عبر أحد المتبضعين بسوق سيدي إبراهيم عن معاينته لشخص يبحث عن رزقه في حقيبة امرأة، حيث يعرف شاهد العيان أن اللص حديث الخروج من السجن. كانت الضحية تحاول عبور الباب الرئيسي للسوق. هذا المشهد أثار فضول العديد من المواطنين المنهمكين في اقتناء الخضر والفواكه عند مدخل السوق، وتتبعوا فصول هذه السرقة التي نفذها شاب أنيق، يحمل بيده كيسا بلاستيكيا، وباليد الأخرى هاتف نقال. وعلقت إحدى المتسوقات «راه ماشي بوحدو، معاه صحابو ليهدر يخسر ليه وجهو».
عبر الجميع عن استيائهم من هذه الظاهرة، التي استفحلت خلال الشهور الأخيرة بعدما ضاعف رجال الأمن من مجهوداتهم بمختلف الشوارع والأزقة والدروب، وتكثيف الحملات الأمنية، التي دفعت بمنحرفي ولصوص المدينة إلى البحث عن رزقهم في جيوب المتبضعين بأسواق المدينة، وهم يعلمون أن أمر اعتقالهم يتطلب حالة التلبس، لدى أصبحت الأسواق المهيكلة والعشوائية لاتخلو من هذه الأصناف البشرية الباحثة عن رزقها في جيوب المتبضعين ،نتيجة سوء التنظيم الذي يطبع المجال الحضري والذي حول فضاء المدينة إلى أسواق عشوائية، وهي المجال الخصب لتعاطي هذا النوع من السرقة. نفس المشاهد تعاين يوميا بالأسواق المهيكلة بسبب عرض الباعة سلعهم خارج دكاكينهم وبالممرات الضيقة، مما يجعل المرور عسيرا بين أرجاء الأسواق وهذا من حسن حظ الأنامل المتمرسة الباحثة عن رزقها في جيوب المتبضعين والمترددين على مكاتب البريد وأداء ثمن فاتورات الماء والكهرباء ومحطات حافلات نقل المسافرين.
وتأتي الأسواق العشوائية والمهيكلة حاليا في مقدمة الأماكن المفضلة عند “الزرامة” بلغة الفاسيين، لأنها تعرف اكتظاظا يسمح بممارسة رياضة الأصابع في جيوب وحقائب المواطنين، ويستمر سيناريوهات هذا المسلسل بمختلف الأزقة والشوارع، التي يحتلها الباعة المتجولين، منها شارع محمد الخامس والمجنبة العتيقة وفاس الجديد الملاح مونفولوري بن ذباب ووعوينة الحجاج، واللائحة طويلة للأحياء التي يساعد فيها الباعة تواجد المتجولين الزروامة للوصول لمبتغاهم بسهولة بسبب الازدحام الذي ليسمح بالتحرك بحرية ومنهم من يتحسسون جيوب المواطنين علانية، زادهم في ذلك النظرات الحادة والكلمات النابية لضمان سكوت الضحايا واستسلامهم حتى يخرجون بأقل الخسائر، وأحيانا استعمال العنف وترك توقيعهم على وجه كل من حاول المقاومة أو إثارة انتباه الضحايا.
أصبحت الظاهرة تعرف مضاعفات خطيرة من حيث عدد متعاطيها، أغلبهم قاصرين ينشطون بالأسواق المحلية، ولم تعد تقتصر على بضعة أشخاص بل أصبح يمارسها أشخاصا ينتمون إلى عصابات منظمة، أفرادها مدربون على استعمال تقنيات وأساليب لا تثير شكوك ضحاياهم، ويتوزعون بمختلف فضاءات المدينة، وأمام ذلك تبقى الإمكانيات البشرية ووسائل العمل المسخرة لمحاربة هذه الظاهرة غير كافية في أماكن مزدحمة. كما إن الحملات التطهيرية يكون مفعولها قبل وطيلة شهر رمضان أو إحتضان المدينة لمؤتمر أو عند زيارة ملكية للمدينة، حيث تطال جميع الوجوه المعروفة بسوابق في مجال السرقة بالنشل كغيرهم من المشردين والمومسات بغض النظر عن حالة التلبس. أما خلال الشهور الأخرى فتبقى الحملات بدون جدوى ما دامت عملية إيقافهم تتوقف على حالة التلبس