خطورة النفاق في المجتمع المغربي

 

خطورة النفاق في المجتمع المغربي

فاس : عبدالله مشواحي الريفي

سنحاول من خلال هذه السلسلة، إنشاء الله تعالى كشف بعض مهلكات ،أو مفسدات القلوب، وستكون على شكل ومضات خاطفة، وخفيفة، تاركين التعمق والتفصيل وخلافات الفقهاء والعلماء،آملين من الله سبحانه وتعالى ونحن في شهر الخيرات ،أن يطهر قلوبنا من كل الشوائب والأدران حتى نعيش حياة سعيدة نتغيى منها الفلاح في الدنيا والآخرة.
الحلقة الأولى: النفــــــــــــــــــــــاق.
نظرا لخطورة النفاق جاء الوعيد الالهي فيه شديدا
يقول الله تعالى:" إن المنافقين في الدرك االاسفل من النار"(النساء 145).
فهو داء وبيل،وشر مستطير وهو مرض العصر و من أخطر الأمراض التي تهلك القلب والنفاق أولا ينزع من صاحبه كل قيم الخير والاصلاح ويجعله منبودا ممقوتا،وثانيا يزرع الريبة والتنافر والفرقة….بين أفراد المجتمع قاطبة.
النفاق لغةوشرعا
لغة وهو: الخلاف والكفر، والفعل :نافق نفاقا
وفي الحديث نافق حنظلة،أراد أنه إذا كان عند النبي صلى الله عليه وسلم أخلص وزهد في الدنيا،وإذا خرج منه ترك ما كان عليه ورغب فيها.(كتاب العين)
وشرعا هو:إظهار الاسلام وإخفاء الكفر.(الحكمة النبوية عفيف طبارة)
و نقل عن ابن جريج قوله:"المنافق يخالف قوله فعله،وسره علانيته، ومدخله مخرجه، ومشهده معيبه"(تفسير القرآن العظيم1/176).

استنتاجات:

1- النفاق نفاقان:أكبر وهو(عقدي) وآخر أصغر وهو (قولي وعملي) وهنا يقول أبن تيمية رحمه الله:"والنفاق كالكفرنفاق دون نفاق، ولهذا كثيرا ما يقال: كفر ينقل عن الملة ،وكفر لاينقل،ونفاق أكبر ونفاق أصغر"
2- النفاق :مخالفة الظاهر للباطن،أي أن الشخص يظهر خلاف ما يبطن، فهو مثلا قد يظهر الابتسامة، وعلامات الود، والحب لكنه يبطن الحقد، والكره وعلامات التذمر.لذلك يقال يأتيك بوجه أبي بكر وبقلب أبي جهل.

والنفاق العقدي (الأكبر)،هو من أشد الأثام في الاسلام، وقد أوعد الله عليه بالعذاب الشديد يوم القيامة فقال:"إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار"( النساء145
يقول ابن رجب:" النفاق الأكبر هو أن يظهر الانسان الايمان بالله وملائكته وكتبة ورسله واليوم الآخر،ويبطن ما يناقض ذلك كله أو بعضه"(جامع العلوم والحكم1/431).
أما النفاق العملي القولي (الأصغر) فهو دون نفاق العقيدة إثما كالذي يقع ويقترف مثلا: الكذب، خيانة الأمانة، مخافة العهود والوعود، الاغراء والتلبيس على الناس،….قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"آية المنافق ثلاث:إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان"(رواه البخاري ومسلم).
ومن ظهرت فيه هذه الخصال فهو شبيه بالمنافقين في أفعالهم.قال ابن رجب:"النفاق الأصغر،وهو نفاق العمل،وهو أن يظهر الانسان علانية صالحة، ويبطن ما يخالف ذلك"(جامع العلوم والحكم 1/431).

بعض صور النفاق التي غفل عنها الكثيرون

تجدر الاشارة الى أن ،آيات القرآن الكريم، ومتون السنة النبوية، محملة بنعت المنافقين، وبذكر صفاتهم وترشد وتحذر المؤمنين منهم، حتى أن القرآن الكريم أفرد سورة باسمهم.
1- سماع الأغاني 
يقول ابن مسعود رضي الله عنه: "الغناء ينبت النفاق في القلب" (شعب الايمان10/223).
قال ابن القيم رحمه الله:" وأيضا فمن علامات النفاق :قلة ذكر الله، والكسل عند القيام الى الصلاة، ونقر الصلاة، وقـــــــــــل أن تجد مفتونا بالغناء إلا وهذا وصفه…."( اغاثة اللهفان 1/250)
والناظر في حال شبابنا اليوم، المهووس بالأغاني، والكليبات الماجنة، يرى أثر هذا الهوس قلبا وقالبا، فعقله وقلبه من ناحية مفتون ومشغول، ويعيش حالات من السرحان الدائم ،تحجمه عن أداء واجباته الدينية والدراسية …ومن ناحية أخرى فأثر هذا الهوس يتجلى من خلال المظهر،من تسريحة الشعر، ونوع اللباس …،قال ابن القيم " النفاق مؤسس على الكذب، والغناء من أكذب الشعر، لانه يحسن القبيح ويزينه ويأمر به، ويقبح الحسن ويزهد فيه وذلك عين النفاق ".( اغاثة اللهفان 1/250)

2- تأخير الصلاة عن وقتها المعلوم
جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم ذم تأخير الصلاة بقوله معلقا:" تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعا لايذكر الله فيها إلا قليلا"(رواه مسلم).
3- التثاقل والكسل في العبادات.
يقول الله تعالى:" إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا"(النساء 142). المنافقون لا ياتون الفرائض لأجل التقرب بها لله،وإنما رياء للناس، ليحسبوهم من الصادقين المتقين،ومن صورها حضور صلاة الجمعة دون غيرها من الصلوات، القيام للصلاة في حضور الناس والانقطاع عنها بعد ذلك، وأيضا الالتزام والمواضبة على الصلاة في رمضان وتركها بعد خروج رمضان، الانفاق أمام الناس رياء،
4- الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف.
المنافقون يحبون أن تشيع الفاحشة بين الناس،فهم يشجعون على الرذيلة ويأمرون بالفسوق،تحت غطاء الحرية، ويعدون الأخلاق تخلفا وينهون عن المعروف ،كدعوتهم للحرية الجنسية،والافطار في رمضان دون عذر شرعي … يقول الله تعالى:" المنافقون والمنافقات، بعضهم من بعض،يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم،نسوا الله فنسيهم،إن المنافقين هم الفاسقون"(التوبة67). ويقول أيضا "إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لاتعلمون"(النور19

في الختام، الحديث في النفاق يطول، وصوره وأبوابه، متعددة يسعها غير هذا المقام، حسبنا أن نكون فكرة مفادها أن النفاق مرض عضال،وخلق ذميم وصف النبي صلى الله عليه وسلم المتخلق به بالغدر،والخيانة والكذب والفجور،لان صاحبه يظهر خلاف ما يبطن،يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:" أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها:إذا ائتمن خان، وإذا حدث كذب ،وإذا عاهد غدر،وإذا خاصم فجر "(رواه البخاري ومسلم). وإن كانت هذه الأوصاف، لاتخرج صاحبها من الدين، إلا أنها إذا استحكمت في النفس البشرية، حولت سلوكه ،وأبدلته خداعا مستمرا ربما عامل بها مع مرور الوقت خالقه، كما كان يعامل بها خلقه من الناس.