذا تزوجوا بضحاياهم.

وأشار التقرير إلى أن الفتاة أمينة فيلالي، التي لم يكن عمرها يتجاوز 16 عاماً، أقدمت على الانتحار في العاشر من مارس/ آذار الجاري، في إحدى القرى القريبة من مدينة “العرائش”، شمال غربي المملكة، بعد زواجها في ظل هذه الظروف.

وأثارت وفاة فيلالي جدلاً عاماً حول الفصل 475 من القانون الجنائي، ونظمت مجموعة من المنظمات النسائية والحقوقية وقفة احتجاجية أمام البرلمان المغربي في العاصمة الرباط، قبل أسبوع، للمطالبة بتعديل قوانين الاغتصاب، كما حظيت قضيتها بتغطية واسعة من طرف وسائل إعلام رسمية ومستقلة.

وقال التقرير إن مكافحة العنف ضد النساء والفتيات في المغرب تتطلب، ليس فقط إلغاء الفصل 475، ولكن مجموعة من الإصلاحات الإضافية، التي تخفف من العقبات التي تحول دون محاكمة مرتكبي جرائم الاغتصاب والعنف الأسري، فضلاً عن سياسات لضمان تمكين الضحايا من الحصول على الخدمات التي يحتاجون إليها.


ونقل التقرير عن سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، إن “الفصل 475، بقدر ما هو سيئ، فإنه ليس سوى غيض من فيض، من فشل المغرب في مجال حماية النساء والفتيات من العنف.”

وتابعت ويتسن أنه “على الرغم من إصلاحات مدونة الأسرة المغربية في عام 2004، فإن الفتيات والنساء لا يزلن بعيدات عن الحماية، بموجب القانون، عندما يقعن ضحايا للعنف.”

وقالت هيومن رايتس ووتش إن قضية فيلالي تبرز “أوجه قصور كبيرة” في الإطار القانوني في المغرب، حول العنف الأسري والاغتصاب.

وأضافت أنه ليس للمغرب قانون محدد بشأن العنف الأسري، على الرغم من أن أحكام القانون الجنائي تنص على أن الضرب والجرح، إذا كانت الضحية أحد أفراد الأسرة، بما في ذلك الزوجة، يمكن اعتباره “ظرف تشديد” لأغراض الحكم (الفصلين 404 و 414).

وأشار تقرير المنظمة الحقوقية إلى أن القانون المغربي يجرم الاغتصاب في الفصل 486، كما يجرم الأفعال الجنسية مع قاصر “دون عنف”، في الفصل 484.

وينص الفصل 474 على عقوبة السجن لمدة سنة إلى خمس سنوات في حق شخص “اختطف أو غرر بقاصر، تقل سنه عن 18 سنة، بدون استعمال عنف، ولا تهديد، ولا تدليس، أو حاول ذلك”، ومع ذلك، فإن الفقرة الثانية من هذا الفصل تنص على أنه عندما تتزوج القاصر بالرجل، “لا يمكن متابعته إلا بناءً على شكوى من شخص له الحق في طلب إبطال الزواج، ولا يجوز الحكم بمؤاخذته إلا بعد صدور حكم بهذا البطلان فعلاً.”

ويقول نشطاء حقوق المرأة في المغرب إن المحاكم طبقت الفصل 475 في قضايا الاغتصاب، على الرغم من أن صياغته تفترض التبرئة الجنائية فقط عن الأفعال غير العنيفة.

ومنذ وفاة أمينة فيلالي، طالبت دوائر حقوقية ورسمية بضرورة دراسة، وربما مراجعة الفصل 475، من بينهم وزير الاتصال مصطفى الخلفي، ووزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، بسيمة الحقاوي، وهي المرأة الوحيدة من بين الـ29 وزيراً في الحكومة المغربية.

ومع ذلك، بحسب التقرير، فإن الحكومة، التي تشكلت بعد انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، والتي يقودها حزب “العدالة والتنمية” الإسلامي، لم تعلن عن أية خطة للضغط من أجل “تشريع أكثر فعالية، بشأن العنف ضد المرأة.”

وكان الحسن فيلالي، والد الفتاة، التي عُرفت بـ”مغتصبة العرائش”، قد أبلغ cnn، في وقت سابق، بأن ابنته كانت بصحبة “زوجها”، عندما “سقطت على أرض الشارع، وبدأت في التقيؤ”، وعندما وصلت سيارة الإسعاف “كان الوقت متأخراً، بحسب والدها، مشيراً إلى أنها لفظت أنفاسها بعد ساعات من نقلها إلى المستشفى.

وذكرت وكالة الأنباء المغربية الرسمية “ماب” أن الفتاة أمينة فيلالي توفيت نتيجة إقدامها على الانتحار، كما أكد والدها، في مقابلة مع صحيفة “هنا برس”، أن ابنته انتحرت بتناول “سم فئران”، فيما ذكرت مصادر في الشرطة لـcnn أنها ما زالت تواصل تحقيقاتها في ظروف وفاة الفتاة.