وجد سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، نفسه في “ورطة سياسية”، بعدما أحال عليه محمد بنعبد القادر، الوزير المنتدب المكلف بإصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، ستة مراسيم للتوقيع عليها، تهم تنظيم وتدبير أشغال الحكومة، للاستفادة من أجور “سمينة” وتوزيع عادل لـ “كعكة” المناصب العليا، وفق ما أكدته مصادر “الصباح”.
وأفادت المصادر أن العثماني عقد اجتماعا طارئا في مقر رئاسة الحكومة، نهاية الأسبوع، ودرس مع مستشاري ديوانه، وبعض قادة العدالة والتنمية، تداعيات هذه المراسيم في حال إصدارها، فقرر إرجاء التوقيع عليها إلى موعد لاحق، رغم إجازتها من قبل محمد الحجوي، الأمين العام للحكومة، خوفا من تنامي حدة الاحتقان التي ارتفعت من خلال المطالبة بـ “إقالة الحكومة”، بعد أن تناهى إلى علم مقاطعي بعض المنتجات الاستهلاكية، أن الحكومة شجعت مئات الآلاف من الفلاحين والعمال المتضررين، على النزول إلى الشوارع بعد ضياع حقوقهم.
ويهم المرسوم الأول، حسب المصادر نفسها، والذي كان سيمر “حسي مسي”، ترسيم تعويضات الوزراء المحددة في 70 ألف درهم شهريا، والتي تتضمن أجرة وامتيازات تخص التعويض عن الأواني بخمسة آلاف درهم، والتعويض عن السكن بـ 15 ألف درهم، وثلاث سيارات رهن إشارة الوزير وأسرته، و”بون” المحروقات، وبدل التنقل، والطباخين وفواتير الماء والكهرباء والتدفئة، إذ نص القانون التنظيمي المتعلق بتسيير الحكومة، على ضرورة نسخ ما يتضمنه الظهير وإعادة إصداره على شكل مرسوم.
ويهم المرسوم الثاني تحديد قائمة تقاعد الوزراء المحددة في 50 ألف درهم شهريا مدى الحياة، وتعويض 70 مليونا لحظة انتهاء المهام، كي يحافظ الوزراء، وهم يغادرون مكاتبهم “المكيفة” على “بريستيج” اجتماعي يليق بمقامهم، خاصة بالنسبة إلى الذين لا يتوفرون على شركات.
وأضافت المصادر أن المرسوم الثالث مرتبط بالكتاب العامين للوزارات الذين تقرر رفع أجرتهم إلى ما يقارب تعويضات كتاب الدولة، أي 45 ألف درهم شهريا، علاوة على رفع أجور أعضاء دواوين الوزراء الذين احتجوا بدورهم على ضعف تعويضاتهم منذ عهد حكومة عبد الرحمن اليوسفي، والمقدرة حاليا بـ 12 ألف درهم، إذ تقرر في المرسوم الرابع رفعها إلى 15 ألفا، ومعهم رؤساء الديوان إلى 25 ألفا.
وكشفت المصادر أن بعض الوزراء تبنوا “بدعة سياسية”، تسمى “نواب المديرين المركزيين” بنسخ تجربة وزارة الاقتصاد والمالية، وتعميمها على باقي الوزارات، فصدر المرسوم الخامس لإحداث هذه المناصب الجديدة، تلبية لرغبات بعض كبار مسؤولي المركزيات النقابية الذين لديهم “أحبابهم” مسؤولون لكنهم لم يصلوا إلى رتبة المدير، وعبر هذا المرسوم سيصبحون نواب مديرين مركزيين بتعويضات سمينة.
والأخطر في المرسوم السادس هو مراجعة قانون التعيين في المناصب العليا، إذ مع ارتفاع حدة الاحتجاجات بهيمنة المتحزبين و”باك صاحبي” على المناصب العليا خارج الإطار القانوني، اهتدى أحد ” العفاريت” في وزارة الوظيفة العمومية، إلى فكرة التلاعب بالتعيينات بإحاطتها بضمانة قانونية المرسوم كي لا يطعن فيها أحد، من خلال انتقاء الوزير مباشرة ملف من يرغب في أن يتولى المنصب العالي، مع إلغاء مسطرة تقديم المرشحين عروضهم أمام لجنة مختصة، لتعرض قادة الأحزاب لضغوطات من قبل ممولي الانتخابات الراغبين في توظيف أقاربهم.
عن موقع : فاس نيوز ميديا