في تطور لافت في المشهد السياسي المغربي، كشف محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، عن استعداد المعارضة داخل البرلمان للتفكير مجدداً في تقديم ملتمس رقابة لإسقاط حكومة عزيز أخنوش، في خطوة قد تعيد رسم ملامح الخارطة السياسية مع اقتراب الاستحقاقات التشريعية لسنة 2026.
و جاءت تصريحات بنعبد الله خلال مشاركته في ندوة سياسية نظّمها المعهد العالي للتدبير بالدار البيضاء، أمس الثلاثاء، حول موضوع: “المعارضة السياسية والمشاركة في صنع القرار: أي دور لبناء التوازن السياسي في البلاد؟”، حيث استعرض التحديات التي تواجه المعارضة وأوجه القصور في أداء الحكومة.
و أكد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية أن المعارضة ما تزال تحتفظ بحقها الدستوري والسياسي في اللجوء إلى ملتمس الرقابة، معتبرًا أن السياق الحالي بات أكثر نضجًا من المحاولة السابقة التي لم يكتب لها النجاح بسبب غياب التنسيق الكافي بين مكونات المعارضة، موضحاً أن الاختلافات في الرؤية والتقدير السياسي كانت من أبرز الأسباب التي حالت دون تفعيل المبادرة الأولى، رغم انطلاقها حينها من مبادرة الاتحاد الاشتراكي.
و أشار بنعبد الله إلى أن المعارضة تعي جيداً التحديات التي تحيط بها، لكنها تعمل على تجاوزها عبر مزيد من التنسيق وتقديم بدائل ملموسة، في إطار احترام التعددية السياسية والإيديولوجية بين مكوناتها.
و جه بنعبد الله انتقادات مباشرة لأداء الحكومة، متهمًا إياها بـ”غياب الانسجام” في تدبير الملفات الاقتصادية، خصوصًا في ما يتعلق بدعم الاستيراد والمواد الأساسية. وقال إن تناقض التصريحات بين مكونات الأغلبية حول الرسوم الجمركية والدعم المالي يضعف مصداقية الحكومة لدى الرأي العام.
و أضاف أن هذه التناقضات ليست فقط مؤشراً على سوء التنسيق، بل تكرّس أيضًا غموضًا في السياسات العامة، ما يستدعي تفعيل آليات المساءلة البرلمانية، وتكثيف الضغط السياسي لمطالبة الحكومة بتقديم أجوبة واضحة للرأي العام.
ضمن مداخلته، أعاد بنعبد الله التأكيد على ضرورة تشكيل لجنة تقصي الحقائق بشأن الميزانيات المخصصة لعمليات الاستيراد، في ظل تضارب المعطيات المتداولة حول أرقام الدعم، ودعا الأغلبية البرلمانية إلى دعم هذا المسعى باعتباره آلية رقابية مشروعة من شأنها تعزيز الشفافية وبناء الثقة بين الدولة والمواطنين.
و أشار إلى أن تجاهل هذه المطالب سيُفسح المجال أمام مزيد من الشكوك، ويُغذي الشائعات في وقت تتزايد فيه الضغوط الاجتماعية وغلاء الأسعار.
من جهة أخرى، رفض بنعبد الله ما أسماه تحميل المعارضة مسؤوليات ليست من اختصاصها، مبرزًا أن دورها لا يمكن أن يكون بديلاً عن الحكومة، بل هو مكمل لها عبر الرقابة والتقييم، وأشار إلى أن بعض الأصوات تطالب المعارضة بتحقيق ما عجزت الحكومة عن إنجازه، في مفارقة تخالف قواعد التوازن الدستوري.
و أكد أن المعارضة، رغم تباين خلفياتها، قدمت تعديلات ومبادرات مشتركة، منها مقترحات تخص قانون المالية، في إطار ما وصفه بـ”النضج السياسي التدريجي” الذي يجب دعمه لا تقويضه.
و تأتي تصريحات بنعبد الله في سياق سياسي يتسم بالتوتر والمراجعة، مع اقتراب موعد الانتخابات المقبلة. وهو ما يفتح الباب أمام تساؤلات عديدة بشأن قدرة المعارضة على استثمار هذه المرحلة لتقديم بدائل واقعية، وإعادة بناء جسور الثقة مع المواطنين.
المصدر : فاس نيوز ميديا