لن يغفر التاريخ للمسؤولين بمدينة صفرو التخريب الذي لحق بحي الملاح هدا الحي العتيق الذي يعود تاريخه إلى حقبة المرينيين و الذي ظل إلى زمن قريب يشهد على عمارة و هندسة اليهود المغاربة الدين عاشوا بين ظهراني ساكنة المدينة لعقود في أجواء من التعايش الحضاري في لوحة تمثل جزءا من ذاكرة عاصمة حب الملوك وغنى إرثها التاريخي و الذي تحول اليوم إلى حي شبح بعد أن استحال إلى أنقاض متداعية لا تغري الشعراء للبكاء عليها في مطالع قصائدهم.
الداخل للملاح اليوم يبدوا له الحي الذي صمم على طراز فريد عن باقي ملاحات المدن المغربية والدي يتموقع بوسط المدينة القديمة على خلاف باقي الملاحات التي تتواجد على هامش المدن التاريخية المغربية، يبدوا له و كأنه كان هدفا لقصف من طائرات حربية،حيت تداعت كل ملامحه الهندسية وتلاش عمرانه، في فصول من الخراب الممنهج تظهر مدى اهتمام المسؤولين وعلى رأسهم عامل إقليم صفرو عبد السلام زوكار بالتراث العمراني الذي يشكل في الدول المعاصرة ثروة مهمة ترتبط بإحدى ركائز التنمية المستدامة والتي جعل منها الملك محمد السادس منهجا للمغرب الحديث.
مسلسل تخريب حي الملاح ابتدأ مع عهد الباشا السابق المكاوي الذي قام بسد باب يعتبر المنفذ الثاني للملاح عبر بناء صور ليبتدئ مسلسل التخريب وهدم الدور الثراتية دون إيلاء أي أهمية او اعتبار لإرثها التاريخي، مع العلم ان الحي يحتضن مزارات و بيع دينية لليهود ظلت إلى زمن قريب متجاورة مع الزواية التي تحفل بها المدينة في جو يظهر مدى التعايش بين الديانات.
وقد يتساءل البعض ومن باب الفضول الإستشرافي لمادا لم تعطي السلطات بصفرو أية أهمية لهده المآتر التاريخية ولمادا غلبت منطق مغول العصر و معول الهدم على مقاربة الترميم، رغم أن هده العملية كانت سوف لن تكلف لا ميزانية المجلس الإقليمي التي تنفق في الولائم الحزبية أو ميزانية البلدية أو حتى ميزانية العمالة (التي يلتهم الوقود وتحديت التجهيزات حجما كبيرا منها) أي درهم ودلك باللجوء إلى المنظمات الدولية وتشاركية ساكنة الحي على ترميم هده المباني التي تعود إلى العهد المريني.
بيد ان الجواب يأتي في الجانب الآخر حيت كان الزمن يمضي بسرعة لهدم كامل الحي في انتظار تفويته للوبي العقاري حيت تحدثت المصادر عن صفقة مفترضة و اسم وازن ينحدر من مدينة فاس( نتحفظ عن ذكره) وعد بشراء حي الملاح بكامله بشرط أن يتم إخلائه من ساكنته أو إن صح التعبير دكه دكا كما يبدو عليه المنظر اليوم .
لن يغفر التاريخ و لا الأجيال القادمة التدمير الذي طال المعمار و العمران التاريخي لجزء من ذاكرة المدينة وسيبقى عهد العامل عبد السلام زوكار مقرونا بتدمير أيقونة من التاريخ لما مثله هدا الحي من معالم حضارية في التعايش و التي ظلت صامدة في وجه الأزمنة ، و التاريخ له ميزة خاصة ففيه تقرن أسماء المسؤولين بمحاسن الأفعال و العكس صحيح، كما بقي عهد القايد عمر موشوما في ذاكرة صفرو مقرونا بالتنكيل و الغدر و الوشاية