لم يصدر رد فعل روسي مباشر على الوعيد الاسرائيلي بتوجيه ضربة لايران .فيما كانت موسكو ترد سريعا على التهديدات الاميركية التي انزوت اخيرا خلف قعقعة ايهود باراك وبنيامين نتنياهو؛ صقري المؤسسة الاسرائيلية القائمة على توزانات تبدو لاصحاب النوايا الساذجة،هشة لكنها في واقع الامر متينة امام العدو الخارجي وتجيد لعبة توزيع الادوار بما يتناسب وخبرة الكيان المركب على نشاط معقد لاجهزة الاستخبارات وعلى فكرة وطنية تجمع ٩٧ شعبا بلغات وثقافات مختلفة يعيشون فوق ارض صغيرة تزحف على ماتبقى لاهل فلسطين من ارض .
واذا حقق تحالف بيبي – ايهود وعيده وسدد ضربة لمنشات ايران النووية ،حتى بدون ضوء اخضر من البيت الابيض الغارق بهموم الانتخابات الرئاسية، فان حريقا كبيرا سيعم الشرق الاوسط ومنطقة القوقاز . هذا ما تجمع عليه غالبية المراقبين الذين يترك فريق منهم هامشا لفكرة ان تل ابيب تطلق بالونات اختبار تهدف لقياس ردود فعل طهران وحليفها حزب الله اللبناني على صعيد الاستعداد اللوجستي للحرب . واختبار تعامل واشنطن بادارتها الديمقراطية الحالية وخصومها الجمهوريين واستطرادا قياس ردود فعل عواصم القرار العالمي وبينها موسكو .
روسيا كانت اعلنت على لسان ممثلها السابق في حلف شمال الاطلسي نائب رئيس الوزراء ديمتري راغوزين ان حربا على ايران تشكل" تهديدا مباشرا للامن القومي الروسي " عبارة تفسر بعدة وجوه، وتعكس قلق موسكو من تداعيات الحرب على منطقة القوقاز بشماله الروسي وجنوبه السوفياتي السابق وعلى دول حوض بحر قزوين من الشقيقات السوفيتيات السابقات،التي تعاني بعضها من مشكلات داخلية ليس اقلها حركات انفصالية بظلال دينية .
والسؤال ماذا ستفعل روسيا اذا انطلقت الفانتوم والصواريخ المجنحة الاسرائيلية نحو ايران ؟
بغض النظر عن نتائج الضربات الجوية لمواقع في ايران،فان طهران لن تقف مكتوفة الايدي سواء في منطقة الخليج او في جنوب القوقاز وتحديدا في جورجيا واذربيجان الجمهوريتين السوفيتيتين السابقتين الحليفتين لواشنطن . ولايستبعد ان تكون اراضيهما جزءا من الحملة الجوية على مواقع ايرانية قريبة . كما من غير المؤكد فيما اذا كانت تبليسي لاتسعى للافادة من فوضى الحرب، وان يستانف رئيس قرغيزيا حلم ليلة صيف عام ٢٠٠٨ فيلجا ثانية الى الخيار العسكري باحتلال
اوسيتيا الجنوبية وابخازيا اللتين اعلنتا استقلالهما من جانب واحد عن جورجيا بدعم عسكري وسياسي واقتصادي روسي متواصل .
وقد تضطر روسيا للرد. وعليها ان لاتتاخر هذه المرة لثلاثة ايام كما حصل مطلع اباغسطسعام ٢٠٠٨حين توغلت قوات الرئيس الجورجي ساكاشفيلي في اوسيتيا الجنوبية وقتلت العشرات من قوات حفظ السلام الروسية مع مئات المدنيين الاوسيتين . ففي حرب جديدة على صدى الاشتباك الاسرائيلي -الايراني لايجوز اضاعة يوم واحد .
ومهما كانت نتائج الحرب التي يتوفر شبه اجماع على انها ستكون خاطفة؛ فان اسعار النفط ستشتعل وقد تصل ضعفي سعرها الحالي. ويعني ذلك فائضا في الخزينة الروسية عشية ما يتوقعه الخبراء الماليون والاقتصاديون؛ موجة جديدة من الازمة الاقتصادية العالمية التي سيخرج منها الدولار قويا في حال تدهور اقليم او عدة اقاليم نحو الحرب .واذا كان الاقليم المرشح ؛الشرق الاوسط، وجواره القريب مسرحا للحرب فان ابتسامة فرانكلين الخفية على الدولار الاميركي ستتسع لضحكة وتغرق في النفط .
انها الحرب… تتوقف بجهد دبلوماسي وقررات من مجلس الامن بعد ان يحقق المستفيدون غاياتهم ؛ بيد انها ستترك تداعيات وتفاعلات متسلسلة لن تنجومنها شعوب المناطق التي سيصلها دخان المدافع او تلك التي ستقع في مركز الانفجار .
ستلجا روسيا لثقلها في مجلس الامن الدولي لوقف الحرب الخاطفة . والى ان يجتمع المجلس ثقيل الخطى حين يتعلق الامر بمصائر المستضعفين في الارض فان الحرب تكون قد احرقت يابس المشاريع النووية المزعومة في ايران ، واخضر اقتصاديات دول مجاورة لتشتري مزيدا من السلاح الاميركي .