أعلن المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، اليوم الاثنين 04 نونبر 2024، عن اكتشاف مذهل يسلط الضوء على التاريخ الطبي للإنسانية، حيث عثر فريق دولي على أدلة لاستخدام الأعشاب الطبية في مغارة الحمام بتافوغالت، تعود إلى 15 ألف عام.
و تم نشر هذا الإنجاز في المجلة العلمية الشهيرة “Nature”، مما يعكس الأهمية الكبيرة لهذا الاكتشاف في فهم عراقة الحضارة البشرية.
تمثل الأعشاب المكتشفة، وخاصة نبتة “إفيدرا” أو “العلندى”، حجر الزاوية في هذا البحث. حيث وجدت ثمارها في منطقة من المغارة، والتي كانت تستخدم لدفن الموتى وفق طقوس جنائزية خاصة. و تشير الدراسات إلى أن المجتمعات البشرية في تلك الفترة كانت تعتمد على هذه الأعشاب لأغراض علاجية، بما في ذلك معالجة نزلات البرد والحد من النزيف.
يُعزز هذا الاكتشاف الفهم حول ممارسات العلاج القديمة، ويُبرز براعة الأجداد في استخدام الموارد الطبيعية. ويدل على أن البشر قبل 15 ألف عام كانوا يمتلكون معرفة دقيقة بكيفية الاستفادة من النباتات، مما يتجاوز المفاهيم السائدة حول القدرات الطبية للإنسان في عصور ما قبل التاريخ.
أظهرت الأبحاث السابقة في المغارة نفسها أنها شهدت أقدم عملية جراحية معروفة، حيث عُثر على آثار لعملية جراحية على جمجمة بشرية، ما يُظهر أن الشخص الذي خضع للعملية قد عاش وعانى من آلامه بفضل تلك الأعشاب. وقد أظهرت الدراسات أن هذه العملية كانت تُنفذ بطريقة متقدمة، مما يشير إلى مستوى عالٍ من المعرفة الطبية.
ضم الفريق العلمي مجموعة من الباحثين المتميزين، بما في ذلك إسماعيل الزياني، الذي يدرس الدكتوراه في جامعة لاس بالماس، وعدد من الباحثين من معاهد أكاديمية مرموقة، مما يعكس التعاون الدولي في الأبحاث الأثرية.
يُعتبر هذا الاكتشاف أكثر من مجرد دليل أثري؛ فهو يُسلط الضوء على فهم أعمق للقدرات البشرية في استخدام الأعشاب في الطب، مما يُعيد تشكيل وجهات نظرنا حول ممارسات الأجداد. إن فهم كيفية عيش هؤلاء الناس في التناغم مع الطبيعة وابتكارهم طرقًا لعلاج الأمراض يعكس قدرة الإنسان على التكيف والابتكار.
في النهاية، يُظهر هذا الاكتشاف أهمية البحث الأركيولوجي في تسليط الضوء على ماضي البشرية، ويعزز من مكانة المغرب كمهد للحضارة الإنسانية.
المصدر : فاس نيوز