متابعة للشأن المحلي بمكناس محسن الأكرمين.
تعيش مكناس أزمة ثقة حادة في ممثليها السياسيين بمجلس المدينة. فقد بات انحسار الثقة يزيد مستواه من دورة لأخرى، وبات الوضع مميتا في التعاطي مع الفاعل والفعل السياسي المحلي. فمجموع الخلافات داخل مكونات المجلس أضحت مسرطنة بتناقضات (داخلية وخارجية)، وحتما قد لا تنتهي بحلول تصالحية لصالح المدينة، بل قد تنفك نسبيا بتقسيطات انتهازية (التفوسضات) والتي لا تخدم الشأن العام المحلي.
فانقسامات مجلس جماعة مكناس المتتالية تتغذى بشكل متعمد من خارج القصر البلدي بحمرية (الكفيل السياسي الكبير الغائب الحاضر)، وتدار الحلول الممكنة في المقاهي، وفي ظلمة الليل الذي يُخفي ظل التضليل، والقفز عن المشاكل ولو بإحضار عدد (31) عضوا يوم الدورة لرفع أيدي الأغلبية، وكفى (السياسة شرَّ التمرير) والمدينة ساكنة طيعة. فمن مظاهر التدبير غير العقلاني للسياسة بمكناس فالمدينة تعيش في انتظارية ولادة مميتة في (غرفة الإنعاش) بعدها قد (يتمخض الجبل والمولود فأرٌ قزمٌ من حصة التنمية البخسة). نعم، في اجتماعات المقاهي علانية تُداس الديمقراطية عبر تكتلات صغرى، ولوبيات تتقوى (هنا وهنالك) من الفساد والحلول المَعْقُودَةُ، فيما المدينة لم تقدر على كف هذا الهجوم على الديمقراطية التمثيلية، ومطالبة السياسيين بالوفاء لتعهداتهم، أو الانسحاب بكرامة وقلب (الطرحة).
المشكلة الكبرى ليس في حتمية مشاكل المجلس التي لا تنتهي البتة، بل في أزمة ثقة التي تنمو مثل الفِطْرِ بأحكام فردية (شخصية) وجماعية من عموم مواطني المدينة بقول: (مَادَارُو وَالُو، وما يديروا حتى زَفْتَة)، هي النهاية المأساوية للعبة السياسية بالمدينة مستقبلا !! فالتحدي الخطير ليس في المصالحة الداخلية بين أعضاء المجلس (الإخوة الأعداء)، بل في بناء جهود متتالية لأجل بناء الثقة في الفعل والفاعل السياسي، والبحث عن الأداء الرشيد ما بعد هذا المجلس العقيم.
مكناس مثل العانس التاريخية (لا هي مطلقة، ولاهي مخطوبة، ولا هي أرملة)، وضعية لا تُحسد عليها إطلاقا في ضياع الزمن السياسي والتنموي وحتى الحضاري. في ضياع جهود الدولة في إرساء تدبير محلي يضمن الاستقلالية الممكنة. وضعية بئيسة تنام فيها المدينة بالصمت وسكوت (الميت) مابين الدورات، ثم لحظتها تفيق للغو (الطواحين الهوائية)عند كل موعد دورة. فمن العوامل الرئيسية المساهمة في هذه الوضعية الشاذة غياب الحكامة وسوء الاختيارات الأولى من منطلق الصناديق. غياب التواصل الفعال في اتخاذ مجموعة من القرارات الحاسمة والتي أربكت السير العادي للمجلس. غياب الشفافية التامة في تعرية واقع المجلس، والحد من سيولة الضعف والمشاكل الذي يعانيها، والتي لا يزال يغذيها البوليميك (الخاوي).
فالثقة في المؤسسات الدستورية تلزم استحضار الحكامة أولا بارتباطها السليم مع إدارية المساءلة والمحاسبة (القبة الحديدية). فخدمة المدينة ليس هو بالتشريف، بل هو في التكليف الطوعي الاختياري أمام الساكنة والدولة والله. فمجلس مكناس يحتل الصف الأول منفردا بالمغرب باعتباره جماعة تعمل بمسطرة الفوضى الخلاقة للنزاعات والصدامات، وفي جودة غياب المنجزات التنموية.
أقول الحق والحق أقول: فَقَدْ فَقَدَ المجلس حتما تلك المصداقية التمثيلية والثقة المتناهية، وبات التراشق والتحريض بين الأعضاء على المؤسسة المنتخبة ذاتها معول فساد وإنهاك. قد نستعمل ما لدينا من غباء في الفهم، ومن حشد الخيال والتكهنات ونقول بحق: قد أخفقنا في اختيار شعار برنامج عمل الجماعة 2027/2022 (معا نستطيع إنجاز الكثير) فقد تفرق القوم شيعا وقبائل في (معا)، وبات كل واحد من الأعضاء يترافع عن احتياجاته وغروره السياسي الفردي (إنجاز)، ناسيا ومتناسيا أنه يمثل مدينة تاريخية، يمثل ساكنة أكسبته الثقة (العقابية) في تحمل المسؤوليات.
عن موقع: فاس نيوز ميديا