تقرير اللقاء العلمي الأول للدكتور يونس لوليدي بفاس.. “التراث الإسلامي” قراءة مغايرة

عرفت قاعة مديرية وزارة الثقافة بفاس، يوم السبت 11 ماي 2019م، لقاءا علمياً بعنوان “التراث الإسلامي: قراءة مغايرة” من تأطير الأستاذ الدكتور يونس لوليدي.
وجدير بالذكر أن اللقاء هو أول محاضرة من سلسلة ثلاثية تنظمها جمعية أصدقاء المدينة للثقافة والفن بشراكة مع كلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز بفاس ومديرية وزارة الثقافة بفاس.
وتأتي سلسلة المحاضرات في إطار انفتاح الجامعيين والباحثين على الساحة الثقافية والفكرية خارج أسوار الجامعة، من أجل تعميم الفكر النقدي والتشجيع على البحث والإنتاج الفكري والثقافي.

وقد تطرق الدكتور في مستهل عرضه إلى تحديد المفاهيم و توضيح الفرق بين التراث الإسلامي كإنتاجات فكرية لمسلمين تهم مختلف التخصصات الدينية من فقه وسيرة نبوية وعذاب قبر وما جاورها.
وبين الإسلام كدين يحدده القرآن الكريم وما صح من السنة النبوية، مؤكدا ومسطرا على قوله “ما صح” من السنة النبوية.
ثم استرسل في تقديم مختلف الفرق والمجموعات الإسلامية وكذا مختلف المذاهب, مشيرا إلى خطورة هذه التفريقات المذهبية وما تؤدي إليه من انشطارات وصراعات، مبينا أن هاته التقسيمات تخالف أوامر الله سبحانه وقوله تعالى في سورة الأنعام: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (159).

وفي اتصال بالموضوع وجه الدكتور لوليدي نقداً لكتب التفاسير والأحاديث كتراث إسلامي، وشدد على ضرورة استخدام العقل والحس السليم في تحليل التفاسير القرآنية وعدم الأخذ بها دون طرح أسئلة أو اعتبارها مسلمة وتقديسها.
وبعد تقديم نبذة عن أنواع الأحاديث وطرق التجميع، وجه انتقادات لعلم الرجال وآلياته التي تعد منهاج تجميع الأحاديث.
واعتبر الدكتور هذا المنهاج نسبيا وغير مضبوط، مخصصاً بعد ذلك كتاب صحيح البخاري بالذكر كونه يعتبر أصح كتاب بعد القرآن عند فئة عريضة من المسلمين.

و في هذا الباب تحدث الدكتور عن تناقضات الأحاديث المجمعة في صحيح بخاري مع بعضها البعض ومع بعض الآيات القرآنية. معتبرا أن البخاري اعتمد على علم الرجال في تجميعه للأحاديث دون الأخذ بعين الاعتبار المتن, أي ما ورد في الحديث, مقدما أمثلة عن أحاديث تتواجد بالبخاري وتمس شخص النبي صلى الله عليه وسلم وتعارض ما أتى به القران من تشريعات ووصايا.
وفي هذا السياق أكد الدكتور يونس لوليدي أن طرحه لا يتجلى في التخلي عن السنة النبوية أو أحاديث صحيح البخاري وإنما في تنقيح الروايات والأحاديث دون تقديس لشخص البخاري كونه أولاً وقبل كل شيء إنسان غير معصوم من الخطأ, كما أكد على ضرورة احترام شخص النبي وما ورد في القرآن الكريم.
ثم دعا إلى منهج بديل عن علم الرجال مشترطاً فيه ألا يعارض الحديث ما ورد في القرآن الكريم، ثم ألا يعارض ما يصح في حق النبي صلى الله عليه سلم من أخلاق رفيعة ثم ألا يعارض العقل والحس السليم والعلم.

وفي تطور لاحق فتح باب المداخلات والنقاش للحضور، الذين عبروا عن أهمية هاته المحاضرات العلمية ودورها في التحفيز على الفكر والتحليل النقديين، معتبرين هاته المحاضرة بداية مشوار لتنقيح التراث الإسلامي من بعض الأحاديث والتفاسير المسيئة للدين الإسلامي والتي تستغلها الحركات الإسلامية المتطرفة لتبرير جرائمها ضد الإنسانية.

وبينما اعتبرت بعض المداخلات أن تنقيح كتب الحديث من بعض الأحاديث، وإن كانت تمس بالنبي، هو تشكيك في صحة السنة النبوية، رد البعض الآخر أن تنقيح كتاب البخاري ليس تشكيكا بالسنة بقدر ما هو دفاع عنها ودفاعا عن الإسلام و عن شخص الرسول صلى لله عليه و سلم و عن قدسية القرآن الكريم.

وفي الختام ضرب الدكتور يونس لوليدي للحاضرين موعدا يوم السبت 25 ماي 2019م في لقاء علمي ثان بعنوان : ” عوائق الحوار بين أتباع الشرائع السماوية” على الساعة الرابعة والنصف مساء بقاعة مديرية وزارة الثقافة بفاس.

تقرير: ندى ناجي