التلميذ “الغاش” سفير لأسرة مريضة

ذ.محمد الأرضي

أخصائي إجتماعي

رئيس الجمعية المغربية للمساعدين الإجتماعيين

[email protected]

التلميذ “الغاش” سفير لأسرة مريضة

 

يجتاز التلاميذ في المغرب هذه الأيام إمتحانات الباكلوريا وفي الحقيقة تابعت بعناية كبيرة العديد من التصريحات والمقالات في الإعلام والصحف فكان تصريح السيد وزير التربيةالوطنية تهديد ووعيد للتلاميذ وعدم التسامح مع “الغشاشين” وفي الحقيقة لوأن الوزارة تبنت إستراتيجية وقائية منذ بدايةالموسم الدراسي لما حدث كل هذا الضجيج والتوتر الى حد إستعمال العنف داخل الفضاء المدرسي ففي إحدى المحاضرات التي أطرتها قبل موعد الإمتحانات لفائدة تلاميذ الباكلوريا حول التوتر والقلق الذي يرافق هذه المرحلة وما يشكله من صعوبات  لدى فئات عريضة من التلاميذ قيد يعيق بشكل كبير مسيرتهم الدراسية والمهنية وكانت كلمة “الغش” إحدى العبارات التي وردت على لسان عدد مهم من التلاميذ ” لماذا لا نلجئ للغش والحكومة كلها غشاشة” هذه عبارة لتلميذ يجب فهم وإدراك ما تحمله من أبعاد نفسية وإجتماعية فهي رسالة للجهات المسؤولةعلى قطاع حيوي توليه الدول المتقدمة الاهتمام الكبير في سياساتها وبرامجها لإعداد جيل قادر على الإندماج والقيام بوظائفه الإجتماعية بشكل متوازن.

صورة الامتحان لدى التلاميذ

الأسرة المؤسسة الأولى للتنشئة الإجتماعية التي يخضع فيها الطفل لتلقي أساسيات التربية الأولى منذ نعومة أظافره وهي مهمة جدا فأغلب الأسر تنقل صورة ذهنية خاطئة ومشوهة عن الإمتحان لأبنائها كيف؟ فالأب أو الأم تعمل على رسم صورة قاتمة عن مفهوم والغرض من الإمتحان )صعب ،إن لم تنجح فالشارع ينتظرك،الباك راه صعيب…) فالأب الذي ينقل صورة ذهنية حول الإمتحان  لإبنه فيها تعبيرات لوجه عبوس وقسوة وتجهم  عوض أن يعمل على نقلها بطريقة جميلة تتسم بكلمات فيها تشجيع وتحفيز وحب وتقدير.ففي الغرب مثلا الإمتحان مقياس لمدى إمتلاك التلميذ للمعلومة أما عندنا يعلق مستقبل التلميذ على نتائج الإمتحان وهذا يدفع البعض الى إستعمال طرق تتنافي مع القيم والضوابط الإجتماعية .

الخوف من المجهول

صورة ذهنية تساهم في رسمها كل من الأسرة “فالطفل غير السوي مندوب وسفير لأسرة مريضة ” والأم جيدة كفاية هي التي تحقق التوازن النفسي لأبنائها وتهيئهم وإعدادهم للتوجه نحو المستقبل بدون خوف بثقة في النفس وتقدير للذات وتقبلها وتحمل النتائج مهما كانت فالحياة مدرسة لتعلم المعرفة والمهارات عوض إقتصارها على المؤسسة التعليمية .الإعلام لايقل أهمية في نقل صورة ذهنية عن المستقبل والمجهول ليرسم التلميذ صورة قاتمة عن العالم والتمرد على قيمه ورفض كل قوانينه .

الى من يهمه الأمر

التلميذ “الغاش” نتاج لمنظومة تعليمية وتربوية لا نقول فاشلة ولكن غير متوازنة فالأم جيدة كفاية أي المؤسسة التربوية جيدة كفاية هي التي تحقق لمنسوبيها من التلاميذ فرص الإندماج وتقدير الذات ومعرفة حاجياتهم ومشاكلهم وأيجاد الحلول للصعوبات التي قد تعيق مسيرة تعلمهم هل ننصت لهؤلاء؟ هل نحترم كينونتهم؟هل نتعامل معهم كذات إنسانية لا كأشياء مجردة ؟ إن التلميذ مهما كان سلوكه فهو في حاجة لأخصائي إجتماعي للغوص في أعماقه النفسية والإجتماعية والعمل مع أسرته وباقي المؤسسات المجتمعية لوضع البرامج الوقائيو والعلاجية لسلوك “الغاش”.