المساء:التحقيق مع مسؤولي وكالة إنقاذ فاس في انهيار البنايات العتيقة

وقفت هيئة المحكمة على تضارب أقوال المقاول بخصوص قضية ترميم السقف الذي أدى انهياره إلى انهيار البناية كلها. ولاحظت وجود غموض في هذه العملية، وفي عملية توقيع محضر التسليم، بعد أن أكد المقاول أنه أنهى عملية الإصلاح التي كلف بها، قبل الانهيار، وأن ما تبقى من الترميمات قد عمد إلى إدخالها بناء على التماسات لمسؤولين يرجح أن تكون لهم علاقة بمكتب دراسات. والتمس محامي هذا المقاول المتهم إحضار وكالة إنقاذ فاس في الجلسة القادمة، بغرض الاستماع إليها في الأمور التي تتعلق بالجانب القانوني والإداري والمالي لصفقات ترميم وإصلاح هذه البناية العتيقة التي خلفت كارثة إنسانية لا يزال نادل مقهى، أب الأسرة التي ضاعت في الانهيار، يتجرع مرارتها، ويبكي فقدان عائلته. في أول امتحان لها للإجابة عن أسئلة تتعلق بصفقات ترميم البنايات بفاس العتيقة، ستكون وكالة إنقاذ فاس مجبرة، يوم 3 يناير المقبل، على الوقوف أمام هيئة المحكمة باستدعاء مباشر من وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية، وذلك في إطار جلسات تعقد منذ سنة 2010 للنظر في دعوى قضائية رفعها ضحايا انهيار بناية في حي الشرابليين أودت بحياة أم في مقتبل العمر و3 أطفال صغار دفعة واحدة، بالإضافة إلى شخص خامس، وأدت إلى إصابة 3 أشخاص آخرين. وكانت جلسة المحكمة، التي انعقدت يوم الخميس الماضي، قد عقدت بحضور مقاول كان يشرف على عملية إصلاح جزء من هذه البناية، رفقة مكلف بأوراش مقاولته، واعتبرت هذه الجلسة، من قبل الضحايا، جلسة «تاريخية» بسبب هذا الحضور. وقالت المصادر إن الضحايا عمدوا إلى اللجوء إلى تقنية تبليغ المقاول ومساعده عن طريق العون القضائي لـ«إجباره» على الحضور. ولم تستمع المحكمة بعد إلى شهود الضحايا، بالرغم من أن عددا منهم يواظب على حضور الجلسات. ووقفت هيئة المحكمة على تضارب أقوال المقاول، أثناء استجوابه، بخصوص الإصلاحات التي أدخلت على هذه البناية، وقضية ترميم السقف الذي أدى انهياره إلى انهيار البناية كلها. ولاحظت المحكمة وجود غموض في هذه العملية، وفي عملية توقيع محضر التسليم، بعد أن أكد المقاول أنه أنهى منذ مدة، قبل الانهيار، عملية الإصلاح التي كلف بها، وأن ما تبقى من الترميمات قد عمد إلى إدخالها بناء على التماسات لمسؤولين يرجح أن تكون لهم علاقة بمكتب دراسات. والتمس محامي هذا المقاول المتهم إحضار وكالة إنقاذ فاس في الجلسة القادمة، بغرض الاستماع إليها في الأمور التي تتعلق بالجانب القانوني والإداري والمالي لصفقات ترميم وإصلاح هذه البناية العتيقة التي خلفت كارثة إنسانية لا يزال نادل المقهى، أب الأسرة التي ضاعت في الانهيار، يتجرع مرارتها، ويبكي فقدان عائلته، دون أن يجد من يواسيه في هذه المحنة، ومن يقف إلى جانبه لـ«جبر الضرر» المادي وإدانة من تسببوا في هذه الفاجعة التي هزت المدينة. ويعود حادث انهيار منزل حي الشرابليين بدار الطالعة الكبيرة إلى نهاية أبريل من سنة 2010. وكان أحد المتضررين قد تقدم بطعن في محاضر الشرطة حول حادث الانهيار أمام الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بفاس، ما دفع هذا الأخير إلى إعادة فتح التحقيق في الملف، وتم الاستماع من جديد إلى جل الأطراف التي كانت على علاقة مباشرة بالبناية قبل أن تنهار على رؤوس قاطنيها وتخلف ضحايا، ومنهم الشهود الذين نجوا من الموت بأعجوبة بعدما تم انتشالهم وسط الأنقاض، والمقاول الذي