تاريخ الشراكات الرياضية بين المغرب وإسبانيا والبرتغال قبل مونديال 2030

يشكل إعلان المغرب وإسبانيا والبرتغال تنظيم كأس العالم لكرة القدم لعام 2030 بشكل مشترك محطة تاريخية في مسار التعاون الرياضي بين الدول الثلاث، وتتويجًا لعلاقات رياضية ودبلوماسية تطورت تدريجيًا على مدى سنوات. وقد أكّد الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) في أكتوبر 2023 أن تنظيم مونديال 2030 سيكون مشتركًا بين هذه الدول، في أول نسخة من نوعها تُنظم عبر قارتين (أوروبا وإفريقيا)، وهو ما يعكس تحوّلًا استراتيجيًا في الرؤية العالمية لتنظيم التظاهرات الكبرى.

ويعود التعاون الرياضي بين المغرب وإسبانيا إلى عقود مضت، خاصة في مجالات التكوين والتحكيم وتنظيم التظاهرات الكروية. فقد وقّعت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم عدة اتفاقيات تعاون مع نظيرتها الإسبانية منذ التسعينيات، شملت تبادل الخبرات في مجال التكوين والتدريب واستضافة مباريات ودية على مستوى المنتخبات والأندية. كما شهدت السنوات الأخيرة تنظيم دورات تدريبية لفائدة مدربين مغاربة بإشراف تقنيين إسبان، خاصة في مراكز التكوين الجهوية.

أما العلاقة مع البرتغال، فقد تعززت منذ مطلع الألفية الجديدة، خاصة بعد توقيع اتفاقيات تعاون رياضي تشمل تبادل البعثات الرياضية والمشاركة في دورات دولية شبابية، إلى جانب التنسيق في مجالات البنية التحتية الرياضية وتدبير التظاهرات الكبرى. وشكّلت استضافة المغرب لدورة الألعاب الإفريقية عام 2019، واستضافة البرتغال لعدة منافسات أوروبية، أرضية لتقارب الرؤى حول معايير التنظيم والابتكار الرياضي.

من جهة أخرى، يُعد إعلان الترشح المشترك لاستضافة مونديال 2030، الذي تم لأول مرة في مارس 2023، محطة محورية في تاريخ الشراكة بين هذه البلدان. وقد عبّرت اللجنة الثلاثية المكلفة بالملف، والتي تضم ممثلين عن الاتحادات الوطنية والحكومات، عن رغبتها في تقديم نموذج جديد للتعاون العابر للحدود يقوم على القيم المشتركة للتسامح، والاستدامة، وتكافؤ الفرص. ومن المتوقع أن يحتضن المغرب عددًا من المباريات الرسمية في مدن مثل الدار البيضاء، الرباط، ومراكش، بينما سيستضيف البلدان الأوروبيان مباريات أخرى، بما في ذلك نصف النهائي والنهائي في ملاعب كبرى مثل سانتياغو برنابيو في مدريد.

ويؤكد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (UEFA) أن هذا الترشح الثلاثي يُعدّ فرصة فريدة لتعزيز التقارب بين ضفّتي البحر الأبيض المتوسط من خلال الرياضة، ولبناء إرث رياضي واقتصادي مستدام. كما تراهن الأطراف الثلاثة على تطوير البنية التحتية، وتعزيز النقل الجوي، وتوسيع قدرات الفنادق، وتكوين آلاف المتطوعين في أفق الحدث، مما يساهم في خلق فرص شغل وتنمية محلية.

ويرى مراقبون أن التعاون الثلاثي قبل مونديال 2030 لا يقتصر على الجانب الرياضي فقط، بل يحمل بعدًا دبلوماسيًا وثقافيًا مهمًا، يندرج في إطار السياسة الإقليمية الجديدة التي تقوم على بناء شراكات استراتيجية بين الجنوب والشمال، بما يعزز موقع المغرب كشريك محوري في التظاهرات العالمية، ويكرّس انخراطه في ديناميات دولية تجمع بين التنافس الرياضي والتعاون التنموي.

المصدر : فاس نيوز ميديا