مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية رقم ستين، التي ستحسم نتائجها اليوم الثلاثاء 05 نونبر 2024، تتطلع الأوساط المغربية إلى معرفة ما سيحمله السباق الرئاسي من تأثيرات على علاقات المغرب بالولايات المتحدة، خاصةً في ملف قضية الصحراء المغربية.
ففي ظلّ التوترات الراهنة بمنطقة الشرق الأوسط والصراع المستمر في فلسطين ولبنان، يتساءل الكثيرون عن مدى الاهتمام الذي ستحظى به القضية المغربية من الرئيس الأمريكي القادم، سواء أكان ذلك بولاية جديدة لدونالد ترامب أو بفوز هاريس عن الحزب الديمقراطي.
في هذا السياق، يرى الخبير في العلاقات الدولية، الدكتور سعيد الصديقي من جامعة سيدي محمد بن عبد الله بمدينة فاس، أن السياسة الأمريكية تجاه الصحراء المغربية قد لا تشهد تغييرات كبيرة، موضحًا أن الموقف الأمريكي يميل للحفاظ على الوضع الراهن دون تقدم ملموس أو تراجع.
ويضيف الصديقي أن احتمالية تنظيم زيارات مسؤولين أمريكيين إلى الأقاليم الجنوبية قد تظل على طابعها البروتوكولي البسيط، دون تبني خطوات استراتيجية جديدة إلا فيما يتعلق بالدبلوماسية المدنية والعلاقات العامة، وهو ما يُعتبر – في نظره – خطوة مهمة إذا اقترن بمزيد من الاعتراف الصريح بسيادة المغرب على الصحراء.
ويستذكر الصديقي الحديث حول افتتاح قنصلية أمريكية في الأقاليم الجنوبية، معتبرًا أن هذا الأمر سيظل رمزيًا إذا لم تصاحبه تدفقات استثمارية أمريكية كبيرة إلى تلك المناطق. ويؤكد أن قرار فتح قنصلية هناك ربما قد يصطدم بموافقة الكونغرس، في وقت لا يرى فيه المشرعون الأمريكيون فائدة كبرى في هذه الخطوة حاليًا. ويرى الصديقي أن سياسة ترامب قد تجعل هذه الخطوة ممكنة من باب المرونة السياسية، ولكنه يشير إلى أن ترامب لن يتخذها دون مقابل سياسي من المغرب.
على الجانب الآخر، يتوقع الصديقي أن تتردد كمالا هاريس في المضي قدمًا نحو فتح القنصلية، بالنظر إلى توجه الحزب الديمقراطي الحالي، الذي قد يتحفظ على اتخاذ قرارات داعمة للمغرب في هذا الملف.
وبالانتقال إلى ملف الشرق الأوسط، خاصة في ظل الحرب الدائرة في غزة وجنوب لبنان، يؤكد الصديقي أن أي إدارة قادمة قد تضغط نحو إيجاد تهدئة، لكن السؤال الأساسي يتمثل في “على حساب من؟”. ويضيف أنه إذا فاز ترامب بولاية جديدة، فمن المتوقع أن يعزز دعم إسرائيل سياسياً وعسكرياً ويفرض أمرًا واقعًا جديدًا في فلسطين ولبنان، متماشيًا مع توجهات اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة. في المقابل، إن فازت كمالا هاريس، فقد يُتوقع منها اتخاذ بعض الخطوات لتهدئة الأوضاع، وربما إعادة طرح خيار حل الدولتين، مع التركيز على مساعي السلام.
ويختتم الصديقي بالتأكيد على أن السياسات الخارجية للولايات المتحدة تُبنى في المقام الأول على حماية مصالحها الاستراتيجية، رغم التباينات الطفيفة بين الحزبين. وعلى الرغم من تزايد الأصوات الديمقراطية المناهضة لتأثير اللوبي الإسرائيلي، إلا أن ذلك لم يُحدث تحولًا جوهريًا في السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط.
وهكذا، تبقى مسارات السياسة الأمريكية تجاه المنطقة، وبالأخص تجاه ملف الصحراء المغربية، مرهونةً بنتائج الانتخابات المقبلة وتوجهات القيادة الجديدة في واشنطن، في انتظار رؤية واضحة تبرز فيها مصالح الطرفين بشكل متوازن.
المصدر : فاس نيوز