حرب الشوارع ليلة عاشوراء المغربية.
محسن الأكرمين.
قد لا نعرض جلد ذواتنا بالضرب أو السيوف و إسالة الدم الطري، قد لا نتقمص عادات آتية من الإرث والثقافة الشيعية في ليلة إحياء عاشوراء، وصناعة احتفالات حرب الشوارع بالقنابل والصواريخ المضيئة والكر والفر مع العناصر الأمنية. ولكن، اليوم بتنا نتفنن في ممارسة طقوس هامشية من صناعة الصين الشعبية، باتت حرب المفرقعات والصواريخ السماوية والأرضية تحدث الفزع في الساكنة والمدن، وتحرك دوريات الأمن الوطني في زمن (كورونا) اللعين من البشر.
هي عاشوراء التي تشعل فيها النيران في عجلات السيارات (شعايلة) وسط أحياء شعبية، اقتفاء بتفكير ساذج يحارب الشر وحسد العين الماكرة بالنار وليس بالوعي العقلاني. هي عاشوراء التي تمارس فيها أسوأ جمر مجامير الأبخرة والسحر الأسود ومفاسد الدنيا والتفرقة. نعم، هي عادات وممارسات دخيلة من العرف الاجتماعي البعيد وبالتطوير الغبي، والذي تقوى حتى عن العقيدة الصافية من الشوائب. هي ليلة لرمزية اغتيال العقل و التفكير المنطقي، وممارسة طقوس وشعائر تعود إلى (عبدة النار) والسحرة المفسدين من أتباع (كاسندرا) اليونانية، هي الليلة التي يغيب فيها الوعي الفردي و يحضر العقل الجمعي المشاغب عقل ( البنج) الذي لا اختيارات له في الحداثة والتحضر.
كلمة (التبرهيش) لم تعد تسعف أن نطلقها على من يعرض ذاته والآخر في زمن (كورونا) إلى حرب المفرقعات في الشوارع العامة، لم تعد كلمة (التبرهيش) ذات الدلالة السيمائية بالدارجة و تستوفي وصف عقلية الفوضى ومهاجمة القوات العمومية واللعب بالنار، لم تعد تستحمل جزءا من الشعب نفسه لا يفطن إلى مخاطر (كوفيد 19) بل أصبح هو (الوباء بعينه) يصنع الفوضى حتى في عاشوراء، وذلك بأسباب لا واعية يتداخل فيها واقع مركزية الأفراد ومستوى الهشاشة الفكرية والاجتماعية (ما شي شغلي ندير لي بغيت).
إنه جزء من جيل التخدير المبنج للعقول والسلوكيات السلبية وغياب الوعي الوطني والديني، إنها السلوكيات الجانحة ورمزية قمة اغتيال العقل والحداثة ليلة عاشوراء، لن نسترجع مشاهد سير الشهداء للقتل من زمن ماضي (العراق) فقد قضى الله أمرا، لن تخترق ثوابتنا ومرجعياتنا الدينية الوطنية عادات آتية من الشرق الأدنى والأقصى وإسالة الدم بقنابل الصين وإحداث الفوضى المدوية ليلا، لن نحول فرجة عاشوراء المغربية من الفرح نحو حرب الشوارع والقنابل واستعمال الحجارة للقصف الفوضوي. اليوم بابا عاشور المغربي بسلوكياته الجانحة “جا يصلي وداه الواد، وجمعاتوا دوريات الأمن” ، اليوم بات القفز على النار بمغرب (كوفيد 19) لا يحمي أحدا من الشر وعين (كورونا) التي لا تنام ولا تستكين انتشارا وتوسعا، الليلة بات السحر مشتعلا في حوارينا بلا هوادة، وأصبحنا اليوم على غد آت من (حروز فقيه مشعوذ، ومجامير شوافة)، زمن الخرافات والمستوردات السلوكية التي لا علاقة لها بالدين بالمرة.