بون /فاتح نونبر/ 2017 (ومع) يستعد المغرب، رئيس كوب 22 ، لتسليم الشعلة لدولة فيجى لرئاسة كوب 23 التي تحتضنها مدينة بون الالمانية (6-17 نونبر 2017 )، وقد أثبت بالفعل بأن كوب 22 كان “مؤتمر العمل” لفائدة المناخ، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، ليصبح فيما بعد التزاما راسخا لمنتظم دولي أكثر وعيا باستعجالية محاربة الاثار الكارثية للتغيرات المناخية التي أضحت تحديا عالميا.
فبعد كوب 21 ، الذي اعتبر مؤتمر “القرارات” في العاصمة الفرنسية عام 2015، تم إطلاق زخم حقيقي في المدينة الحمراء بفضل كوب 22 ، تحت الرئاسة المغربية ، والذي افضى إلى تعبئة عالمية غير مسبوقة على طريق تحقيق هدف اتفاق باريس المتمثل في الابقاء على متوسط درجة حرارة الأرض في 2 درجة مئوية .
وبذلك، يكون المغرب قد مهد الطريق من اجل كوب 23 التي تأمل الرئاسة المغربية – وتعمل من أجل – أن تجسد “الالتزام السياسي”، على حد قول صلاح الدين مزوار الذي سيسلم الشعلة لرئاسة فيجي بمناسبة انعقاد الدورة الثالثة والعشرين لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية الاطارية للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ (كوب 23).
وستتولى فيجي، وهي دولة جزرية تمثل بلدان المحيط الهادئ المعرضة بشدة لتأثيرات التغيرات المناخية، الرئاسة لتواصل العمل بشأن مختلف المواضيع والمسائل المتصلة بتنفيذ اتفاق باريس.
وما فتأت الدينامية التي اطلقها اعلان مراكش لفائدة المناخ والتنمية المستدامة، تتزايد بانخراط الدول والشركاء المؤسساتيين والمانحين والمقاولات والمنظمات غير الحكومية ، الذين تحذوهم الرغبة في الاسهام في المجهود الجماعي من اجل ضمان الامن العالمي وتسريع الانتقال الى اقتصادات ومجتمعات مستديمة ، تتسم بمستوى ضئيل من انبعاثات الغازات الدفيئة ومقاومتها للتغيرات المناخية.
وفي إطار هذا الزخم، يحسب للرئاسة المغربية لكوب 22، تسليط الضوء على الصعيد الدولي، على قضية التكيف مع التغيرات المناخية، وبالتالي اسماع صوت افريقيا في المفاوضات حول المناخ.
وانطلاقا من ترسيخ انتمائه الافريقي وتضامنه الفاعل مع البلدان الافريقية التي تتأثر بشكل كبير بانعكاسات التغيرات المناخية، نظمت المملكة، بمبادرة من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، على هامش كوب 22، اول قمة عمل افريقية.
وتوجت هذه القمة التي شهدت مشاركة رؤساء دول وحكومات ما لا يقل عن 50 بلدا افريقيا كانوا يسعون للدفاع عن مطالب القارة ، خاصة ما يتعلق بتمويل المناخ ونقل التكنولوجيا، باعتماد اعلان يرسخ رؤية مشتركة لتعزيز مقاومة القارة لانعكاسات التغيرات المناخية وتعزيز “اقلاع افريقي مستدام”.
ومن بين تجليات هذا المستوى من العمل تحت الرئاسة المغربية، التزام الدول المتقدمة بالرفع من تعبئة الاموال من اجل محاربة التغيرات المناخية على الصعيد العالمي في اطار هدف تعبئة كل سنة بحلول 2020 والى غاية 2025، 100 مليار دولار لفائدة التخفيف والتكيف.
وشكل الاجتماع التمهيدي لكوب 23 الذي انعقد في نادي (جزر فيجي) ما بين 16 و18 اكتوبر ،بالنسبة للسكرتيرة التنفيذية للاتفاقية الاطار للامم المتحدة حول التغيرات المناخية ، السيدة باتريسيا اسبينوزا، مناسبة للاشادة بعمل الرئاسة المغربية والانجازات التي حققتها وكذا دعمها لجزر فيجي من أجل الدفع باجندة محاربة التغيرات المناخية.
وأعربت عن تفاؤلها على غرار باقي الوفود المشاركة، بمستقبل المسلسل الذي انطلق في باريس وترسخ في مراكش، ويراهن على الالتزام الراسخ لرئاسة فيجي لكي تظل “الشعلة متوهجة”.
وتحت قيادة جلالة الملك، شهدت قضية المناخ زخما جديدا لعل ابرز تجلياته الاهمية التي اولاها المغرب للشراكات لاسيما من خلال “شراكة مراكش من اجل العمل المناخي الشامل”.
وتروم هذه الشراكة تسريع العمل المناخي للفترة 2017- 2020 من خلال التئام الفاعلين الحكوميين وغير الحكوميين المنخرطين في العمل المناخي في اطار نفس المنصة بهدف تقاسم النجاح والدروس وافضل الممارسات.
وفي اطار مواصلة روح مراكش، تضع رئاسة فيجي لكوب 23 كأولوية الحفاظ على التوافق المتعدد الأطراف الذي تم التوصل إليه بموجب اتفاق باريس من أجل تقليص انبعاثات الكربون، مع التطلع الى الحفاظ على الزخم الحالي لتنفيذ الاتفاق من خلال جملة من الإجراءات المناخية التي تتطلب إشراك الجميع.
ومع قرب انعقاد كوب 23، يسود الاعتقاد بان الدينامية التي طبعت مؤتمر مراكش ينبغي ان تتواصل وان تتعزز اكثر في بون وما بعد ذلك ، بدءا من كوب 24، التي ستعقد في كاتوفيتسه ببولندا سنة 2018، للتأكيد على أن اتفاق باريس لا رجعة فيه. ومن ثم، فإن هناك مؤشرات للتفاؤل ، على الرغم من الانشغالات التي أثارها قرار الولايات المتحدة الانسحاب من اتفاق باريس.