أشرف على عملية الإصلاح في إطار صفقة حصل عليها من قبل وكالة إنقاذ فاس العتيقة، والمكلف في شركة المقاول بالإشراف على عملية الإصلاح. وحكى أحد الضحايا، الذين نجوا بأعجوبة من هذا الحادث، عن «تقاعس» السلطات المحلية والمجلس الجماعي في التدخل في الوقت المناسب لإنقاذ هذه البناية من الانهيار، مشيرا إلى أن ساكنة هذه البناية قد سبق لها أن وجهت رسالة إلى ولاية الجهة، تخبره فيها بأن لجنة من المهندسين والتقنيين قد حلت بالمحل في سنة 2006، وصنفته في تقريرها في الدرجة الأولى من الخطورة. وقررت العائلات بعدها تقديم تظلمها إلى والي الجهة، لكنها بقيت تنتظر الرد إلى أن انهار المحل فوق رؤوس عدد من أفراد أسرها. وبسبب هذا الحادث فقد المواطن بوطابة محمد زوجته وثلاثة من أبنائه. أما الهالكة سعيدة الخيام فقد تركت ابنين قاصرين يتيما الأب، وتعرضت زوجة شقيقها أحمد لكسور في رأسها وأطراف أخرى من جسمها. كما تعرض ابنه ياسين الخيام لإصابات في الرأس. في حين أن البقالي حسن وابن صباحو فوزية تعرضا للتشرد بسبب فقدان أمتعتهم بعد الانهيار وبقيا بدون مأوى. واتهم هذا التقرير السلطات المحلية بالتقصير في مراقبة المقاول الذي أشرف على عملية الإصلاح، وهو نفس ما خلص إليه محضر الإحالة ـ في صيغته الثانية ـ والذي أعدته الشرطة القضائية. وقال أحد المتضررين إنه كانت هناك محاولات لطمس هذا الملف من قبل جهات تخاف على نفسها من «المساءلة»، ومنها أطراف في السلطة المحلية ووكالة إنقاذ فاس العتيقة. وفي الوقت الذي أشار فيه المحققون، في المحاضر الأولى، إلى أنه تعذر عليهم الاستماع إلى المالك الأصلي للبناية، توصل محققو المحضر الثاني إلى هذا المالك ودونوا تصريحات أشار فيها إلى أنه لم يطلع على حادث الانهيار إلا في الجرائد، وأقر فيه بأنه كان يؤجر للعائلات المتضررة غرفا في هذا المنزل، لكنها مع مرور الوقت كانت ترفض أداء واجبات الكراء، ما جعله يرفع ضدها شكايات بالأداء والإفراغ. والغريب في تصريحاته هو نفيه أي علم له بأي أشغال ترميم أو إصلاح تجري في محله، مؤكدا أنه لم يتم إشعاره بالموضوع. وقال الشهود إن البناية قد سقطت بسبب إصلاحات شهدها سقف الجناح المنهار. وقال حسن البقالي إن الأطراف المكلفة بالإصلاح قامت، قبل ثلاثة أيام من الحادث، بوضع الإسمنت والزليج على سقف الجناح المنهار، دون أن يعمل البناؤون على تنقية الأتربة القديمة التي كانت بالسطح. وأفادت الشاهدة فوزية بن اصباحو، من جهتها، بأن أشغال الترميم كانت تسير بطريقة عشوائية بالجناح الذي تعرض للانهيار، «حيث وضع الإسمنت والزليج على السقف دون أن يتم التخلص من الأتربة». ومن جانبه، أورد «ح.خ»، والذي كان يشرف على تسيير عمل البنائين بهذا الورش، بأن الجناح الذي تعرض للانهيار لم يكن مندرجا في إطار مهام الإصلاح التي باشرتها المقاولة التي يعمل لحسابها. وبالرغم من ذلك، فإنه أقر بوضع الزليج والإسمنت على سقف الجناح المنهار مبررا ذلك بالسعي وراء منع تسرب مياه الأمطار إلى داخل المبنى حفاظا على الجناحين معا. وقال أيضا إنه لم يكن يسمح بإجراء أي عملية إصلاح بعين المكان إلا بتنسيق وأوامر لجنة تضم مهندسين وتقنيا تابعا لوكالة إنقاذ فاس. وأكد المقاول «م.ع» نفس التصريحات التي أدلى بها هذا التقني، موضحا أن العملية تمت بأمر من اللجنة المشرفة على تتبع عملية الإصلاح، وهي ذاتها التصريحات التي هزت قاعة المحكمة يوم الخميس الماضي، ما دفع أحد المحامين إلى التماس استدعاء مسؤولي وكالة إنقاذ فاس العتيقة.