أصبح الحديث عن المجلس الإداري لأكاديمية وجدة الحدث الصحفي الأبرز في الجهة الشرقية، و أضحى معه التهكم على شخصية السيد محمد الوفا وزير التربية الوطنية بل و السباق المحموم نحو تجريحه و سبه و قذفه المجال الخصب لبعض صحافة السوق في الجهة، و نصب كثيرون أنفسهم مدافعين عن الحق و الكرامة و محامين خولوا لأنفسهم حق المرافعة عن شخصيات الشرق البارزة و عن حقوق الإنسان حتى ليخيل للمرء أن الوزير لا يملك أدنى حق كإنسان يجرم فعل سبه و قذفه بل و التهكم على صفاته الجسمية التي لم يملك أحد منا في يوم من الأيام حق اختيارها … بل و كثيرون للأسف سمحوا لأنفسهم – و هم يا حسرتاه – أساتذة كنا نتخذهم قدوة لنا في الترفع عن سفيه القول بأن يبالغوا في الإساءة إلى الأستاذ ” محمد الوفا ” لكونه مراكشيا، بل و أهانوا العاصمة الحمراء و معها جامع الفنا و معهما كل فن شعبي لا زال إلى اليوم منذ سنين عديدة قبلة لسياح الداخل و الخارج، و عابوا لكنته المراكشية في ميز عنصري غير مسبوق و لا مبرر، دون اعتبار ما يلي :
1- أن الذي يسبون و ينعتون بقبيح الصفات مجرد إنسان من هذا الوطن العزيز، و حري بنا أن نعتز بمراكشيته لمغربيتها و للتاريخ الحافل لهذه القلعة المناضلة، و مساهمة رجالاتها في صنع المغرب الحديث، ذلك أن لا عاقل يفهم الصلة بين قرار منع الصحافة من حضور المجلس الإداري و نعت الوزير بكونه لا يحسن إلا ترقيص قردة جامع الفنا أو أنه ينتمي لمدينة هذا الجامع.
2- أن من حق أي مسؤول أن تكون له وجهة نظره الخاصة في ما هو مسؤول عنه، و أن النقد لم يكن يعني أبدا السب و القذف و التجريح، و أن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية، و أن الاحتجاج على قرار ما أمر مقبول أخلاقيا ودستوريا في شكله الحضاري الملتزم – كما وعى ذلك بعض من نظموا وقفات احتجاج من ممثلي بعض منابر الإعلام و جمعيات المجتمع المدني – دونما الحاجة إلى ألوان السباب و القذف و تحريك عصا العصبية الجاهلية و الميز الجغرافي و العرقي و كأننا في حرب الشمال و الجنوب الأمريكية الغابرة.
3- أ ن المتزن العاقل يرفض امتهان الكتابة لخلط التربوي بالسياسة، و إسقاط خلاف سياسي يعرفه الجميع على مستوى المجلس البلدي للمدينة لسب وزير، علما أن اختلاف الانتماء الحزبي لم يكن أبدا جريمة، بقدر ما هي قناعات لا تقبل كل هذا الكم من التحامل البغيض و إشعال فتيل فتنة لن تحرق في النهاية إلا مشعلها.
4- أن كثيرين من هؤلاء المهرولين مرضى بداء جنون العظمة لأنهم لا يدركون أنهم في مناصب لا تخول لهم أن يستشاروا عمن يمكن أن يوكل إليه أمر التربية و التكوين أو غيرها، و الغريب الأغرب أن تجد معظمهم نفس الأشخاص الذين شحذوا أقلامهم و سخروا كل ورق لديهم للنيل من قرار تعيين الأستاذ محمد أبو ضمير مديرا على رأس الأكاديمية الجهوية للتربية و التكوين معتبرين أنفسهم الأجدر و الأنسب و الأقدر، و ربما منهم من يرى اليوم أنه كان حريا بالسيد رئيس الحكومة أن ينصبه بدل هذا المراكشي ذو اللكنة التي لم ترق للشرقيين و المنحدر من جامع الفنا و كأنه انحدر من تخوم البوليساريو لا يملك حقه في تراب أرض أجداده و آبائه من هذا الوطن العزيز، علما أن الوطن كان غفورا رحيما حتى مع هؤلاء.
5- أن أمر الدفاع عن العلامة السيد مصطفى بنحمزة، وسط كل هذا ربما يكون حقا أريد به باطل، ذلك أن الدكتور السيد بنحمزة هو الشخص الوحيد الذي يمكنه أن يلمس إن كان الكلام الموجه له على وجه الدعابة أو أريد به شيء آخر و ليس أحد غيره، خاصة إذا كان جل ممن يدافعون عنه الآن بقوا خارج أسوار الاجتماع و اعتمدوا الخبر بالرواية من جهة، ومن جهة أخرى لا أظن أن الشيخ العلامة على علو همته و دماثة خلقه سيوكل إلى أحد من هؤلاء حق المرافعة عنه، و هو يدرك أن هذه المرافعة ما هي – في كثير منها- إلا مجرد عصا للضرب أكثر منها حبا في شخصه و تقديرا لمكانته من بعضهم.
