يُقصد بالحق في الصمت أن يقوم ضابط الشرطة القضائية بإبلاغ الشخص، الموضوع تحت الحراسة النظرية عند الاستماع اليه في محضر قانوني، بحقه في عدم الإجابة على الأسئلة المطروحة عليه، وعدم الإدلاء بأي تصريح متسرع، وهو حق من حقوق الانسان، ومن مستلزمات المحاكمة العادلة، إذ لا يجوز حمل المشتبه فيه على الاجابة على أسئلة المحقق أو إجباره على أن يكون شاهدا ضد نفسه.
ففي نازلة فريدة عرضت على إحدى المحاكم الابتدائية بمدينة ميدلت، دفع دفاع متهمين ببطلان محضر الاستماع إليهما من طرف الشرطة، لعدم إشارته لإشعارهما بحقهما في التزام الصمت.
وقد استجابت المحكمة الابتدائية بميدلت لهذا الدفع الشكلي، وأصدرت حكمها القاضي بإبطال محضر الشرطة الذي أغفل الإشارة إلى إشعار المتهمين بحقهما في التزام الصمت، وكان لافتا في هذا القرار القضائي أنه بنى حيثياته على أساس المعايير الدولية والوثيقة الدستورية.
وجاء في حيثيات هذا الحكم:
“حيث دفع دفاع المتهمين بخرق مقتضيات المادة 23 من الدستور، والفقرة الثانية من المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية؛
وحيث نص الفصل 23 من دستور 2011 على أنه يجب اخبار كل شخص تم اعتقاله على الفور وبكيفية يفهمها بدواعي اعتقاله وبحقوقه ومن بينها حقه في التزام الصمت، ويحق له الاستفادة في أقرب وقت ممكن من مساعدة قانونية ومن إمكانية الاتصال بأقربائه طبقا للقانون؛
وحيث جاء في الفقرة الثانية من المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية أنه يتعين على ضباط الشرطة القضائية إخبار كل شخص تم القبض عليه أو وضعه في الحراسة النظرية فورا وبكيفية يفهمها بدواعي اعتقاله وبحقوقه، ومن بينها حقه في الصمت؛
وحيث إن المحكمة بإطلاعها على محاضر الاستماع للمتهمين يتبين لها صحة ما نعاه دفاعهما من كون الضابط محرر المحضر تقاعس فعلا عن إخبار المتهمين بالحقوق المكفولة لهما بمقتضى المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية، حيث أن ضابط الشرطة قام بإلقاء القبض على المتهمين، واستمع للمتهم الأول بمخفر الشرطة في الساعة السادسة مساء، واستمع للمتهمة الثانية بنفس المكان في الساعة السابعة والربع مساء، وفي نفس اليوم انصل بالسيد وكيل الملك الذي أعطى تعليماته بوضعهما تحت تدبير الحراسة النظرية؛
وحيث إن الفكر الحقوقي مند أمد غير يسير استقر على التأكيد على أهمية الحق في الصمت، إذ أوصى المؤتمر الدولي السادس لقانون العقوبات المنعقد برومانيا سنة 1953 بأنه لا يجبر المتهم على الإجابة، فهو حر في اختيار الطريق الذي يسلكه ويراه محققا لمصلحته، كما أكدت لجنة حقوق الإنسان بهيئة الأمم المتحدة في 05 يناير 1962 بأنه لا يجبر أحد على الشهادة ضد نفسه، ويجب قبل سؤال أو استجواب كل شخص مقبوض عليه أو محبوس أن يحاط علما بحقه في التزام الصمت. (أنظر المجلة المغربية لنادي قضاة المغرب، العدد الأول، دجنبر 2012، ص14 وما يليها)؛
وحيث إن الحق في الصمت وفي المساعدة القضائية من القواعد الجوهرية التي تندرج في اطار حقوق الدفاع وترتبط بقاعدة دستورية هي قرينة البراءة؛
وحيث إن القانون المغربي في المادة 212 رتب آثار البطلان على عدم اشعار قاضي التحقيق للمتهم بحقه في عدم الادلاء بأي تصريح وفي تعيين محام؛ وإنه من باب أولى أن يتم ترتيب نفس الأثر على عدم إشعار ضابط الشرطة للمتهم المقبوض عليه بحقه في التزام الصمت، فضلا عن كون المادتين 211 و385 من قانون المسطرة الجنائية رتبتا آثار البطلان على عدم احترام المقتضيات الجوهرية للمسطرة إذا كانت نتيجتها المساس بحقوق الدفاع؛
وحيث اقتنعت المحكمة بوجاهة الدفع الذي قدمه دفاع المتهمين، مما يتعين معه التصريح ببطلان محاضر الشرطة المتعلقة بالاستماع للمتهمين”.