يشكل اليوم العالمي لحماية طبقة الأوزون، الذي يحتفى به في 16 شتنبر من كل سنة، مناسبة لإبراز المساعي الدولية لحماية هذا الدرع الهش.الرباط -ويأتي الاحتفال بهذا اليوم، الذي يخلد هذه السنة تحت شعار “رعاية الحياة تحت الشمس”، في سياق دولي يتسم بتضافر الجهود لمواجهة آفة التغيرات المناخية، لا سيما بعد التوقيع على اتفاق باريس التاريخي حول المناخ، وبعد مؤتمر مراكش (كوب22)، الذي اعتبر محطة لبداية تفعيل هذا الاتفاق.وقد أقنعت التأكيدات العلمية لخطر استنفاد طبقة الأوزون المنتظم الدولي إلى إنشاء آلية للتعاون قصد اتخاذ إجراءات لحماية هذه الطبقة تجسدت على أرض الواقع من خلال اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون التي وقع عليها 28 بلدا في 22 مارس 1985.وفي شتنبر 1989، تمت صياغة بروتوكول مونتريال بشأن المواد المستنفدة لطبقة الأوزون، والرامي إلى حماية طبقة الأوزون من خلال اتخاذ تدابير لمراقبة الإنتاج العالمي ومستويات استهلاك المواد المستنفدة للاوزون، مع الابقاء على الهدف النهائي المتمثل في القضاء على هذه المواد عن طريق تطوير المعارف العلمية والتكنولوجية البديلة.ويتمحور بروتوكول مونتريال حول العديد من المواد المستنفدة للأوزون، والتي تم تصنيفها لمجموعات من المواد الكيميائية وفقا للعائلة الكيميائية المدرجة تحتها في مرفقات نص البروتوكول.
ولم يساعد التخلص التدريجي من المواد التي تستنزف طبقة الأوزون على حماية هذه الطبقة للأجيال المقبلة فحسب، بل ساهم، بشكل كبير، في الجهود العالمية الرامية إلى التصدي لتغير المناخ؛ علاوة على أنه يساهم في حماية صحة الإنسان والنظم الإيكولوجية عن طريق الحد من الأشعة فوق البنفسجية الضارة من الوصول إلى الأرض.
ويؤشر التقدم المسجل في تنفيذ بروتوكول مونتريال بالبلدان المتقدمة والنامية، على روح المسؤولية التي يتمتع بها قادة دول العالم لحماية كوكب الأرض، حيث تم الالتزام بجميع الجداول الزمنية للتخلص التدريجي من المواد المستنفدة لطبقة الأوزون، وقبل الموعد المحدد في بعض الحالات.
وفي ضوء التقدم المطرد المحرز في إطار البروتوكول، قال الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان سنة 2003 إن بروتوكول مونتريال ”واحد من أنجح المعاهدات الدولية حتى الآن”، وهي وجهة نظر يشاركه فيها المجتمع الدولي.
وتم تركيز الاهتمام في البداية على المواد الكيميائية ذات الضرر العالي المسببة لاستنفاد الأوزون بما في ذلك مركبات الكربون الكلورية فلورية والهالونات، وكان الجدول الزمني للتخلص التدريجي من مركبات الكربون الهيدروكلورية فلورية غير حازم بسبب ضعف إمكانية هذه المواد على استنفاد الأوزون، كما جرى استخدام هذه المواد كبدائل انتقالية لهذه المركبات.
وقد عرض جدول زمني للتخلص التدريجي من مركبات الهيدروكلور وفلوروكربون سنة 1992 على البلدان المتقدمة والنامية، بغرض تجميد التداول بهذه المواد نهائيا في سنة 2015، والتخلص النهائي من هذه المواد بحلول العام 2030 في البلدان المتقدمة وفي 2040 بالبلدان النامية.
وعلى الصعيد الوطني، أصبح المغرب سنة 2014 شريكا رئيسيا في التحالف من أجل المناخ والهواء النقي، وذلك بهدف تعزيز استراتيجية محاربة تدهور جودة الهواء، والتي تشكل أولوية في السياسة الوطنية لحماية البيئة والتنمية المستدامة.
ويهدف التحالف، وهو مبادرة إرادية أحدثت سنة 2012 من قبل برنامج الأمم المتحدة للبيئة، إلى تنسيق الجهود التكنولوجية والمالية لتقليص ملوثات الهواء لمدة قصيرة كالكاربون الأسود والأوزون التروبوسفيري والميثان وفليور المحروقات والتي تشكل تحديا عاجلا وجماعيا للصحة العمومية وللبيئة.
وستسعى حملة “نحن أبطال الأوزون” التي انطلقت في 14 شتنبر الجاري إلى الاحتفال بالإنجازات الرئيسية لبروتوكول مونتريال في حماية طبقة الأوزون والمناخ، وتعزيز وعي الجمهور بنجاح البروتوكول وفعاليته، وتوليد مزيد من الدعم للاتفاقية البروتوكول والاجراءات المرافقة ومن بينها التخفيض التدريجي لمركبات الكربون الهيدروفلورية التي لها تأثير احترار مناخي بموجب تعديل كيغالي، الذي اعتمد سنة 2016.
وطبقة الأوزون هي جزء من الغلاف الجوي، تتركز في الجزء السفلي من طبقة “ستراتوسفير” وتمتص جزء كبيرا من الأشعة فوق البنفسجية التي لها مخاطر صحية على الإنسان كالحروق وسرطان الجلد وإضعاف المناعة، كما لها تأثيرات على الكائنات الحية الأخرى كالنباتات والحيوانات.