في ظل تصاعد معدلات البطالة بين الشباب في المغرب، والتي بلغت نحو 32% في صفوف الفئة العمرية ما بين 15 و24 سنة وفقًا لتقرير المندوبية السامية للتخطيط لسنة 2023، يتزايد الإقبال على مواقع التوظيف الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي بحثًا عن فرص عمل. إلا أن هذا الوضع أتاح أيضًا بيئة خصبة لانتشار عروض العمل الزائفة والاحتيالات الوظيفية، التي تستهدف الباحثين عن العمل، خاصة في المدن الكبرى والجهات التي تعرف معدلات بطالة مرتفعة.
تُظهر تقارير منظمة العمل الدولية (ILO) أن شبكات الاحتيال الوظيفي تستغل حاجة الأفراد للعمل لتقديم عروض مغرية تتضمن وعودًا برواتب عالية، أو فرص سفر، أو توظيف سريع مقابل دفع مبالغ مالية كرسوم تسجيل أو معالجة ملف. وغالبًا ما تُصاغ هذه العروض بطريقة احترافية تُوحي بالجدية، دون وجود فعلي للشركة أو المؤسسة المُعلنة.
في المغرب، حذّرت الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات (أنابيك) من تزايد الشكاوى المرتبطة بعروض وهمية تنتحل صفة مؤسسات مرخّصة أو تدعي التعاون مع شركات أجنبية، مطالبة المواطنين بالتأكد من هوية الجهة المُعلنة، وعدم تسليم أي مقابل مادي في مراحل التوظيف. وأوضحت الوكالة أن جميع خدماتها مجانية، وأنها لا تتعاون مع وسطاء يطلبون رسومًا مالية مقابل فرص العمل.
للوقاية من الوقوع ضحية لهذه الأنواع من الاحتيال، توصي منظمة العمل الدولية والمراكز المتخصصة في الأمن السيبراني بمجموعة من الخطوات الأساسية. أولًا، ينبغي التأكد من وجود الشركة المُعلنة عبر البحث في السجلات التجارية الرسمية أو المواقع المهنية الموثوقة، مثل LinkedIn أو مواقع الغرف التجارية. ثانيًا، يجب تجنّب التعامل مع أي جهة تطلب تحويل أموال أو تقديم وثائق شخصية دون توقيع عقد رسمي. ثالثًا، ينصح بالتحقق من البريد الإلكتروني واللغة المستخدمة في المراسلات، إذ غالبًا ما تحمل الرسائل الاحتيالية أخطاء لغوية أو عناوين بريد إلكتروني مشبوهة.
وتؤكد منظمة “ترانسبرانسي المغرب” أن غياب رقابة فعالة على سوق الإعلانات الإلكترونية، ووجود فراغ قانوني في تتبّع الجهة المُعلنة، يجعل من الضروري تطوير التشريعات الوطنية لمكافحة الاحتيال الرقمي، وتكثيف حملات التوعية وسط الشباب والمقبلين على العمل.
كما تسعى مبادرات مدنية، مثل منصات التوجيه المهني والشبكات الشبابية، إلى مرافقة الباحثين عن عمل من خلال ورشات تكوينية ومواد رقمية تشرح كيفيّة التمييز بين العرض المهني الجاد والوهمي. ويُعد التعاون بين السلطات، والمنصات الرقمية، والقطاع الخاص، من العوامل الأساسية لبناء بيئة توظيف آمنة وشفافة تحمي الكرامة المهنية وتُعزّز ثقة الشباب في سوق الشغل.
وسط هذا الواقع، يُجمع المتخصصون على أن الوعي الفردي، والتكوين المستمر، والتحقق من مصادر العروض، تظلّ أدوات ضرورية للنجاة من فخاخ الاحتيال الوظيفي، ولضمان انتقال ناجح وآمن من مرحلة البحث إلى سوق العمل الحقيقي.
المصدر : فاس نيوز ميديا