وزعت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بفاس، 83 سنة سجنا على 5 إخوة بينهم فتاتان، توبعوا في الملف رقم 229/12، على خلفية اتهامهم باختطاف واحتجاز فقهاء وأئمة مساجد في عدة مدن وأقاليم مغربية، وطلب الفدية وقتل أحدهم عثر عليه مخنوقا بمنطقة البهاليل بإقليم صفرو.
أدانت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بفاس، أخيرا، «م. م» و»ع. س. م» الأخوين المعتقلين بسجن عين قادوس، ب30 سنة سجنا لكل واحد منهما، بتهم تكوين عصابة إجرامية والسرقة المقترنة بظروف التعدد والعنف والتهديد واستعمال ناقلة والسلاح والاختطاف والاحتجاز وطلب الفدية والتعذيب والقتل العمد سبقته وأعقبته جناية النصب.
وقضت بإدانة شقيقتهما المعتقلة «ل. م»، ب20 سنة سجنا نافذة بتهمة الحصول على مبالغ مالية بواسطة التهديد بنسبة في أمور شائنة والنصب، مقابل سنتين حبسا نافذة ل»ع. م» شقيقها المسرح، وأدائه ألفي درهم غرامة، شأنه شأن «ح. م» أختهم المسرحة المدانة بسنة موقوفة التنفيذ.
وقضت المحكمة بأداء الأشقاء «م. م» و»ع. س. م» و»ع. م»، تضامنا تعويضا مدنيا قدره 60 ألف درهم لفائدة «ن. م» زوجة الفقيه المتوفى، و30 ألف درهم تعويضا مدنيا لفائدة «ب. خ» إمام مسجد نواحي مكناس، انتصب طرفا مدنيا في الملف الذي نوقش الأربعاء الماضي، في رابع جلسة للنظر فيه.
وبرأت المحكمة من تهمة المشاركة في النصب في الملف ذاته الذي أدرج لأول مرة في فاتح غشت الماضي، «ر. خ» التي تخلفت عن حضور جلسة مناقشة الملف، التي حضرها فقيه وزوجة زميله المتوفى، ومسنة استعانت المحكمة بمحامي لترجمة شهادتها المؤثرة من الأمازيغية للعربية.
تعود وقائع هذا الملف، إلى يوم 25 مارس 2011 لما عثر على جثة إمام مسجد يتحدر من نواحي تاوريرت، متخلص منها ببلدية البهاليل بعد خنقه، فتح في شأنها بحث من قبل المركز القضائي للدرك بصفرو، أفضى إلى إيقاف المشتبه في ضلوعهم في قتل الضحية.
كانت الساعة تشير إلى العاشرة والنصف صباحا، لما توصل الضحية بمكالمة هاتفية من فتاة تطلب منه الحضور إلى منزلها نواحي مكناس، لعلاجها، ما استجاب له. لكنه لم يعد، قبل أن تخبر عائلته هاتفيا بوجود رهن الاعتقال من قبل درك عين عائشة بتاونات، بداعي ضبطه متلبسا بحيازة مخدرات.
وطالب المتصل الذي انتحل صفة دركي بتيسة ب10 ملايين سنتيم، مقابل الإفراج عن الضحية، ما فطن له صهره الذي طالب المتصل بإمهاله لإحضار المبلغ المالي، قبل أن ينسق مع الأمن للإيقاع بأفراد الشبكة، بعدما وضعوا كيسين في شجرة، لوضع المال بها، بعدما أخضعوا الموقع إلى المراقبة.
قصد الصهر شقيقته بأزرو لتدبر المبلغ، ومنها إلى مريرت قبل العودة إلى مكناس ووضع أوراق عوض المال في الكيسين، ما لم تستسغه الشبكة التي هددت بقتل الفقيه، ما تم بالفعل، ليكون الفقيه أول ضحية قتل من قبل العصابة التي نفذت عمليات اختطاف بمكناس والرباط والقنيطرة والبيضاء.
تلك وقائع دقق الشاهد «ح. م» أثناء الاستماع إليه من قبل هيأة الحكم، كما «ن. م» زوجته وابنة الضحية «ل. أ»، ابنة مريرت التي سردت وقائع سبقت سفر والدها إلى منطقة أكوراي استجابة لطلب هاتفي من زبونة، لما كانت متوجهة إلى منزل عائلتها بطريق أداروش نواحي مكناس.
أما الفقيه «ب. خ» فسرد تفاصيل ما تعرض إليه من اختطاف واحتجاز بعد اتصال من «ل. م» و»ع. س. م» ونقله إلى الحاجب على متن سيارة بيضاء لم يتعرف على نوعيتها، مؤكدا تعنيفه من قبلهما و»م. م»، ومطالبته ب10 مليون سنتيم، فدية قبل توجههم إلى منزل أم زوجته لجلب المبلغ. ترك الفقيه مصفد اليدين والرجلين ولصاق فوق فمه، بموقع خال قبل أن يعود مختطفوه محملين بأكثر من مليون سنتيم مكنتهم منها «ي. ع» التي حكت أمام هيأة الحكم، تلك التفاصيل المفجعة التي لم تنسها بالأمازيغية، قبل أن تبكي بحرقة وبشكل أثار عطف حضور القاعة الثانية بمحكمة الاستئناف.
بعد حصولهم على المراد، نقل المختطفون، الضحية إلى مسافة طويلة قبل أن يتخلصوا منه على تلك الحالة بعد منحه 100 درهم لتدبر عودته إلى محل سكناه، فيما تقول المصادر أن عدة فقهاء بعدة مدن سقطوا ضحية هذه العصابة التي كانت تختطف الفقهاء وتطالب عائلاتهم بفدية مماثلة.
«أنا ما داير والو. أنا غير فلاح. حنا غير مساكين. ما كاينش هذ الشي. ما قتلنا احد»… عبارات تكررت على ألسنة كل المتهمين الذين حاولوا عبثا إبعاد التهم عنهم. لكن كل تلك الحيلة لم تنفع أمام قوة الوقائع التي ووجهوا بها خاصة شهادة الفقيه المختطف الحاضر، وزوجة الضحية والسيدة المسنة.
دفاع المطالبين بالحق المدني، قال إن الملف «ينطق بذاته»، ساردا بعض الوقائع المثبتة لتورط المتهمين، فيما تحدث ممثل النيابة العامة، عن قضية متشابكة ومعقدة ومركبة، بينما ركز دفاع المتهمين على بعض ثغرات الملف، التي من بينها عدم رفع البصمات من مكان العثور على الجثة.