انطلقت في مدينة مراكش المغربية أمس الثلاثاء فعاليات المؤتمر الإقليمي حول “بدائل العقوبات السالبة للحرية” بحضور خبراء من عدة دول عربية وأجنبية وأفريقية وعشرات القضاة والوكلاء العامين وممثلين عن مصالح السجون والشرطة والدرك الوطني ومساعدي العدلية في المغرب.
وتستمر فعاليات المؤتمر الذي تنظمه وزارة العدل والحريات في المغرب بالتعاون مع إدارة السجون في مملكة الدنمارك على مدار ثلاثة أيام.
وفي كلمته نيابة عن وزير العدل والحريات المغربي أكد الوكيل العام للملك لدى محمكة الاستئناف في مدينة مراكش، الحبيب بندحمان أبو زيد، أن المغرب تعتبر مكافحة الجريمة من أهم أولويات الدولة من أجل حماية الأشخاص والممتلكات والحقوق والحريات ولتحقيق الأمن والاستقرار داخل المجتمع.
ووضع أبو زيد المؤتمر في سياقه الوطني والدولي، مقدما شرحا للتدابير الإصلاحية التي بدأتها بلاده عبر إدخال تغييرات جوهرية على المسطرة الجنائية بهدف تعزيز دولة القانون والاستفادة من التجارب والخبرات الدولية والمحلية.
تحديات وأعباء اقتصادية
وأشار أبو زيد خلال كلمته إلى التحديات التي تواجه تطبيق العقوبات السالبة للحرية عندما يتعلق الأمر بالأطفال وبنجاعتها في تقييم السلوك المنحرف، لاسيما أن ميزانية تشغيل السجون أصبحت تشكل عبئا على الاقتصاد الوطني المغربي محذرا من أن بعضها أضحى فضاءًا لتعلم كل أنواع الجرائم ومدرسة للتخرج بمستوى عال في الإجرام.
ولفت الوكيل العام النظر إلى النتائج السلبية الناجمة عن العقوبات السالبة للحرية على نسيج الأسرة وما تخلفه من أعباء مادية وتربوية واجتماعية، إلى جانب صعوبة أن تستمر السجون في استيعاب هذا الكم المتزايد من الموقفين والسجناء.
وأضاف أبو زيد:” ننظم هذا المؤتمر مع شركائنا في الدنمارك ونتوخى منه تعميق التفكير والحوار حول أنجع السبل لإعمال بدائل العقوبات السالبة للحريات في بلادنا وتبادل التجارب مع الدول للاستفادة من الخبرات وأجود المماراسات في هذا الإطار.”
وأردف قائلاً: “كما نستشرف اليوم آفاقا أوسع للتعاون والتنسيق على المستوى الوطني لاسيما مع شركائنا المعنيين بشكل مباشر في تفعيل خيار بدائل العقوبات وضمان نجاعته في الحد من الجريمة وتحقيق الادماج الايجابي في المجتمع”.
محطة هامة في مسار التعاون الدنماركي المغربي
وبدوره أكد مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الدنماركية، السيد ينس أوته هورسلوند، على أن المؤتمر يشكل محطة هامة في مسار التعاون الدنماركي المغربي في هذا المجال وأن الحكومة الدنماركية سعيدة بتقديم الدعم لهذا التعاون كجزء من برنامج الشراكة الدنماركية العربية الذي تم تدشينه في عام 2003.
وأعرب هورسلوند عن امله أن يكون هذا المؤتمر فرصة لتبادل الخبرات ومناقشة الطرق الأفضل لتطبيق هذه البدائل، مشيرا إلى انه يرقب التوصيات والنصائح التي ستصدر عنه لقراءتها.
وبين أن الدنمارك ستواصل دعمها لجهود الإصلاح في المغرب والتي منحها دستور عام 2011 دفعة إلى الأمام.
وأشار المسؤول الدنماركي إلى أن تطبيق بدائل العقوبات لا يمكن تحقيقه بين ليلة وضحاها كما بينت التجربة الدنماركية .
تتويج لجهود امتدت على مدار خمسة أعوام
ويأتي المؤتمر كتتويج لشراكة مغربية – دنماركية في هذا المجال تمتد منذ عام 2010 تم خلالها تنظيم عشرات الندوات التثقيفية في المغرب وكذلك زيارات لوفود مغربية إلى الدنمارك للإطلاع على الخبرات الدنماركية في هذا المجال والتي تمتد على مدار 30 عاما.
و انخرط المغرب في جملة من الإصلاحات انطلاقاً من دستور يوليوز/تموز 2011 ، وذلك بهدف تمتين مؤسسات الحكامة وحقوق الإنسان ففي عام 2013 طورت وزارة العدل والحريات المغربية ميثاق إصلاح العدالة بعد عام من الحوار الوطني حول الإصلاح الشامل والهيكلي للقطاع القضائي.
وقد ناقش البرلمان المغربي خلال عام 2016 تعديلات مقترحة على قانون العقوبات تسمح باستخدام بدائل للعقوبات السالبة للحرية التي لا تتجاوز مدتها عامين وتفرض مقابلها عقوبة العمل للصالح العام لا تتجاوز 600 ساعة.
يذكر أن برنامج الشراكة الدنماركية العربية يهدف إلى تعزيز الشراكات المهنية بين الدنمارك وعدة دول عربية في مجالات تتعلق بدعم الحريات ودولة القانون وحقوق الإنسان وخلق فرص عمل للشباب وتدعيم حرية الإعلام. وينشط في فعاليات البرنامج عشرات المؤسسات الدنماركية والعربية.