البحث العلمي الأكاديمي والغوص في أعماق تاريخ الحركة الوطنية الحافل بالأمجاد والبطولات وتلاحم العرش والشعب وسيلة أضحت ضرورية بالنسبة لجيل اليوم والأجيال المتعاقبة، وذلك من أجل معرفة الماضي وفهم الحاضر والتطلع إلى المستقبل،وهي في نفس الوقت عبرة يجب الإقتداء بها، إذ العبرة بالتاريخ سمة يتحلى بها أولو الأبصار وفهم تاريخنا ذكرى وما يتذكر إلا أولو الألباب، فإن قفزنا فوق تاريخنا فاتتنا العبرة وفاتنا التطلع إلى المستقبل وأصبحنا تائهين في عالم تفتخر فيه كل أمة من بين الأمم بتاريخها المجيد وحضارتها العريقة.
منظمة الكشاف المغربي جهة فاس بولمان في قلب الحدث
تعتبر منظمة الكشاف المغربي إمتدادا للجمعية الكشفية الحسنية التي أسستها الحركة الوطنية سنة 1932 حيث إحتضنت وساهمت في تأطير جيل الشباب المغربي المخلص لوطنيته والمعتز بإنتمائه الجغرافي لهذا الوطن والمستعد دوما للتضحية بالغالي والنفيس من أجل مناهضة وإنهاء عقد الحماية الذي فرضته بعض الظروف على المملكة المغربية آنذاك، حيث كان لقاداة المنظمة وأطرها دورا كبيرا في تحقيق الحرية والإستقلال، وذلك بفضل إنخراطهم الفعلي في المقاومة السياسية والمسلحة في إطار ثورة الملك والشعب التي حققت للشعب المغربي عزته وكرامته وذلك برجوع الملك البطل المجاهد محمد الخامس قدس الله روحه إلى عرشه من أجل مواصلة معركة النماء والبناء والرخاء، حيث جاءت بعد ذلك مرحلة تصحيح مسار الحركة الكشفية خلال سنة 1969 عن طريق تأسيس منظمة الكشاف المغربي على يد القائد العام الحاج محمد أفيلال وثلة من القادة الذين كانوا يمثلون مختلف الفروع بالمملكة، وذلك بتنسيق تام مع الزعيم الراحل علال الفاسي رحمه الله رئيس حزب الإستقلال، الشيء الذي يؤكد مما لاشك فيه أن منظمة الكشاف المغربي لها تاريخ وأمجاد وإمتداد للحركة الوطنية التي أرخت لهاته الوثيقة منذ لحظة التفكير فيها كوسيلة لإشعار سلطات الحماية والدول العظمى بمستوى نضج وعي التحرر لدى الشعب المغربي من أجل المطالبة بالإستقلال، مرورا بلحظة تحريرها من طرف المجاهد عبد الوهاب الفاسي رحمه الله في منزل المرحوم المجاهد أحمد مكوار تم التوقيع عليها من طرف الوطنيين الذين آمنوا بمشروعية قضيتهم، وصولا إلى إرسال نسخ منها إلى سلطات الحماية وقنصليات الدول العظمى كسابقة من نوعها أثارت حفيظة سلطات الحماية التي بادرت إلى سلسلة من الإعتقالات والإغتيالات ضمن الأحداث الدامية والمجازر الجماعية التي عرفتها كل من مدينتي سلا والرباط يوم 29 يناير 1944 وكذلك مدينة فاس يوم 31 يناير 1944 .
