في عصر أصبحت فيه وسائل التواصل الاجتماعي ركيزة أساسية للتواصل السياسي، نجد أن تفاعل صفحات الأحزاب السياسية المغربية مع جمهورها ضعيف نسبياً، مثل صفحة حزب التجمع الوطني للأحرار، التي غالباً لا تتجاوز تفاعلات منشوراتها بضع العشرات. يبدو هذا الوضع غريباً، خاصة مع دور هذه المنصات الحيوي في تعزيز حضور الأحزاب وإيصال رسائلها إلى شرائح أكبر من المجتمع.
تحديات تتعلق بمنصات التواصل
إحدى العقبات التي تواجه الأحزاب السياسية على وسائل التواصل الاجتماعي تتعلق بالسياسات التي وضعتها شركة ميتا، الشركة الأم لفيسبوك وإنستغرام. في السنوات الأخيرة، قامت ميتا بتشديد القيود على المحتوى السياسي والإعلانات المرتبطة به؛ وذلك ضمن جهود مكافحة الأخبار المزيفة وضمان الشفافية في المحتوى السياسي. تشمل هذه القيود التحقق المسبق للإعلانات، الأمر الذي يزيد من صعوبة تحقيق وصول واسع للمنشورات المجانية أو غير الممولة.
تأثير هذه السياسات على التفاعل
عندما تتبع شركات كبرى مثل ميتا إجراءات تقيد انتشار المحتوى السياسي، يصبح من الصعب على الأحزاب الوصول إلى جمهور أوسع، إلا إذا استثمرت في الإعلانات المدفوعة، ما قد لا يكون متاحاً للعديد منها. هذه القيود تؤدي إلى تقليل الوصول الطبيعي (Organic Reach) لمنشورات الأحزاب، مما يتسبب في ضعف التفاعل وقلة وصول المحتوى إلى الجمهور المستهدف.
دور الأحزاب في تفعيل التواصل
مع ذلك، لا يمكن إنكار أن بعض الأحزاب لا تزال تعتمد أساليب تقليدية في تواصلها، دون إدراك كامل لأهمية الاستراتيجيات الحديثة للتواصل الرقمي. فالتفاعل العالي لا يعتمد فقط على النشر بل أيضاً على نوعية المحتوى ومدى قربه من اهتمامات الجمهور. إذ تحتاج الأحزاب إلى تطوير محتوى جذاب ومشوق، يتفاعل مع قضايا المواطنين بشكل مباشر ويعبر عن اهتماماتهم اليومية.
ماذا يمكن فعله؟
لتجاوز هذا التحدي، يمكن للأحزاب السياسية تبني استراتيجيات أكثر ابتكاراً، مثل:
1. إعداد محتوى تفاعلي يتجاوز المنشورات التقليدية ويشمل مقاطع الفيديو، استطلاعات الرأي، والنقاشات المباشرة.
2. الاعتماد على المؤثرين المحليين لنشر الرسائل السياسية بشكل غير مباشر، مما قد يزيد من وصولها للجمهور بطريقة أكثر جاذبية.
3. التعاون مع منظمات المجتمع المدني للترويج لقضايا ذات اهتمام مشترك، ما يعزز من حضور الأحزاب على الساحة الرقمية بطريقة عضوية وغير تقليدية.
في النهاية، تبقى وسائل التواصل الاجتماعي سلاحاً ذو حدين. فإما أن تستغله الأحزاب بشكل فعّال يعزز من تفاعلها وحضورها، أو تظل رهينة القيود والأنماط التقليدية التي تحول دون الوصول إلى جمهور أوسع وفاعل.
أحمد البقالي النميطة – باحث في مجال حقوق الإنسان الرقمية