أثبتت دراسة علمية جديدة أن الملل يمكن أن يحفز الناس على البحث عن الطرق التي تجعلهم قادرين على تقبل الآخر ومشاركته أحاسيسه ومهامه الاجتماعية المختلفة، وخاصة الحزينة منها، كالتبرع بالدم على سبيل المثال.
يقول بروفيسور “ويجناند فان تيلبرج” بجامعة “Limerick” (القائم بهذه الدراسة): “الناس الذين يشعرون بالملل لديهم قناعة بأن أفعالهم ليست ذات معنى، لذا فهم يسعون لتحقيق هذه القناعة دائماً”.
ويقول أيضاً: “الذين يشعرون بالملل سريعاً، عادة ما يسجلون درجة عالية بما يسمى “السعي وراء مقاييس الإحساس المزاجية”، وربما يفسر ذلك ولو بشكل جزئي العلاقة بين التعرض للملل وكل من العنف، الغضب والعدوانية”.
عندما يشعر الناس باللامعنى، فإنهم يكونون عرضة للارتباط بالتصرفات التي يؤمنون بأنها سوف تؤكد على إحساسهم باللامعنى. لكنهم كما يقول فان، “لن يفعلوا، بل سوف يتحولون إلى القيام بعكس ذلك من الأفعال المجدية، الممتعة والمثيرة، حيث أن الملل يمكن أن يكون محفزاً قوياً على البحث عن السعادة ثم بعد ذلك القيام بسلوكيات اجتماعية تفاعلية ذات معنى أو مجدية. مثل التبرع بالدم”.
من خلال سبعة دراسات،اكتشف العلماء أن الملل يزيد الدوافع التي تحفز على القيام بالأعمال الاجتماعية التفاعلية التي تظل فترة أطول من تلك التي يستغرقها الفعل الممل ذاته.
فالملل يجعل الناس يقومون بأفعال مختلفة وهادفة تبقى لفترة طويلة، ونتيجة لذلك يتحولون إلى الأفعال الأكثر تحدياً والأكثر جدية محولين مسارهم إلى الأشياء التي يدركون أنها مجدية حقاً.
أثناء القيام بالأعمال الاجتماعية الخيرية، ربما لا يشعر فاعليها بزيادة مستوى نشاطهم، اهتماماتهم، وإحساسهم باليقظة، المرح، الإبداع والتحدي. ذلك وبكل بساطة، أن هذه الأفعال المملة تنتهي قبل أن تُحدد الأعمال الاجتماعية الخيرية. لذلك نعرض هنا أن الملل يمكن أن يؤثر على مواقف وسلوكيات الناس حتى بعد القيام بالنشاط الممل، إذا كان الناس لديهم فرصة إعادة تأسيس فكرة الأفعال المجدية.
قال فان إن البحث اختبر فكرة أن الملل يمكن أن يعزز السلوك الذي يفيد المجتمع. كونك شاعر بالملل ربما يدعو إلى اليأس، لكنه في نفس الوقت يفيد الآخرين الذين في حاجة إلى دعم ولكن لا يعني هذا أن الملل ضروري للسلوكيات الاجتماعية التفاعلية، لكنه يعد تأثيراً إيجابياً لفعل سلبي يحدد صفة فعالة لـ “كيف يقوم الناس بإعادة التأسيس للإحساس بما هو مجدي وذو معنى”.