إفران – وزير العدل عبد اللطيف وهبي أمام مجلس وزراء العدل العرب : “المغرب يمد يده للتعاون في أي مجال”

كلمة للأستاذ عبد اللطيف وهبي وزير العدل بالمملكة المغربية
بمناسبة افتتاح أشغال الدورة (38) لمجلس وزراء العدل العرب

  •  20 أكتوبر 2022 –
  • إفران المملكة المغربية –
     
    أصحاب المعالي السادة وزراء العدل بالدول العربية الشقيقة والزملاء الأعزاء؛
    –    السيد الأمين العام المساعد – رئيس قطاع الشؤون القانونية؛
    –    حضرات السيدات والسادة ممثلو:
    الأمانة الفنية لمجلس وزراء العدل العرب؛
    والأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية؛
    وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية؛
    والمركز العربي للبحوث القانونية والقضائية؛
    الحضور الكريم،
    يطيب لي بداية أن أرحب بكم جميعا، متمنيا لكم مقاما طيبا ببلدكم الثاني المملكة المغربية، ومعربا عن السرور الذي يغمرنا ونحن نجدد اللقاء بمناسبة عقد الدورة الثامنة والثلاثين (38) لمجلس وزراء العدل العرب التي تعتز المملكة المغربية باستضافتها بمدينة إفران جوهرة الأطلس المتوسط أو كما كان أهلها القدامى يطلقون عليها باللهجة المحلية “أورتي” أي الحديقة أو البستان.

وهي مناسبة أغتنمها لأدعوكم إلى الاستمتاع بجمال هذه المدينة البهية ومؤهلاتها الطبيعية من شلالات وبحيرات وتلال وسهول وغابات الأرز والبلوط وأشجار السيكامور والزيزفون النادرة.

أصحاب المعالي والسعادة،
 
إن دورات مجلس وزراء العدل شكلت على الدوام فرصة مهمة تلتئم فيها صفوة من رجال القانون ومهندسي العدالة ببلادنا لتدارس ومناقشة مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك وسبل تطوير وتعزيز آليات التعاون العربي المشترك لمواجهة التحديات وكسب الرهانات خاصة في مجال مكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب وبعض الجرائم المستجدة.

وإذا كانت الجهود المبذولة قد ساهمت في خلق تراكمات مهمة خاصة على مستوى الجانب التقنيني سواء على مستوى الممارسة الاتفاقية أو القوانين الاسترشادية في إطار ما يسمى بالالتزام الفني، فإن بعض مكامن القصور مازالت مرصودة على مستوى عنصر الفعالية، الذي يحتاج إلى ضرورة دفع الذكاء الجماعي لنا لخلق آليات تنسيقية وعملية للتطبيق الأمثل لما تم التوافق عليه، ولتبادل المبادرات والممارسات الفضلى في إطار القواعد الثنائية أو المتعددة الأطراف ترشيدا للزمن وللتكاليف المادية من خلال ما يقوم به كل منا من زيارات أو لقاءات ثنائية قد يكتشف جواهر لدى غيره تحل إشكالات لديه، كما قد يرى عنده أجوبة تعطي ردودا على أسئلة نظيره.

وهو الأمر الذي سبق أن أكدنا عليه مرارًا واقترحنا اعتماد قنوات لتحقيقه كآلية قضاة الاتصال وقضاة التوثيق التي أكدت التجربة على نجاعتها وفعاليتها في التقريب بين الأنظمة القانونية والقضائية وتسهيل آليات التعاون الدولي وحل العديد من الإشكالات العملية.

كما أن العديد من المواضيع الراهنة أصبحت تحتاج إلى تعزيز التعاون وتبادل الرؤى والممارسات بفعل ما أصبحت تطرحه من اهتمامات وتساؤلات سواء على المستوى الدولي أو الإقليمي أو الوطني، خاصة في ظل التغيرات التي أصبح يعرفها العالم كتحقيق حماية بعض الفئات الهشة كالأطفال والنساء وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة وحميمية والحياة الخاصة للمواطنين في ظل الاستعمال غير المشروع لوسائل التكنولوجيا وكذا إيجاد آليات مناسبة لتدبير نزاعات الزيجات المختلطة بين مواطني الدول العربية، التي أصبحت تتزايد في السنوات الأخيرة وتتزايد إشكالاتها وآثارها السلبية خاصة على الأبناء الذين يعدون الخاسر الأكبر.