ففي غمرة إحتفالات الشعب المغربي بالذكرى 70 لتقديم وثيقة المطالبة بالإستقلال، نظمت المندوبية الجهوية لمنظمة الكشاف المغربي جهة فاس بولمان نشاطا كشفيا أمام النصب التذكاري لهاته الوثيقة بساحة البطحاء قبالة منزل المجاهد المرحوم أحمد مكوار أحد أبرز الموقعين على هذه الوثيقة التي تم تحريرها من طرف المرحوم عبد الوهاب الفاسي ، وتم تقديمها للمغفور له الملك محمد الخامس طيب الله ثراه يوم 14 محرم 1363 هجرية الموافق 11 يناير1944م كما قدمت نسخ منها للإقامة العامة وقنصليات الدول الكبرى بالمملكة الشريفة
إفتتح هذا الإحتفال بتحية العلم الوطنيوذلك بترديد النشيد الوطني من طرف المشرف العام على هذه التظاهرة المندوب الجهوي القائد عبد المجيد الكوهن وأعضاء مندوبيات منظمة الكشاف المغربي بكل من فاس الجديد دار دبيبغ وفاس المدينة وزواغة مولاي يعقوب وصفرو بولمان ولجنة ذوي الإحتياجات الخاصة الحي المحمدي تغات، وكذلك ممثلين عن مفتشيات حزب الإستقلال ومختلف فروعه ومنظماته الموازية ( الشبيبة الإستقلالية والمرأة الإستقلالية والشبيبة المدرسية ) وأعضاء من الجماعة الحضرية ومقاطعة فاس المدينة، يتقدمهم الحاج محمد الملوكي مفتش الحزب بفاس المدينة ونائب عمدة فاس وأحد أبرزأعضاء القيادة العامة لمنظمة الكشاف المغربي، بمعية الأستاذ عبد الرحمان نداء كاتب فرع الحزب وعضو مجلس المدينة، والقائد بالمنظمة الأستاذ جواد السباعي المستشار الجماعي يبمقاطعة المرينيين وكذلك المستشار الجماعي السيد محمد أعراب عن مقاطعة فاس المدينة، بالإضافة إلى أعضاء من النيابة الإقليمية للمندوبية السامية لقدماء المحاربين وأعضاء جيش التحرير يتقدمهم الدكتور أحمد أديب الذي أدلى بتصريح لفاس نيوز أكد من خلاله دلالة الإحتفال بهذه الذكرى الغالية وعمق مكانتها في نفوس المغاربة وكذا دوره الفعال في تحقيق إستقلال المملكة الشريفة بقيادة الملك المجاهد محمد الخامس طيب الله مثواه ، كما حضرت إحتفالات هذا التخليد بعض فعاليات المجتمع المدني يتقدمهم الأستاذ سيدي محمد السباعي عن الرابطة العالمية للشرفاء الأدارسة وأبناء عمومتهم ومحبيهم وأحد أفراد أسرة المقاومة، بالإضافة إلى كل من الأستاذ رشيد الأشهب عن جمعية الشباب الملكي والمخرج السينمائي ومدير الإنتاج الأستاذ رشيد الشيخ.
بعد ترديد نشيد المنظمة وبعض الأناشيد الكشفية وكلمة المندوب الجهوي القائد عبد المجيد الكوهن ومندوبي مختلف فروع المنظمة، قام الجميع بزيارة منزل المجاهد المرحوم أحمد مكواربما في ذلك القبة التي حررت بداخلها وثيقة المطالبة بالإستقلال، حيث أدلى الحاج محمد الملوكي لفاس نيوز بتصريح ضمنه بالغاية المثلي من إحياء هاته الذكرى الخالدة والتي تؤرخ لأحداث ومواقف بطولية شارك فيها زمرة من شباب مدينة فاس الوطنيين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وشكلوا إلى جانب الزعيم المرحوم علال الفاسي النواة الأولى لحزب الإستقلال الذي تبنى معركة الإنعتاق والتحرر وإنهاء نظام الحماية الفرنسية وإرجاع السيادة للمملكة الشريفة بتنسيق تام مع الملك المجاهد محمد الخامس قدس الله روحه، نفس التنسيق وعلى منواله تعمل قيادة حزب الإستقلال الحالية على تفعيله مع جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده من أجل مغرب الديمقراطية والتنمية المجالية المستدامة وحقوق الإنسان ومقومات العيش الكريم .