6- ألا يرى الصحفيون المهرولون أن سب وزير أو مسؤول أو أي إنسان مهما كان – و إن أخطأ – هو من صميم الديموقراطية الجديدة، و هدف جميل حققه الربيع المغربي، كما يحلو لأستاذي الكبير ” محمد الشركي ” أن يراه ؛
7 – ألا يكون سبب كل هذا التحامل و الهرولة لبعض الصحفيين/المفتشين هو قرار السيد الوزير الذي قطع الحليب عن رضاعة السادة المفتشين من تكوينات الإدماج.
8- ألا يكون منع الصحافة من حضور المجلس الإداري مطية تسمح لبعض الصحفيين بركوب كل موجة حتى الوضيعة منها للانقضاض على شخص الوزير و إباحة سبه و قذفه و تجريحه، ثم الادعاء باحترامها لمهنيتها تماما كما فعل ـ صحفي ـ و هو يختم مقاله في الخط الأحمر و الذي تجاوز – موغلا في التجاوز – كل الخطوط الحمر الأخلاقية و المهنية و الشرعية واصفا الوزير بالمغرور و الوقح، مقحما المرأة التي أدت دورها كمسؤولة عن الاتصال بالوزارة ليس إلا في موضوع لا علاقة لها به، و كأن – من جهة- كل ما له علاقة بالوزير غير مرغوب فيه ؛ و من جهة أخرى، أن مجرد إقحام امرأة ما – في نظره – ربما يزيد من تبخيس قدر الوزير، خاصة أنه رجح ما اقترحته عليه امرأة. و هو إذ يفعل كل هذا ربما حري بي أن أذكره لأنه نسي أن مهنيته سقطت تماما اليوم كما سقطت من قبل و هو يتحامل على السيد المدير السابق للأكاديمية لمجرد أن هذا المسؤول رفض الانصياع لرغبته في منح الانتقال لزوجته بدون مسوغ قانوني. إن الاحترام الذي نكنه للصحافة عموما، و للشرقية منها على وجه الخصوص، غيرة على الجهة التي ننتمي إليها لا أكثر، رهين باحترامها لمهنيتها. و أن تدرك أن الإنسان الذي تدافع عنه في مزحة ربما لا أكثر، وأن مواقف و قرارات وزير أو مسؤول – و إن على علتها- لا يعني أبدا السماح لها بسبه و قذفه و إعلان التمييز العنصري لكونه لا ينتمي لجهتها أو لكون لكنته لا تشبه لكنتها، أو لكون ملامح وجهه القادمة من جنوب البلاد لا تروق لمن يتعصبون لملامح الشرق و لكنة الشرق و فضلاء أهل الشرق. و ختامه، أملي الكبير، و معي كثيرون أن نقتنع أن معظم ممن يهاجمون اليوم السيد الوزير ليس لهم هدف آخر ستعلن عنه الأيام و الأيام كواشف كما يقال ، فهي من كشف عن حقيقة ـ أحدهم ـ حينما جند كل قلم يملك حتى أصبح شبحا في حقل التعليم و لازال بصفة مكلف بالتعليم العالي، فتمكن من إدارة جريدته على هواه، و تمكن – دونما مشقة – من متابعة دراسته الجامعية، و هو أمر يجد معظم العاملون في حقل التعليم مشقة كبيرة في فعله لتبعات جداول الحصص التي سمح له الحظ – أو قلمه – ألا تقهر كبرياءه في يوم من الأيام. و الأيام كذلك هي من كشف أنه طالما سخر جرائده – ظلما – ضد السيد مدير الأكاديمية السابق، و الذي لم يرضخ له مطلقا في منح الانتقال لزوجته كما قلنا و بقي صامدا حتى انتقل ؛ وربما ستكشف أن كل تحامله هذا سببه – ليس منعه كصحفي من حضور المجلس الإداري للأكاديمية، و ليست المزحة التي بالغ في تسويقها و من معه على أنها إساءة في حق أحد علماء الشرق و فقهائه -، بل لكون السيد الوزير نصب أبعد إنسان عن قلبه ” الأستاذ محمد بنعياد ” رئيسا لديوانه. خاصة إذا كان هذا الرئيس وحده يحفظ الكثير من أسرار صاحب الخط الأحمر، كما يحفظ ـ هذا الأخير ـ كيف أن هذا الشخص بقي صلبا لا يتزحزح عن موقفه حتى و إن كان ممن حاولوا الضغط عليه لصالحه من العيار الثقيل.