قصص نجاح لاعبين مغاربة في كأس العالم : من الملاعب المحلية إلى العالمية

شكل تألق اللاعبين المغاربة في نهائيات كأس العالم خلال السنوات الأخيرة مصدر فخر واعتزاز للجمهور الرياضي الوطني، بعدما تمكن عدد من النجوم من الانتقال من أحياء بسيطة وملاعب محلية متواضعة، إلى منصات التتويج وملاعب كبرى العالم، مجسدين بذلك مسيرة نجاح ملهمة تجمع بين المثابرة والطموح والتحدي.

ويُعدّ مونديال قطر 2022 محطة فارقة في ذاكرة الكرة المغربية، بعدما بصم أسود الأطلس على مشاركة تاريخية بوصولهم إلى نصف النهائي، في إنجاز غير مسبوق عربياً وإفريقياً. وقد سطع في هذه البطولة نجم عدد من اللاعبين الذين كانت بداياتهم متواضعة، مثل سفيان أمرابط، الذي نشأ في بيئة بسيطة ومرّ عبر مراحل تكوين في أندية صغيرة بهولندا، قبل أن يتألق في كبرى الملاعب الأوروبية، وعز الدين أوناحي، الذي اكتشفه الجمهور العالمي لأول مرة في قطر، بعدما لعب سابقاً في البطولة الوطنية مع فريق الفتح الرباطي، وأثار إعجاب المتابعين بسرعة تمريراته وتحركاته الذكية.

ويبرز أيضاً ياسين بونو، حارس المرمى الذي بدأ مشواره في أكاديمية الوداد الرياضي بالدار البيضاء، قبل أن يشق طريقه نحو الاحتراف الأوروبي، ويصبح أحد أبرز حراس المرمى في الليغا الإسبانية، حيث ساهم بشكل كبير في تألق المنتخب الوطني في كأس العالم، وحقق أرقاماً لافتة في التصديات، ونال إشادة الإعلام الدولي، من ضمنه صحيفة “ماركا” الإسبانية التي وصفته بـ”العملاق الهادئ”.

أشرف حكيمي، خريج أكاديمية ريال مدريد، يُعد من أبرز نجوم الجيل الحالي، وتميز بوفائه لقميص المنتخب المغربي رغم نشأته في أوروبا. تألقه في مركز الظهير الأيمن جعله من أفضل اللاعبين في مركزه عالمياً. أما حكيم زياش، فقد استطاع، بفضل لمساته الفنية وأهدافه الحاسمة، أن يُحدث الفارق في أكثر من مباراة حاسمة خلال المونديال، وهو الذي وُلد في هولندا لكنه اختار الدفاع عن ألوان المغرب.

كما لا يمكن إغفال دور القائد رومان سايس، الذي راكم تجربة طويلة بين الدوري الفرنسي والإنجليزي، وساهم بخبرته وروحه القيادية في تنظيم الدفاع المغربي، إضافة إلى نايف أكرد، المدافع الشاب الذي برز بقوة في صفوف وست هام يونايتد، وجواد الياميق، صاحب الأداء الرجولي في قلب الدفاع، والذي نشأ في البطولة المغربية مع أولمبيك خريبكة قبل أن يشق طريقه نحو الاحتراف.

من الأسماء البارزة أيضاً سليم أملاح، الذي كانت له بصمات واضحة في خط الوسط، ووليد شديرة، صاحب الأصول الإيطالية، الذي مثل المغرب بفخر وقدم أداءً قوياً كلما أتيحت له الفرصة.

هذه القصص المتعددة للاعبين من خلفيات وتجارب مختلفة، تعكس نجاح الرؤية الجديدة للكرة المغربية، والتي تركز على التكوين، والاستثمار في البنية التحتية، وربط الكفاءات المحلية بالمغاربة المقيمين بالخارج. وقد أشاد الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بهذا المسار، واعتبر في تقاريره أن المغرب أصبح نموذجاً يُحتذى به في إفريقيا والعالم العربي في مجال تطوير كرة القدم.

ولم يقتصر تأثير هؤلاء اللاعبين على الأداء داخل المستطيل الأخضر، بل أصبحوا رموزاً ملهمة للشباب المغربي والعربي، حيث يجسدون قيم الإصرار والانضباط والعمل الجماعي والوفاء للوطن، ما يجعل من قصصهم أكثر من مجرد نجاح رياضي، بل دروسًا حية في الصعود من الحلم إلى الإنجاز.

المصدر : فاس نيوز ميديا