دراسة الومضة (4) للمبدع “نصر سيوب” (د. فاطمة الديبي)

“نورُه
حَجَبَ ضَوْءَ الْقَمَرِ
وَجْهُ حَبيبَتي”

  • تقديم :
    تعتبر الومضة الأدبية فنّاً إيجازيّاً يعتمد على الكلمات القليلة للتعبير عن معانٍ عميقة. وفي هذه الومضة البسيطة للمبدع نصر سيوب، نجدها تتسم بالعمق والاختصار، حيث تحمل في طياتها معاني متعددة تعكس مشاعر الحب والهيام. كما نجد تركيزاً شديداً على الصورة الشعرية، واستخداماً دقيقاً للغة، مما يخلق عمقاً ومعنىً يتجاوز المعنى الظاهري.

1- البنية اللغوية :
تتكون الومضة من جملة واحدة تتضمن ثلاثة أجزاء مترابطة : النور، القمر، ووجه الحبيبة؛ مما يعكس أسلوباً مكثفاً ومركزاً. استخدام الفعل “حجب” يعبر عن قوة تأثير “النور” على “ضوء القمر”، مما يخلق صورة شعرية قوية. هنا، يُظهر المبدع كيف أن نور الحبيب يمكن أن يتفوق على جمال القمر، مما يعكس عمق الحب الذي يشعر به تجاه حبيبته.

2- التوازن :
هناك توازن بين الأجزاء الثلاثة، حيث يقابل “نورُه” ضوء القمر، و”وجهُ حَبيبَتي” هو الذي يحجب هذا الضوء.

3- الإيجاز :
استطاع الكاتب أن يعبر عن فكرة عميقة في جملة واحدة، مما يبرز قوة التعبير في الومضة.

4- المعنى الظاهري :

١ـ الحب كضوء : يشبه المبدع نور وجه حبيبته بنور القمر، ولكن هذا النور أشد سطوعاً وأكثر جاذبية.
٢ـ الحجب : يحجب نور وجه الحبيبة ضوء القمر، مما يدل على أن جمالها يفوق جمال كل شيء آخر.
٣ـ التفضيل : يفضل الشاعر نور وجه حبيبته على نور القمر، مما يعكس عمق حبه لها.

5- المعاني الباطنية :

١ـ الحب ككشف : يمكن تفسير الومضة على أنها تعبير عن أن الحب يكشف لنا جمالاً جديداً في العالم، جمالاً يتجاوز جمال الطبيعة والقمر.
٢ـ الحب كقوة : يشير حجب نور القمر إلى قوة الحب في تغيير منظورنا للعالم، حيث يصبح كل شيء أقل أهمية مقارنة بجمال الحبيب.
٣ـ الحب كإلهام : يمكن أن تكون الومضة تعبيراً عن إلهام المحب بجمال حبيبته، حيث يرى فيها مصدراً للإلهام والإبداع.

6- الأبعاد الجمالية :

١ـ الصورة الشعرية: الصورة التي رسمها الكاتب في الومضة هي صورة بديعة، حيث يجمع بين جمال الطبيعة (القمر) وجمال الإنسان (الحبيبة).
٢ـ الإيقاع : الإيقاع الموسيقي للكلمات يعزز من جمال الومضة ويجعلها سهلة الحفظ والترديد.
٣ـ الرمزية : استخدم الكاتب الرمزية بشكل مكثف للتعبير عن معانيه، حيث يرمز النور إلى الجمال والحب، والقمر إلى الطبيعة والكمال، والحجب إلى الظلام.
٤ـ التركيز على الحواس : استخدم الكاتب حاسة البصر لوصف جمال الحبيبة، مما يخلق صورة ذهنية واضحة للقارئ.
٥ـ التكثيف : استطاع الكاتب أن يكثف الكثير من المعاني في كلمات قليلة، مما يجعل الومضة عملاً فنيّاً متكاملاً.
ــ خاتمة :
تعكس هذه الومضة قدرة المبدع نصر سيوب على استخدام اللغة بشكل مبدع لنقل مشاعر الحب والشوق. كما تعتبر نموذجاً رائعاً للغة الشعرية المكثفة والإيجاز. من خلال الرمزية والتباين بين النور والظلام، ليتمكن في الأخير من خلق صورة شعرية قوية تترك أثراً عميقاً في نفس القارئ.

عن موقع: فاس نيوز