وجه المغرب غير ما مرة دعوات إلى الجزائر لأجل إعادة فتح الحدود، لكن الجزائر ظلت تربط على الدوام تطوراً من ذاك القبيل بالتوصل إلى اتفاق شامل يتضمن حلاً نهائياً لمشكلة الصحراء، وبما أن تغيير الإيديلوجيات الرجعية أمرٌ من الصعوبة بمكان، فإن الطريق نحو اتحاد مغاربي لا يبدو معبداً في الوقت الراهن، مما يغذي تجارة التهريب على الحدود، ويضخ الحياة في شريان الجماعات الإرهابية التي نجحت في إيجاد موطئ قدم لها بالمنطقة.
ورغم الإمكانات الاقتصادية المهمة التي يتوفر عليها كل من المغرب والجزائر، إلا أن التبادل الحر بينهما يبقى دون المأمول، وفرص التجارة والاستثمار تم الإجهاز عليها بسبب إغلاق الحدود بين البلدين منذ عام 1994، وقد كان بين أهداف تأسيس الاتحاد المغاربي في السابع عشر من فبراير 1989؛ إيجاد سوق واعدة للمغرب والجزائر.
كما أن الاتحاد الذي ضم إلى جانب البلدين ثلاثة بلدان مغاربية أخرى هي تونس وليبيا وموريتانيا، لم يكن مجرد تكتل سياسي فحسب، بل كان يسعى إلى بلوغ حرية التنقل الحر للأفراد والسلع، إضافة إلى ملاءمة الأنظمة الجمركية، وخلق منطقة للتجارة الحرة.
إلى جانب ما قيل، يمثل استمرار الحدود مغلقة بين المغرب والجزائر عائقاً أمام مكافحة الاتجار في المخدرات، في الأثناء التي يعْمَدُ فيها إلى تصوير المغرب كمزود رئيسي للسوق الجزائرية بالمخدرات الخفيفة، ويتناسى الخبراء ووسائل الإعلام في ذلك حقيقةً أخرى وهيَ أن سوق المدارس المغربية مغرقة بدورها بحبوب الهلوسة والأمراض العقلية القادمة من الجزائر، فإذا كان الحبة المهلوسة تباعُ مثلاً بخمسة دراهم في الجزائر، فإن ثمنها يتضاعف ثلاث مرات في المغرب، داخل الإعداديات والثانويات المغربية التي غدت مستهدفة من لدن المتاجرين بها، وذلك عبر استغلال تلاميذ تلك المؤسسات لترويج الحبوب في الساحات والأقسام، كما الشأن مثلاً في مؤسسات بالدار البيضاء مثل: عقبة بن نافع، وولادة، ومصطفى المعني، وهي ليست إلا غيضاً من فيض.
والمغرب في ذلك، ليس سوقاً انتقالية فحسب، بل بلداً مستقبلاً لتجارة حبوب الأمراض العقلية، ففي السابع من غشت 2011، طلب الاتحاد الوطني الجزائري للصيادلة من الحكومة أن توسع نطاق تأثير القرار الصادر رقم 446 الصادر في 23 ماي 2010، الذي تصبح بموجبها الشركات المصنعة للأدوية مالكة لشبكات توزيعها الخاصة، وضغط المستفيدون على الدولة حتى يتمكنوا من الاستمرار في تصدير أدوية الأمراض النفسية إلى البلدان المجاورة.
والمسألة التي تبدو أكثر إلحاحاً في الوقت الراهن، هي اتساع الأنشطة الإرهابية في منطقة الساحل. فتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بمعية مجموعات جهادية أصبح يمول نفسه من خلال فديات يحصل عليها لقاء الإفراج عن رهائن أجنبية يتم اختطافها، مما غدا يفرض إيجاد حل عاجل يخفف من تابعات الوضع الحالي.