حين يصير الفقر “مدعاة للتفكك” و”مجالا للاستغلال”، هذا هو محور أحداث فيلم “المليار” للمخرج محمد رائد المفتاحي، الذي يُجسِدُ بطولته المُمثل ربيع القاطي.
يَحْكِي “المليار”، الذي عرضه النادي الحُقوقي السينمائي بالرباط، ظاهرة النّفاق الاجتماعي، من خلال قصة علي ولد صفية، الذي يشتغل في مطرح للنفايات بأحد الدّواوير، والذي يحتقره سكان الدوار باعتباره لقيطاً، وبعضهم يعامله معاملة سيئة.
لكن، بعد قيام لجنة تابعة لمؤسسة دولية، تُعنى بمحاربة الفقر، بزيارة علي ولد صفية، وشُيوع خبر مفاده أنه سيتلقى مساعدة قدرها مليار سنتيم، انقلبت النظرة إليه رأسا على عقب، حيث بدأ يتقرب منه أغلب أهالي الدوار، الذين دخلوا في صراع بينهم من أجل نيل حصة الأسد من المليار.
وهكذا، ظل الجميع يترقب عودة اللجنة ويخطط ويحلم، بل منهم من قدّم أموالا نزولاً عند طلبات علي ولد صفية، أملاً في أن يكون هو المستفيد الأكبر من “المليار”. ويوم حلت اللجنة خاب ظن الجميع، إذ كانت الهبة لا تتجاوز 500 ألف سنتيم.
عن شخصية علي ولد صفية، أوضح ربيع القاطي، الذي لعب دورها، أنّ هذا الشاب يقتات من بقايا فتات الناس ويعيش التهميش على جميع المُستويات، ويجمع بين عدة تناقضات، مضيفاً أنّ هذا التناقض الجميل يتمثل في حياة التهميش التي يعيشها هذا الشاب، الذي لا يطمح إلى المال والثروة؛ بل يناضل من أجل فرض احترامه ورفض احتقاره ونعته بـ”الزبّال”.
وأوضح بطل الفيلم السينمائي أنّ إشاعة حصول “ولد صفية” على المليار أثّرت في أهل الدوار وجعلتهم يغيرون نظرتهم الدّونية إليه، مضيفا أن “تحول سلوك محيط علي من أجل المال، واستغلال الجمعيات للفئة الهشّة من المجتمع، يعكس حقيقة المجتمع المغربي”.
واستحضر المخرج المفتاحي جانباً رمزياً في الفيلم من خلال استخدام دُمى يدخل معها علي في حوار داخلي وصراع مع الذّات. وعلق القاطي على ذلك قائلا إن “الشخصية تعيش صراعاً وُجودياً بينها وبين حضور الأم في مُخيلته، وواقع هذه الأم المجسد من خلال بقاياها وذكراها المُتجلية في جلبابها، الذي ما زال يحتفظ به، ويرافقه في مشواره”.
من جهته، أبرز المنتج عبد السلام المفتاحي أنّ “سيناريو الفيلم، الذي كتبه توفيق حمّادي، يحمل شحنة من الجمل السينمائية البصرية، دون الحاجة إلى لغة حكائية، في تتبع الشخصية، التي تحمل أبعاداً صوفية رمزية أمام مجموعة من التحديات”.
فيما أوضح الناقد الفني محمد علوط أن “المليار” يرتكز على لوحات وتثبيت الصورة على “الدمى، النفايات، النار، والمشنقة”، ويسلط الضوء من ناحية ثانية على طريقة عمل جمعيات المجتمع المدني.
وأضاف في مُداخلته أن “السينما المغربية تعتمد على عقدة الإخصاء، من خلال معالجتها عددا من القضايا كالكراهية، الانتقام، وتحصين الذات”، مشيرا إلى أن “هذه الميكانيزمات في المتخيل السينمائي بسطها المخرج في فيلمه السينمائي عبر تشريحه للواقع المجتمعي”.
عن موقع : فاس نيوز ميديا