منذ اليوم الاول لتواجد الشركة النقل الجديد سيتي باص بدأت احتجاجات السكان تتصاعد ضد رداءة الخدمة المقدمة.
و لشركة سيتي باص تاريخ حافل بقمع اليد العاملة و البداية من مكناس فبمجرد تولي المجلس السابق للجماعة الحضرية بمكناس، مهام تسيير وتدبير الشأن المحلي بالمدينة حتى وجه «كل اهتمامه» إلى الوكالة المستقلة للنقل الحضري، راكبا صهوة خطاب الأزمة، أزمة الوكالة، الديون المتراكمة، الصناديق الاجتماعية غير المؤداة، الأسطول المهترئ، الفائض في اليد العاملة … وبعد أقل من أربعة أشهر على تحمله المسؤولية، أي في شهر دجنبر من سنة 2003، عقد المجلس دورة استثنائية بكل المقاييس، لا من حيث ما استغرقته من حيز زمني، ولا من حيث القرار الذي انتهت إليه (التدبير المفوض للوكالة)!
ودون سابق إعلام، يعقد المجلس دورة ثانية في شهر أبريل من سنة 2004، وعن طريق نفس الأغلبية، فرض تمرير قرار «منح حق الامتياز» بطريقة مفاجئة لم تكلف فيها رئاسة المجلس نفسها حتى تقديم تبرير يسوغ سبب إبطال القرار السابق و نسخه، فكل ما تم تمريره في هذه الدورة هو أن يعلن عن إفلاس الوكالة، في غياب تام لأية دراسة أو اجتهاد قد يدفع إلى الاقتناع بهذا التذبذب و الارتجال !! و كأن إعدام الوكالة، والتخلص من عمالها كان هو الهدف !! وإلا كيف نفسر الإقدام على قرار من هذا القبيل، دون معرفة من سيستفيد من «حق الامتياز» ووفق أي تحملات ستمنح الصفقة؟ وما هي التزامات المجلس؟ ما هي حدود اختصاصاته في الوصاية، و الإشراف على الشركة التي سترسو عليها الصفقة؟
بهذه الطريقة، ونتيجة لهذا الارتجال، أصبح مواطنو مدينة مكناس محرومين من خدمات الوكالة، و فتح المجال لأصحاب حافلات النقل بين المدن ليحلوا محل الوكالة بحافلات أكثر اهتراء حولت شوارع و أحياء المدينة إلى ما يشبه القرية في يوم السوق !!؟ هذا بالإضافة إلى تشريد وضياع 530 عائلة أصبح معيلوها في عداد المعطلين !!؟ و تنتظر المدينة سنتين حتى الزيارة الملكية التي وقف فيها جلالته على واقع النقل العمومي المزري و إعلان غضبه على جميع المسؤولين محددا لهم سقفا زمنيا لإنهاء معاناة المواطنين!! ولكي تتم إجراءات منح الامتياز، كان لزاما أن تؤدى متأخرات الصناديق الاجتماعية للعمال، و أن تؤدى متأخرات الأجور … وأن توجد اعتمادات «المغادرة الكرهية» للعمال !! وأن تؤدى ديون الوكالة… مما كلف الميزانية من المال العام قرابة أربعين مليارا!! نعم أربعون مليارا لقتل خدمة اجتماعية عمومية أساسية !! وإنتاج ضياع وتشريد 530 عائلة!! والحال أن النقابات التي قادت الإضراب البطولي في أبريل وغشت 1990 كانت قد دقت ناقوس الخطر ونبهت إلى بوادر الأزمة، والتي أرجعتها في ذلك الوقت إلى عدم الانتظام في أداء واجبات الصناديق الاجتماعية CNSS + CIMR واعتبار مالية الوكالة صندوقا أسود للسلطات، وملجأ للتوظيف بالزبونية والمحسوبية والنفوذ !! لكن مثل هذه الصيحات في ذلك الوقت، كان يعتبر تدخلا في ما لا يعني العمال!! أو هو ضسارة يجب قمعها!!
هكذا وبقدر ما كانت السلطات الوصية (المجلس الجماعي، وزارة الداخلية) تبدي بخلا قاتلا في رصد أي اعتماد يجنب الوكالة كارثة السقوط، نظرا لدورها الاجتماعي الهام والحساس بالمدينة، بقدر ما أبدت هذه السلطة نفسها كرما حاتميا لا متناهيا !! بمجرد ما تم التلويح بفكرة «إعدام» الوكالة !! والحال أنه لو صرف من اجل إنقاذ الوكالة ثلث ما صرف على إقبارها، لكان واقع النقل العمومي .