طوى قسم جرائم الأموال بغرفة الجنايات الابتدائية باستئنافية فاس،ملف اختلاس وتبديد 15 مليون سنتيم من مدخول أكرية محلات في ملكية نظارة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بصفرو، إذ أصدر قراره رقم 3 في أول ملف للجرائم المالية يدرج في جلسة عمومية خلال السنة الجارية، القاضي بإدانة «م. م» الموظف بنظارة صفرو، البالغ من العمر 66 سنة، بسنة حبسا، بتهمة «اختلاس وتبديد أموال عمومية وتزييف تواصيل تصدرها إدارة عامة واستعمالها». قضت ابتدائيا وحضوريا بمعاقبته وأدائه لفائدة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المنتصبة طرفا مدنيا في الملف، مبلغ 150630 درهما، المختلس، مع الصائر دون الإجبار. وبرأت زميله المسرح «خ. ش» الموظف بالنظارة ذاتها، من تهمة المشاركة في اختلاس وتبديد أموال عمومية وتزييف تواصيل تصدرها إدارة عامة واستعمالها.
وتفجرت هذه الفضيحة، إبان زيارة مكتري محلات النظارة بصفرو، لمقرها محتجا على مطالبته بأداء سومة الكراء رغم توفره على أربع وصولات بذلك، اتضح بعد تفحصها أنها مستنسخة عن الأصلية، قبل أن يراسل مسؤول النظارة المعين حديثا، المصالح المختصة التي انتدبت لجنة للبحث والتدقيق في الأمر.
حينها وجهت أصابع الاتهام إلى «م. م» الذي كان مكلفا بمراقبة مساجد صفرو قبل تكليفه بمهمة «قباط» ابتداء من 1987، لكنه أنكر المنسوب إليه، مؤكدا وجود اختلالات مالية حين تحمله المسؤولية، معترفا بتوقيعه اعترافا بدين بعد اكتشاف وجود نقص في المداخيل، على أساس تسديد المبلغ على أقساط.
ولجأت نظارة الأوقاف إلى تقديم شكاية ضد الموظفين اللذين اعتقلا وأفرج عن أحدهما لاحقا، إذ فتح في شأنها بحث من قبل الشرطة القضائية بصفرو، التي أحالت المسطرة على الوكيل العام بفاس، بعد الاستماع إلى كل الأطراف في محضر قانوني، بعدما كان القابض دخل في صلح مع النظارة وقع إثره اعترافا بدين بقيمة المبلغ. واقترض المتهم «م. م»، 10 آلاف درهم من مؤسسة للقروض الصغرى، وجمع مبلغا مماثلا، قال إنه سلمه في إطار الصلح بعدما تم الاتصال به بعد ستة أشهر من طرده، رغبة في إعادة إلى عمله شريطة توقيع الاعتراف بالدين، الذي استخلص وثيقة لتأكيد اتهامه وزميله «خ. ش» باختلاس وتبديد تلك الأموال المستخلصة من الأكرية.
واكتشف اختفاء مبلغ 90 ألف درهم على عهد قابض آخر قبل «م. م» الذي قال دفاعه إنه لا يمكن محاسبته عليه، متسائلا عن سر عدم تحرك الإدارة في حينه وانتظارها إلى نونبر 2011، لاتخاذ المتعين، مشيرا إلى أن الخصاص الأخير اكتشف في 2009.
وقال إنه بموجب هذا الاعتراف، اتخذ الملف صبغة المدنية، لكن المتهم المعتقل الذي سرد وقائع اكتشاف هذا الخلل في المحاسبة، وجد نفسه متابعا أمام قسم جرائم الأموال، متحدثا عن نصب كمين له لتوريطه، وأن التواصيل المطعون فيها بالزور، صادرة عن الإدارة التي استنسختها لتغطية الخصاص الملحوظ فيها.
وأوضح المتهم ودفاعه، وجود اتفاق بين الناظر السابق والمحاسب ومسؤول قسم المنازعات لتصوير التواصيل لتغطية الخصاص. وأشار محاميه إلى أن موكله طرف ضعيف في هذه المعادلة، و»نصب له كمين كي تتم التغطية على الأشخاص الحقيقيين الذين اختلسوا تلك الأموال».
وحاول المتهم المسرح تبرئة ذمته من تلك الاختلاسات، مؤكدا أنه علم بوجود خصاص مالي عبر تقرير على عهد الناظر السابق، يقدر ب56 في المائة من الواجب استخلاصه المكتشف خلال القيام بالموازنة السنوية، ما يفرض حسب الدفاع التأكد مما إذا كان المبلغ اختلس أو ما زال بذمة المكترين.
وقال «م. ه» ناظر الأوقاف الجديد، في شهادته أمام هيأة الحكم، إنه اكتشف وصولات غير متطابقة مع الكناش الأصلي بعدما زاره متكر محتجا، ما أنجز بشأنه تقريرا بعثه إلى الإدارة المركزية، فيما أشار دفاع «خ. ش» إلى أن موكله لم يكن يعلم بهذا التزوير طالما أن «م. م» من كان يطوف بين المحلات ويستخلص الأكرية.
وناقش الوكيل العام في مرافعته، وسائل الإثبات وعناصر تكوين قناعة المحكمة، متحدثا عن ثلاثة تواصيل صادرة عن المكتري أودعها لدى الناظر، واتضح تزييفها الثابت في حق المتهم المعتقل، كما أن الاعتراف الصادر عنه في محرر كتابي وتصريحاته المدونة لها قوة ثبوتية ليس بالملف ما يفندها أو يدحضها.