تعيش مدينة فاس، والمدن المكونة للجهة على إيقاع احتجاجات شبه مفتوحة، وبشكل يومي تقريبا، في وقت فشل فيه الوالي الجديد محمد الدردوري في وقف نزيف هذه الاحتجاجات، عبر التدخل لمعالجة الاختلالات المتراكمة كالجبال في الجهة، وهي الاختلالات التي تنذر بمزيد من بؤر التوتر الاجتماعية.
فمنذ تعيينه واليا على الجهة، أغلق الوالي الجديد مكتبه على نفسه. وعندما يسأل عن ملابسات هذا الوضع يقال من قبل المسؤولين في ولاية الجهة إن الأمر مؤقت وطبيعي، ما دام أن الوالي الجديد يحتاج إلى بعض الوقت لدراسة الملفات، ومعرفة خريطة الجهة، وعاصمتها العلمية، والتي تعد من أكبر الجهات التي تتداخل فيها الاعتبارات السياسية والحزبية، بالمطالب الاجتماعية، والاحتجاجات التي تنبت كالفطر في كل صوب وحدب.
لكن أمد إغلاق قنوات التواصل مع السياسيين والمنتخبين والجمعيات والصحفيين طال، وتحول إلى قرار شبه إداري. وعمد المسؤولون في ولاية الجهة إلى اتخاذ إجراءات وقائية في محيط الجهة لتفاذي وصول أفواج المحتجين إلى مقر الولاية لإسماع أصواتهم المبحوحة إلى المسؤولين. ويتعرض عدد من المواطنين إلى المنع من ولوج مقر الولاية لوضع تظلماتهم، وشكاويهم، ما زاد الطينة بلة.
وقد زادت محنة هذه السياسة غير الناجعة مع الزيارة الملكية الأخيرة، حيث تبادل عدد من المنتخبين الشكوى فيما بينهم جراء إقصائهم من حضور بعض الأنشطة، ووجهوا اتهامات مباشرة إلى مسؤول أصبح نافذا في ولاية الجهة واتهموه بالوقوف وراء هذه السياسة التي لن تزيد إلا في توتر الأوضاع، وتغذية انقطاع قنوات التواصل بين جميع الأطراف المكونة للمشهد بالجهة.
وقد تتبع الجميع تظلمات سبق أن أفصح عنها قياديون من حزب الأصالة والمعاصرة، جراء عدم اهتمام الوالي الجديد بمراسلاتهم، وطلبات تتعلق بعقد لقاءات معهم للتداول في شؤون الجهة. وانتقلت العدوى في الآونة الأخيرة إلى حزب الاستقلال الذي أصبح منتخبوه يشتكون من نفس الوضع الاستثنائي بالجهة.
وبالرغم من محدودية نجاح تجربة الوالي السابق، فإن جل المنتخبين يتذكرون هذه التجربة بكثير من الحنين، كون الوالي السابق، محمد غرابي كان يستمع إلى جميع الأطراف، ويفتح مكتبه لجل الفرقاء السياسيين والجمعويين والإعلاميين والذين لا يجدون أي صعوبة في الحصول على المعطيات الرسمية التي تتعلق بالأحداث التي تشهدها الجهة، في حين أن هذا الوضع أصبح حاليا منعدما في ظل التجربة الحالية التي يتهددها الفشل من كل جانب.
وتقول المصادر إن والي الجهة الذي توحي جميع المؤشرات بأن حصاده الأولي على رأس الجهة كان هو الفشل الذريع، يعاني من “حصار” لبعض المسؤولين في مقر الجهة ومنهم الكاتب العام للولاية، ورئيس الشؤون الداخلية الغائب عن هموم المواطنين، من الذين يستمع فقط إلى روايتهم حول الأوضاع بالجهة، وهي روايات أحادية تحتاج إلى مقارنتها بغيرها من الروايات حتى يتمكن المسؤول الأول في الجهة من تكوين نظرة شاملة حول الوضع، عن طريق غربلة الروايات التي يمكنها أن تصل حد التضارب، والتقاطع، لأن فيها المصالح الشخصية، والذاتية، وفيها المصالح الموضوعية.