لمن أكتب/ حوار الكاتب والقاص المغربي المصطفى كليتي.. حاوره : د. فاطمة الديبي / ذ. نصر سيوب (ج2)

ــ لمن أكتب :
أكتب قصيدة الهايكو للحاضر والآتي، وقصيدة الهايكو تتوجه للحاضر والمستقبل وتعتمد – أيّما اعتماد – على الفعل المضارع الدال دوما على القادم والمنتظر.

ــ الصنف الأدبي الذي أجد فيه نفسي :
في حقيقة الأمر كل جنس أدبي له خصوصيته المائزة، وقد أجد نفسي مستعدة لكافة الأجناس تبعا للسياقات التي تحفزني على عملية الكتابة وتنشطر إلى لحظات قد تجود بها مقالة سيارة، أو قصة قصيرة، أو قصة قصيرة جدا، أو ومضة عابرة، أو قصيدة هايكو لشدة قصرها قد تدفعك لسهر ليالي بيضاء من أجل الإمساك بأهدابها فهي متمنعة صعبة المأخذ.

ــ الملتقيات والصالونات الأدبية :
قد تكون للملتقيات والصالونات الأدبية دورا في صقل التجربة الإبداعية بواسطة ما يتم من احتكاك بين التجارب المختلفة، وعبر ما يتم من حوار وتجاذبات فكرية وجمالية تناقش الهموم والقضايا الفنية والجمالية المشتركة، فأي تواصل إنساني يكون له أثر وإضافة تثري التجربة وتخصبها.

ــ الحدود الفاصلة بين القصة والرواية :
الحدود الفاصلة بين القصة والرواية في نظري تتمثل في القصدية، فإن كانت القصة ترسو بين زمان ومكان وشخصية وأكثر، فإن الرواية بناء معماري هيكلي يجسده عالم قائم الذات، فإن كانت القصة تشكل شقة في عمارة مثلا فالرواية تتشظى بانكسارات وتداعيات مدينة.

ــ كتابة الرواية :
طبعا تخامرني فكرة الانتقال إلى كتابة الرواية، ولدي من التجربة الحياتية والاحتكاك بالتجربة الروائية في العالم العربي لسنوات ذوات العدد تجعلني أفكر لكي أقدم على كتابة الرواية مستقبلا، شريطة أن أتخلى عن الكثير من الالتزامات، وأخلص للكتابة الروائية.

ــ الكتابة للطفل : أشعر بنفسي مقصرا في خوض عملية الكتابة للطفل، ولاسيما وقد اشتغلت مع الأطفال طوال مدة تنيف عن ثلاثة عقود، مكنتني من معرفة النشء والاحتكاك به عن قرب، وقد مارست الكتابة القصصية للأطفال وبما فيها الكتابة المسرحية، لكنني مقل أو بالأحرى مقصر، وأرجو أن يتسع العمر والقابلية لممارسة هذا الجنس الأدبي الصعب المراس، لأنه ليس من السهل أن تكتب للطفل، ولكنني أجد نفسي مؤهلا للكتابة في هذا المجال.

ــ الكتاب بين القراءة الورقية والقراءة الرقمية :
نحن جيل تتشابك عنده القراءة الورقية والقراءة الرقمية، بيد أن الكفة أضحت راجحة للشبكات العنكبوتية، ففعل القراءة تربية تلعب على تنميتها المدرسة، وكذا الفضول المعرفي والعلمي، وأما الاستهلاك المجاني والسطحي لهذه الوسائط لا يخدم الثقافة والقراءة، فالكتاب الورقي تراجع كثيرا نظرا للقراءة النفعية التي تبقى محصورة في إطار الواجبات والامتحانات، فيتم رغبة أو قصرا تغييب الكتاب الفكري والجمالي وتكثر العناية بالفرجة اللحظية التي تقدمها الوسائط الذكية وما يتغشاها من إغراءات الدعاية والإشهار والدعوة للاستهلاك، محولة المتلقي إلى زبون مقبل على سلعتها بنهم، فيتخلى جزئيا أو كليا عن الكتاب، وفي ذلك ضياع وتشرد، حبذا لو كان الجمع بين القراءة الورقية والقراءة الرقمية في حدود ذات نفع وفائدة.
وفي واقعي اليومي لا أجد غضاضة في التعامل بين ما هو رقمي وورقي لأن هناك تداخل بين المنحيين، وإن كنت أروم إلى الكتاب الورقي كسائر أبناء جيلي الذين يحبون مداعبة الكتاب وتلامسه وملاطفته، بل حتى شم رائحة ورقه، كما أن قراءة الكتاب تسعف على التأمل وسرحان الخيال، غير أن ما هو رقمي يشدك إلى إكراهات التكنولوجيا وحدتها وصرامتها بله جفافها وحيادها، لكن المرء في زمننا يتطرق إلى جانب القراءة الورقية إلى ممارسة القراءة الرقمية بحكم الضرورة والمنفعة، فهناك تكامل بين الرقمي  والورقي، ولكن حبي وانشدادي يبقى متعلقا بالكتاب الورقي وما يوفره لي من أجواء حميمة ملامسة لشغاف القلب.

ــ القصة القصيرة جدا بين الشروط الفنية والحدود النقدية :
تراكم الإنجاز الأدبي في جنس معين هو الذي يفرض قوالبه وتقنياته، فالنقد يستمد أصالته وارتباطه بالنصوص الجيدة، حقيقة ليس هناك شروط صارمة في الإبداع الأدبي، وإنما هناك مقاربات تحدد الإطار العام لممارسة كتابة القصة القصيرة جدا، على سبيل المثال الاختزال اللغوي، ووضوح الرؤية، ورشاقة المبنى والمعنى حتى يكون الإيقاع الداخلي للنص متناغما منسجما بقَفْلَة مدهشة ومنسجمة، فعلى النقد الراصد أن يُثْري تجربة القصة القصيرة جدا ويدعمها في المشهد الثقافي.

عن موقع: فاس نيوز ميديا