أثارت الزيارة التي قام بها جاريد كوشنر، مستشار دونالد ترامب إلى المغرب، الكثير من التساؤلات حول موقف الملك محمد السادس المرتقب إعلانه من مؤتمر البحرين، الذي سيكون بمثابة الإعلان عن ما يروج بخصوص “صفقة القرن”، كخطة للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وحرص مهندسو “صفقة القرن” على التشاور مع الرباط، خصوصا أن الملك محمد السادس هو رئيس لجنة القدس وسبق أن عبّر عن مواقف تاريخية ضد المحاولات الأمريكية الهادفة إلى المساس بوضعية القدس؛ وهو ما ألمح إليه جايسون غرينبلات، الممثل الخاص لترامب للمفاوضات الدولية، في تدوينة بعد انتهاء اللقاء مع العاهل المغربي، قائلاً: “شكراً لصاحب الجلالة على أمسية خاصة ومشاركة حكمتكم. المغرب صديق مهم وحليف للولايات المتحدة”.
ويبدو أن لقاء جاريد كوشنر رفقة جايسون غرينبلات، الممثل الخاص لترامب للمفاوضات الدولية، مع العاهل المغربي، كان يهدف إلى إقناع المملكة بضرورة الحضور إلى مؤتمر البحرين واتخاذ مواقف وسطية من تحركات الإدارة الأمريكية، لا سيما أن المغرب سيحضر بقوة في القمة العربية والإسلامية غدا الخميس بالسعودية لاتخاذ مواقف عربية موحدة من “صفقة القرن” ومؤتمر البحرين.
وفي الوقت الذي عبّرت فيه العديد من الدول العربية والخليجية، من ضمنها قطر والسعودية والإمارات، عن عزمها الحضور في المؤتمر الاقتصادي بالبحرين؛ مقابل رفض مطلق لفلسطين لمضامين الخطة الأمريكية، لم يعلن المغرب بعدُ عن موقفه الرسمي من مشروع السلام في المنطقة.
مصادر خاصة قالت إن قرار مشاركة المغرب في القمة العربية والإسلامية جاء بناء على هذه التحولات في المنطقة، التي تستدعي أن يجلس العرب مع بعضهم البعض للخروج بموقف موحد.
ويرتقب أن تناقش القمة الإسلامية، التي ستعقد في مكة بعد غد الجمعة، مواقف الدول الأعضاء من الخطة الأمريكية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وسط تزايد دعوات الفلسطينيين إلى تبني مواقف موحد رافض لـ”صفقة القرن”.
ووفق ما ذكرت مصادر مطلعة، فإن “المغرب ينسق دائماً مع محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، في المشاريع الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، خصوصا أن المملكة راكمت تجارب ومواقف عديدة تنحاز دائماً إلى مطالب الفلسطينيين ولم يسبق أن اتخذت أي قرارات تضرب مصالح فلسطين”.
ووصف محمود عباس “صفقة القرن” بـ”صفقة العار”، وقال إن حل القضية الفلسطينية يجب أن يبدأ بالقضية السياسية.
ومن المتوقع أن تشجع الخطة، التي وصفها ترامب بأنها “صفقة القرن”، الدول العربية المانحة على الاستثمار في الضفة الغربية وقطاع غزة قبل معالجة القضايا السياسية الشائكة التي تمثل جوهر الصراع؛ لكن القيادة الفلسطينية ترفض ذلك مطلقا، وتؤكد أن أصل الخلاف هو سياسي وليس اقتصادي.
ويوجد المغرب، عملياً، بين مطرقة دفاعه التاريخي عن القضية الفلسطينية وسندان المصالح الأمريكية، لا سيما في ظل توجه واشنطن إلى تقوية الشراكة الإستراتيجية مع الرباط بخصوص العمل الثنائي في القارة الإفريقية، خصوصا مع اقتراب انعقاد الحوار الإستراتيجي بين واشنطن والرباط نهاية العام الجاري.
عن موقع : فاس نيوز ميديا