نشر الدكتور ادريس الخرشافي أستاذ التعليم العالي بجامعة وجامع القرويين بفاس، منشور على صفحته بمنصات مواقع التواصل الإجتماعي بالفيسبوك، يُوضح فيه شبهات وردت في موضوع صوم يوم عاشوراء.
و جاء توضيحه كالتالي :
” تناقلت بعض مواقع التواصل الإجتماعي أشرطة سمعية بصرية تشكك في صوم يوم عاشوراء ، يتلفظ بها أدعياء ممن استهوتهم الشبهات فركبوها ، و أعيتهم النصوص أن يستوعبوها .فما فهموها على وجهها ، و لا أسلموها لمن من الله عليه بالفهم عن الله و رسوله صلى الله عليه و سلم فيفهمها على وجهها .
فمن هذا القبيل دعواهم : أن اليهود هم من أخبر النبي صلى الله عليه و سلم بعاشوراء فأخذ عنهم مشروعية صومها.
و للجواب على هذه الدعوى نورد رواية ابن أبي شَيبَة بسندٍ جيدٍ، عن أبي هُرَيرَة يرفعه: “يومُ عَاشُورَاء تَصُومُه الأنبياءُ عليهم الصلاة والسلام، فصوموه أنتم “.
و غاية ما في رواية ابن عباس التي فيها أنه صلى الله عليه و سلم لما قدم المدينة وجد اليهود تصوم عاشوراء ..” أنه لم يَحْدُثْ له لقول اليهود تجديدُ حكمٍ، وإنما هي صفةُ حالٍ، وجوابُ سؤالٍ.
قال القاضي عياض: قد ثبت أن قريشًا كانت تصومه، وأن النبي – عليه السلام – كان يصومه، فلما قدم المدينة صامه، فلم يُحدث له صوم اليهود حكمًا يحتاج إلى التكلم عليه، وإنما هي صفة حال، وجواب سؤال، فدل أن قوله في الحديث “فصامه” ليس أنه ابتدأ صومه حينئذ ..”
ومنه قولهم أنه صلى الله عليه و سلم لما قدم المدينة قال ما قال مما حكاه راوي الحديث ، ثم قال :” لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع .” وهو صلى الله عليه و سلم دخل المدينة في العام الهجري الأول ، فكيف اتفق ألا يصوم التاسع في العام الثاني ؟
و الجواب على هذه الشبهة أن قول الراوي قدم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المدينة) يقتضي تقدير محذوف هو :” فأقام بها إلى عاشوراء من السنة الثانية (و) إذا (اليهود تصوم عاشوراء) فسألهم (فقالوا: هذا يوم ظهر فيه موسى على فرعون ” ..
و أما قوله في آخر الحديث :” أنه صلى الله عليه و سلم لم يعش إلى قابل أي إلى العام الموالي هو العام الحادي عشر من الهجرة ..
فجواب هذا أنه صلى الله عليه و سلم لما رد المسلمين إلى صوم عاشوراء فصاموا ذلكم اليوم على هدي الإسلام مخالفة لطريقة اليهود في صومهم ، أراد صلى الله عليه و سلم أن يخالفهم بصوم يوم آخر معه و تأخر الإخبار بذلك إلى العام العاشر ، و لم يكتب له صلى الله عليه و سلم أن يفعل ما عزم على فعله لحكمة أرادها الله تعالى ، و لعلها كامنة في الرغبة في التخفيف على الأمة .
و على هذا فالحديث ثابت النقل ، مستقيم العبارة ، و الحوادث فيه منتظمة ، و إنما وقع العطب في الفهم و الاستيعاب .
و في كلام هؤلاء الأدعياء شبهات و أباطيل أخرى لا نطيل بإيرادها و الرد عليها .
قال الحق سبحانه :” هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ّ.
اهـ و كتبه عبيد ربه تعالى إدريس بن الحسن الخرشافي يوم عاشورام من أربعة و أربعين و أربعمائة و ألف من هجرة رسول الله صلى الله عليه و سلم”
المصدر : فاس نيوز ميديا