لم تكن ربيعة تظن أن يوما سيأتي وتتعرض فيه إلى الاغتصاب أمام أعين أبنائها الصغار، من قبل ابن جيرانها الذي كنت له كل الاحترام والتقدير. صدمتها كانت كبيرة وشرفها يدنس دون أن تنفع صيحاتها وتوسلاتها إليه بتركها وحالها ومراعاة ظروفها. لكنه كان كالوحش المفترس لا يعير للأحاسيس اعتبارا. على غير عادتها، تركت باب منزلها مشرعا في زوال ذاك اليوم الأسود. كانت منهمكة في الطبخ ورعاية أبنائها الذين لم يكمل أكبرهم ربيعه
السادس، في غياب والدهم المنتقل للعمل بمدينة مكناس. لم يخطر ببالها أن مكروها ينتظرها في حادث مؤلم لم ينمح من ذاكرتها رغم مرور أشهر عليه. لم تشك ربيعة أبدا في سلوكات وتصرفات ابن جيرانها عبد المجيد البالغ من العمر 28 سنة، رغم سوابقه العدلية تكوين عصابة إجرامية والسرقة والضرب والجرح والتهديد، وقضائه 5 سنوات وراء القضبان بسجن بوركايز، أدين بها للتهم ذاتها. لكن عاملها بلطف، لكنها صدمت بما أقدم عليه.في ذاك اليوم استغل الشاب الذي كان تحت تأثير الخمر، غياب الزوج وكون الباب مفتوحا، ليفاجئ جارته المحصنة في عقر دارها. وضع سكينا كبيرا على عنقها، وطوقها مهددا بقتلها إن صرخت. طالبها بمبلغ مالي لشراء الخمر، أقنعته بعدم توفرها عليه، وهي تستعطفه أن يرأف بحالها. لم يهتم بتوسلاتها وصراخها وابنها. ونكل بها وعنفها بقبضة سكينه، إلى أن سقطت مغمى عليها من شدة الخوف والتعذيب. حينها استغل الوضع لتجريدها من ثيابها، قبل أن يمارس الجنس عليها بشكل شاذ أمام أعين أبنائها الذين لم يجدوا حيلة لإنقاذ أمهم من بين أيدي وحش مفترس.
فيما أصدرت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بفاس، زوال الثلاثاء الماضي، قرارها رقم 666 في الملف عدد 3/12 المتعلق بإصابة أربعيني بعاهة مستديمة في نزاع مع جيرانه، بعدما ناقشته في خامس جلسة للنظر فيه منذ أول جلسة انعقدت في 13 فبراير الماضي. وأدانت «ع. ح» أب في عقده الخامس متابع في حالة سراح، بسنتين حبسا موقوف التنفيذ، وأدائه لفائدة «ح. ب» المطالب بالحق المدني، تعويضا مدنيا قدره 10 لاف درهم، مجبرا في الأدنى، لأجل الضرب والجرح المؤدي إلى عاهة مستديمة. وبرأت ابنه «ط. ح» من التهمة المذكورة.
تعود وقائع القضية إلى منتصف غشت 2011، لما كان الضحية «ح. ب» عائدا إلى منزله بالدوار، بعدما رافق صديقه «ح. ب» بعد قضائهما سمرا رمضانيا، لما فوجئ بهجوم مباغث من قبل 3 أشخاص اعتدوا عليه بالضرب والجرح، ما أدى إلى إصابته بجروح متفاوتة في أنحاء مختلفة بجسمه.كانت الساعة تشير إلى نحو منتصف الليل، لما وقع الاعتداء الذي تضاربت الروايات بشأنه، فيما نفى الشاهد «ح. ب»، معاينته وقائع الضرب والجرح، مؤكدا سماعه صراخا وطلب نجدة، بعد 5 دقائق من وصوله إلى منزله، قبل أن يعود أدراجه ليجد صديقه «حم. ب» ساقطا أرضا ممرغا في دمائه. ورغم إنكاره معاينة من ضرب الضحية، فإنه أوضح أن صديقه أشار بأصبع اتهامه إلى جاره وابنه وصهرهما، مؤكدا أن الدم كان ينساب من رأسه وعينه ويده، فيما أكدت زوجة الضحية التي استمعت إليها دون يمين، الوقائع ذاتها، مشيرة إلى أنها شاهدت المتهمين الثلاثة يضربون زوجها. وسردت ما عاينته بعدما سمعت صراخ زوجها، قبل أن تجمع الجيران لمعرفة ما حدث، فيما أوضح الضحية أن المتهمين وصهرهما هاجموه وضربوه 3 ضربات دون معرفة سبب ذلك لعدم وجود نزاع مسبق، ما كان سببا في قطع أنسجة يده وتسبب له في عاهة مستديمة.ونفى المتهمان المتابعان طبقا للفصل 402 من القانون الجنائي، المنسوب إليهما أو تورطهما في الاعتداء على «ح. ب»، متراجعين عن تصريحاتهما واعترافاتهما التمهيدية السابقة، فيما عاينت هيأة الحكم أن الضحية لا يستطيع تحريك يده اليمنى بالشكل العادي والطبيعي. الأب «ع. ح» تحدث أثناء الاستماع إليه تمهيديا، عن دفعه الضحية قبل سقوطه، بعدما حاول الدفاع عن نفسه إثر اعتداء تعرض إليه. الرواية التي لم يوردها أثناء الاستماع إليه من قبل هيأة الحكم، شأنه شأن ابنه الذي أنكر وجود بالمكان أو تعريض المصاب إلى الضرب والجرح. والتمس دفاع الطرف المدني، إدانة المتهمين وفق قرار المتابعة لوكيل الملك، وأدائهما تعويضا مدنيا قدره في 20 ألف درهم، اعتبارا إلى أن شهادة الشهود، تؤكد كل الوقائع، متحدثا عن وجود علاقة سببية بين الاعتداء وقطع أنسجة اليد، فيما سار ممثل النيابة العامة في الاتجاه نفسه. وتحدث دفاع المتهمين، عن ملف مفبرك ووقائعه غير ثابتة، مؤكدا أن الأمر يتعلق بمجرد جنحة و»ليس هناك أي عاهة مستديمة»، مشيرا إلى وجود شكايتين من الطرفين معززتين بشهادتين طبيتين قدمتا في التوقيت ذاته، متسائلا عن سر متابعة موكله دون الضحية لتبادلهما الضرب. وطعن في نتائج الخبرة الطبية المجراة على يد الضحية، واصفا إياه كما لو كانت متعلقة بحادثة سير، و»لم تجب عن ما إذا كان الأمر يتعلق بعاهة»، ملتمسا إجراء خبرة مضادة لتأكيد كون يد الضحية سليمة، مشيرا إلى تحريكه أصابعه دون صعوبة، واصفا المطالب بالحق المدني بأنه «يحسن التمثيل».