هذا، زيادة على ما أصبحت تعرفه العدالة من تحديات في ظل تعدد المتدخلين فيها داخل جل بلداننا العربية بعد مبادرات توطيد معالم استقلال السلطة القضائية لدى أنظمتنا وما يقتضيه الأمر من وضع ضوابط ناظمة لتدقيق حدود صلاحيات كل جهة بما يضمن حسن سير مرفق العدالة في احترام تام لمبدأ استقلالية السلطة القضائية، والحرص على تبادل التجارب الفضلى في هذا الإطار، بالإضافة إلى خلق آليات للتعاون المشترك كالنظر في إمكانية خلق تطبيقية عربية للنصوص القانونية والعمل القضائي الوطني. كما أن العدالة أصبحت اليوم مطالبة بلعب أدوار طلائعية لمواكبة مجالات أكثر راهنية كتحفيز الاستثمار وحماية البيئة والحفاظ على موارد الطاقة وتحقيق السلم والأمن الاجتماعي.

أصحاب المعالي والسعادة،
إن المملكة المغربية الوفية لالتزاماتها ولمبادئ وقيم الأخوة والتضامن والتعاون عازمت تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، على الانخراط في كل المبادرات الإيجابية الهادفة إلى تطوير الشراكة والتعاون المشترك الفعال والمثمر وهو ما سنحرص عليه من خلال موقعنا بإرادة صادقة وعزم موصول بالتعاون الكامل مع جميع الزملاء من الدول العربية الذين يتقاسمون معنا هذه الإرادة المشتركة.

وفي هذا الإطار، وانطلاقا من الإصلاحات التي شهدتها منظومة العدالة بالمملكة المغربية والأوراش المفتوحة، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك نصره الله وأيده، بناء على الحوار الوطني العميق والشامل  لإصلاح منظومة العدالة سواء فيما يخص مجال توطيد معالم استقلال السلطة القضائية أو ما يرتبط بتطوير المنظومة القانونية وتحقيق النجاعة والفعالية في إدارة مرفق العدالة عبر التحول الرقمي وتبسيط المساطر والإجراءات وغيرها من الإصلاحات على المستوى القانوني والحقوقي، فإن وزارة العدل المغربية تمد يدها للتنسيق والتعاون وتبادل التجارب والممارسات الفضلى في كل ما اشتغلت عليه من أوراش تشريعية كانت أم تنظيمية.

أصحاب المعالي والسعادة،
 أيها الحضور الكريم.

لقد أثبتت التجارب أن المستقبل للتكتلات الكبرى والعمل الجماعي، ومن هذا المنطلق، فإننا مطالبون اليوم بالتفكير في خلق فضاء قانوني عربي مندمج يروم تعزيز المكتسبات التي تم تحقيقها والسعي إلى الاشتغال في إطار إرادة جماعية لفتح مسارات واعدة وطرق خلاقة للتعاون المشترك وتطوير آليات عملنا بما يخدم مصلحة بلداننا العربية.

كما أن من شأن تكريس دور هذا المجلس والدفع إلى تطوير آليات عمله ورفع مستوى التنسيق والتشاور حول جميع المواضيع الراهنية، أن تشكل عوامل محفزة لتحقيق النتائج المنتظرة.

ختاما اسمحوا لي أن أتوجه بالشكر الجزيل إلى كل من ساهم في تحضير أشغال هذا المؤتمر الهام وأخص بالذكر قطاع الشؤون القانونية بجامعة الدول العربية والمندوبيات العربية الدائمة لديها ومختلف ممثلي الوفود العربية المشاركة في الاجتماعات التحضيرية على الجهود القيمة التي بذلوها لتحضير جدول أعمال هذه الدورة، رغم الإكراهات والصعوبات والتحديات المطروحة، وفي مقدمتها الظروف الوبائية التي شهدها العالم مؤخرا بما فيها منطقتنا العربية.

ولي اليقين أن ما يتحلى به بلداننا من إرادة مشتركة وما يحذوهم من رغبة صادقة، سيمكننا بعون الله وقوته من الخروج بنتائج وقرارات مهمة ومشاريع مستقبلية بناءة لما فيه خير ومصلحة دولنا العربية جمعاء.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


 

المصدر : فاس نيوز ميديا