نقلت جريدة " الباح" في مقال نشرته صبيحة اليوم أن ماء الصنابير بلون بني ورائحة كريهة وطعم غير مقبول واحتجاج السكان لم يجد آذانا مصغية لم يجد سكان بأحياء مختلفة بمقاطعات المرينيين وجنان الورد وسايس والمدينة القديمة بفاس، يعانون من ضعف جودة مياه الشرب، بدا من اللجوء إلى حلول ترقيعية للتزود بالمادة ولو من أحياء ومناطق بعيدة، خوفا على صحتهم وحياتهم وخطر الإصابة بأمراض الكلي وفقر الدم والتسمم. وأضحت صور تدافع عشرات الشباب والأطفال، للتزود بالكمية الكافية من هذه المادة الحيوية من نقطة ماء قريبة من مفترق الطريقين الوطنيين رقمي 6 و8، مألوفا لدى عابري الطريق في اتجاه تاونات، بشكل لا يخلو من ملاسنات وأحداث قد تكون دامية، واستعراض لعضلات الجسد واللسان. ويفضل آخرون من سكان المدينة العتيقة والجنانات وسهب الورد وعين النقبي، ممن يتوفرون على عربات، التوجه إلى سيدي احرازم البعيدة بنحو 3 كيلومترات عن العين، فيما تشكل المرجة وتجزئة مولاي إدريس، وجهة سكان أحياء قريبة منها، ممن يبحثون عن ماء شرب بجودة أفضل.ويبدو سكان عدة أحياء بمقاطعات سايس وزواغة وأكدال، محظوظين لاستفادتهم من ماء شرب بجودة عالية منبعه منطقة بوركايز، عكس ما عليه الأمر بالنسبة إلى مختلف المقاطعات المزودة بالمادة انطلاقا من نهر سبو المعروف بتلوثه الكبير، الذي يزيد استفحالا خلال فصل الصيف. ورغم إخراج مشروع تطهير مياه سبو، إلى حيز الوجود وبناء محطة التصفية بطريق تاونات قبل سنوات خلت، فمشكل تلوث المياه المستمدة من النهر، يؤرق السكان خاصة بالمدينة القديمة وسيدي بوجيدة والمرينيين، ممن سبق أن راسلوا الجهات المعنية ونظموا أشكالا احتجاجية متعددة. ولا حديث لأبناء تلك الأحياء، إلا عن الماء الملوث المتدفق من الصنابير، مشيرين إلى أن روائح كريهة تنبعث منه خاصة في باب الفتوح وبلخياط وبن دباب وبنسليمان وظهر الخميس، ما يهدد صحة أكثر من 200 ألف مواطن يعيشون تحت رحمة مياه ملوثة قد تعصف بحياتهم في أي لحظة.في فاس العتيقة لم يعد لنظرية الأشياء التي تعلمناها في الصغر، والقائلة إن “لا لون ولا طعم ولارائحة للماء”، أي وجود في قواميسها اليومية، بعدما أصبح للماء لون يميل إلى البني، ورائحة كريهة وطعم غير مقبول، في انتظار التفاتة جدية من الجهات المعنية، إلى هذا الواقع المر. وتحدثت حنان فتاة تقطن بحي الرصيف، عن ماء غير صالح للشرب تنبعث منه رائحة “العطارة”، “نؤدي عنه فواتير خيالية” تطالعنا بها الوكالة المستقلة للماء والكهرباء، كل شهر، دون أن تكلف نفسها عناء توفير مياه بالجودة الضرورية التي تحمي مستهلكيها من الإصابة بأمراض خطيرة قد تودي بحياتهم. وأوضحت أن وباء الكبد الفيروسي وفقر الدم، أمراض استشرت بين سكان المدينة القديمة، خاصة الذين يستهلكون مياه الصنابر. إضافة إلى خطر الإصابة بالإسهال الحاد والتسمم، مؤكدة أن عدة أسر تلجأ إلى خارج الأسوار أو بعض السقايات المتبقية، للتزود بالماء الصالح للشرب. وتساءلت “ما ذنب هؤلاء الفقراء المدقعين في الأحياء الشعبية، حتى يعيشون تحت رحمة ماء ملوث وفواتير ملتهبة، فيما يزود زملاؤهم في أحياء راقية بماء عذب انطلاقا من منطقة بوركايز؟”، متمنية تحقيق مساواة في المجال، حتى لا يحس “أبناء الطبقات الشعبية”، ب”الحكرة” و”القهرة”.وإن كان ما بيد بعض المكتوين بتلوث مياه الشرب بفاس، حيلة لاجترار مرارة “الحكرة”، فآخرون ممن يسر الله عليهم، آثروا استعمال آلات ومصفات خاصة، تحت الصنابير، لتدارك تلوث المياه، وتوفيرها بالجودة اللازمة التي قال عبد المجيد الكوزي أستاذ التربية البدنية، إنها تفوق تلك للمياه المعدنية.3500 درهم مبلغ كان كافيا لعبد المجيد القاطن بشارع محمد القري بالمدينة الجديدة، لطي صفحة المياه الملوثة، وما يليها من تبعات وأضرار صحية، بعدما اقتنى مصفاة ثبتت تحت الصنبور، ومجهزة بآلة للتصفية، متحدثا عن إجراء تجربة أثبتت أن الماء المستخلص أكثر جودة.ورغم أن الوكالة المستقلة للماء والكهرباء، أعادت استغلال محطة معالجة مياه واد سبو، بعد الخسائر المادية الجسيمة التي طالت تجهيزاتها ومعداتها، إبان التساقطات المطرية الغزيرة في الشتاء الماضي، فمشكل تلوث مياه الشرب، مستمر، في انتظار “غودو” ينقذ سكان مهددين في صحتهم.