مرت عشر سنوات على تفجيرات الدار البيضاء الدامية والتي راح ضحيتها اللآلاف من الأبرياء، نساء ورجالا وأطفالا في سجون ومخافر وأقبية المخابرات المغربية. عشر سنوات كان من إمتهان كرامة الإنسان وإستخدام لأبشع الوسائل في التعذيب والحرمان. عشر سنوات من الأسر المستمر والمضايقات اليومية لشريحة واسعة من أبناء الأمة المغربية. عشر سنوات كان ساد فيها الرعب وأحكمت المخابرات فيها على حريات العباد حتى ثار بركان 20 فبراير وما تبعه من حراك شعبي رافض للمذلة والحرمان.
إن تفجيرات 16 ماي كانت الذريعة التي فتحت المجال لأن يكون المغرب من أفضل الدول خدمة لمشروع المخابرات الأمريكية في حربها على ما يسمى بالإرهاب. لقد أصبح المغرب في هذه السنوات ملعبا لهيئة الإستخبارات الأمريكية التي أرسلت العديد من المشتبه فيهم إلى أقبية تمارة وغيرها ليتم تعذيبهم بشتى الوسائل اللاإنسانية. فصار إسم المغرب مقترنا بالتعذيب وإنتهاك حقوق الإنسان. وقد وثقت جمعية (Open Society Justice Initiative) في تقريرها (عولمة التعذيب) الذي يعتبر من أوسع التقارير الذي اهتم بتصرفات أجهزة الإستخبرات الأمريكية في حربها على ما يسمى الإرهاب. وقد ذكرت في التقرير العديد من الأسماء التي تم إرسالها للمغرب للتعذيب ومنهم بنيام محمد البريطاني وأبو زبيدة وأبو القاسم بريطل ورمزي بن الشيبة وغيرهم ممن عذبوا في مخافر الأمن المغربي بتعليمات أمريكية. فكانت هذه السنوات العشر، سنوات فقد فيها المغرب جزء كبير من سيادته الوطنية في خدمته لأمريكا.
أما التقارير الدولية عن حقوق الإنسان فكان المغرب دائما يعتبر من الدول التي تخرق المعاهدات والمواثيق الدولية التي تكفل للإنسان حقوقه وحريته. فمثلا قد خلص الفريق الأممي المعني بالإحتجاز التعسفي إلى أن إحتجاز االسيد محمد حاجب تعسفي وينتهك المواد 5،9،10 و11 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكذلك المواد 7،9، و14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وفي تقرير المقرر الخاص للأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، خوان مانديز، الذي زار المغرب في أواخر 2012 ، تأكيد على أن التعذيب لا زال مستمرا خصوصا في قضيا الأمن القومي والإرهاب وأن الأوضاع في السجون مقلقة بسبب الإكتظاظ والمعاملة السيئة وانعدام التطبيب الكافي وغيرها من الأسباب. وقد ذكر هذا التقرير هناك أنواعا من التعذيب التي مورست على المعتقلين خصوصا ذووا التهم المتعلقة بالإرهاب ومنها الفلقة والركل والصفع والإعتداء الجنسي والعبث بالمناطق الحساسة وغيرها. فهذا هو المغرب بعد عشر سنوات من 16 ماي!
ولا يزال الأمر مستمرا ولا زالت سياسة تلفيق التهم وإرهاب المناضلين مستمرة في تناقض تام مع ما يصرح به السياسيون من أن المغرب داخل في عهد جديد وقد قطع مع تصرفات الماضي وما إلى ذلك. فالواقع يكذب هذه التصريحات ويؤكد عكسها والوقائع تشهد على أن سياسة الماضي هي سياسة اليوم مع بعض التعديلات الشكلية. وفي ذكرى حادث 16 ماي الأليم نذكر بعض السياسيين الذين كانوا بالأمس القريب يطالبون بالتحقيق النزيه في هذه الأحداث والذين كانوا ينافحون ويدافعون عن أبناء هذه الشريحة التي تم استهدافها لأغراض مشبوهة بواجبهم الأخلاقي وقبله الديني تجاه هذا الملف. ونضم صوتنا لكل من ينادي بكشف الحقائق عن تفجيرات 16 ماي التي بسببها دخل المغرب نفقا مظلما لازال الكثير وراء القضبان يتجرع مرارته ويعيش كابوسه.
وبناء على ما سبق, فإننا في منظمة (العدالة للمغرب) قررنا أن نخرج في تظاهرة إحتجاجية أمام السفارة المغربية بلندن يوم الأحد 12 ماي 2013 من الساعة الثانية والنصف ظهرا قصد تكثيف الضغوط على الحكومة المغربية لطي هذا الملف العصيب