باستياء شديد، استقبل المغاربة واقعة إحراق العلم الوطني على هامش المسيرة التي نظمت بباريس من أجل المطالبة بإطلاق سراح معتقلي “حراك الريف”، وفي مقدمتهم “أيقونة الحراك” ناصر الزفزافي، من لدن ناشطة شاركت في المسيرة، الأمر الذي رد عليه المغاربة بـ “تدوينات” استنكارية بلهجة حازمة.
الوطن خط أحمر
عمر الشرقاوي، أستاذ جامعي، علق على الموضوع بالقول: “حينما ندافع عن رموز الوطن وعناوين العيش المشترك، فليس لأننا نريد تغطية الشمس بالغربال، وليس لأننا ندعي أن مدارسنا ومستشفياتنا وقضاءنا وحكومتنا بخير، أبدا، الوطن مليء بالأعطاب والمظالم والإقصاء والحكرة، لكنه بيتنا الذي نتخاصم فيه ونغضب بين جدرانه، لكن بالتأكيد ليس بورصة ندخلها لربح بعض الأسهم، وإذا خسرنا ندير لها الظهر”.
وذهب صلاح الوديع، ناشط حقوقي، إلى القول إن “الذين أحرقوا العلم المغربي، إن كانوا أجانب فقد أحرقوا قلوبنا معه، وإن كانوا مغاربة فقد أحرقوا جلودهم معه، لكن مهما يكن هؤلاء إياهم أن يعتقدوا أنهم أصابونا في مقتل على ضفاف السوشل ميديا سهلة التحدي وبخسة الثمن”، مضيفا: “لسنا ندعي أننا أصدق من أحب وطنه، لكن هذه البلاد تسكننا بلا استئذان منذ زمان”.
أما عثمان الطرمونية، الكاتب العام لمنظمة الشبيبة الاستقلالية، فكتب قائلا إن “إحراق العلم الوطني، بالإضافة إلى كونها جريمة يعاقب عليها القانون، فهي حدث أخرق من مجموعة من الأشخاص لا يمكن إلا التنديد بفعلتهم والتصدي لها”، ثم زاد: “العلم الوطني رمز من رموز السيادة المغربية، هو جزء من هويتنا، ورابط من روابط انصهار القبائل المغربية من الريف إلى الصحراء، مرورا باجبالة وتازة وزنات وسوس…”.
خالد البكاري، ناشط حقوقي، كتب على حائطه قائلا: “تفاهة إحراق العلم والاستثمار المخزني، بشهادة أغلب من حضروا، وما هو موثق بالصور والفيديوهات، فقد كانت مسيرة الذين انضبطوا لنداء المعتقلين أكبر بكثير من تلك الخاصة بمن يسمون أنفسهم بالجمهوريين”، وتابع مسترسلا: “في لقطة تافهة فاقدة لأي معنى، ولأي حط بالمسؤولية، وبنزق، أحرقت إحداهن وسط متجمهرين قلائل العلم الرسمي للمغرب”.
وأشار المتحدث نفسه إلى أن “هذا الفعل المدان المفتقد للذوق والنباهة، الذي أدانه النشطاء الفاعلون في مسيرة باريس المنضبطة لمطلب إطلاق سراح المعتقلين، سيلتقطه أنصار المقاربة الأمنية لتشويه قضية المعتقلين خاصة، وحراك الريف عامة، من أجل العودة لأسطوانة الانفصال”.
وفي المنحى ذاته مضت جل تعليقات النشطاء المغاربة على وسائط التواصل الاجتماعي، معتبرة أن “العمل المشين لا يعبر عن وجهة نظر حراك الريف، ذلك أن هذا العمل صادر عن أقلية لا تأثير لها ولا قيمة لديها، ويعبر عن مراهقة سياسية ليس إلا”، مجمعة على أن “الوطن خط أحمر”.
سلوك همجي
وفي وقت سابق ندد مجلس الجالية المغربية بما اعتبره “عملا صبيانيا وجبانا، ومسا خطيرا بأحد رموز السيادة الوطنية، وخدشا لكرامة المواطنين المغاربة داخل الوطن وخارجه”، إثر قيام بعض الأشخاص بحرق العلم الوطني في مظاهرة بالعاصمة الفرنسية باريس يوم السبت الماضي.
وأكد الأمين العام للمجلس، عبد الله بوصوف، أن تدنيس العلم الوطني “عمل إجرامي لا علاقة له بحرية التعبير عن الرأي”، مضيفا أن هذا السلوك الهمجي “يسيئ لأجيال من المغاربة والمغربيات من شمال المغرب إلى جنوبه، الذين قدموا تضحيات جساما من أجل استقلال المغرب ووحدة أراضيه ونمائه وتقدمه”.
كما ذكّر مجلس الجالية المغربية بما قدمته، ولا تزال، مختلف أجيال المهاجرين المغاربة في سبيل الدفاع عن وطنهم الأم المغرب، والتشبث القوي بمقدساته، وحرصهم على تربية أبنائهم على هويته المتعددة المنفتحة والمتسامحة، وتنشئتهم على تمثيله أحسن تمثيل، مؤكدا أن مثل هذه الأساليب المستفزة “لن تستطيع المس باللحمة الوطنية والعلاقة الوجدانية التي تربط مغاربة العالم بوطنهم الأم، ملكا وشعبا، والتي ما فتئوا يعبرون عنه في كل مناسبة”.
من جهته استنكر المجلس الفدرالي المغربي الألماني قيام شرذمة من الانفصاليين “المحسوبين على حراك الريف، المعادين للوحدة الترابية للمملكة المغربية، بإحراق العلم المغربي بباريس”.
وأفاد المجلس، في بيان استنكاري صادر عنه، بأنه اجتمع رفقة أعضاء من جمعيات المساجد الممثلة للمجتمع المدني بألمانيا بهدف إصدار البيان المذكور، “الذي يستنكرون فيه تلك التصرفات اللامسوؤلة لهذه الشرذمة المعادية لاستقرار المغرب ووحدته وتماسكه تحت القيادة الرشيدة والمتبصرة للملك محمد السادس”.
وعبّر الموقعون على البيان عن استعدادهم “وتجندهم الدائم وراء الملك محمد السادس للتصدي لمثل هذه الأفعال المشينة الصادرة عن شرذمة من الأفراد دعاة الفوضى والتخريب لوطننا العزيز”، بتعبير البيان الاستنكاري ذاته.
عن موقع : فاس نيوز ميديا