أحدث التعديل الجديد الذي أقرّته الحكومة الإسبانية على قانون الهجرة تحولًا جذريًا في السياسات المعتمدة بشأن تسوية أوضاع المهاجرين، وفتح آفاقًا جديدة أمام العمال الأجانب، خصوصًا في القطاعات الحيوية التي تعاني من خصاص مزمن.
فقد وافق مجلس الوزراء الإسباني، وفق ما أوردته صحيفة El País وموقع Euronews، على مرسوم جديد يُسهّل حصول المهاجرين غير النظاميين على تصاريح إقامة وعمل، في إطار استراتيجية تستهدف الاستجابة للحاجة المتزايدة لسوق الشغل، ودمج المهاجرين بشكل أكثر فاعلية.
وبحسب ما أعلنت عنه وزيرة الدولة الإسبانية للهجرة، كونثيبثيون بوينو، فإن التعديل يتيح للمهاجرين الذين يقيمون في البلاد منذ عامين أو أكثر إمكانية الحصول على تصريح إقامة إذا التحقوا ببرامج تدريب مهني معتمدة في مجالات يحددها “الكتالوج الوطني للوظائف الشاغرة”، مثل الرعاية الصحية، الفلاحة، البناء، والضيافة. وأكدت الوزيرة أن “القانون الجديد لا يهدف فقط إلى تسوية أوضاع المهاجرين، بل إلى دمجهم اقتصاديًا واجتماعيًا، بشكل يخدم كلاً من الدولة والمهاجر”.
من جهتها، رحبت منظمات حقوق الإنسان بهذه الخطوة، معتبرة إياها تقدمًا ملموسًا نحو “إنسانية سياسات الهجرة”، كما عبّرت منظمة Amnesty International España عن أملها في أن تُواكب هذه الإصلاحات بتحسين في شروط الاستقبال وظروف العمل للمهاجرين، خاصة في مناطق الجنوب الإسباني حيث تُسجل أكبر نسب الاستغلال في القطاع الفلاحي. أما الاتحاد العام للعمال (UGT) فقد اعتبر في بيان له أن “المرسوم يضع حجر الأساس لسياسة هجرة أكثر واقعية”، لكنه حذر من أن “نجاحه مشروط بمراقبة صارمة لتطبيق القانون وحماية حقوق العمال المهاجرين”.
في المقابل، أثار التعديل انتقادات واسعة من أحزاب اليمين المحافظ، خاصة حزب “فوكس”، الذي اعتبر أن هذه الإجراءات ستشجع “الهجرة غير النظامية”، وقد تعمق من ما وصفه بـ”الضغط على الخدمات العمومية”. أما على الصعيد الأوروبي، فقد تباينت ردود الفعل، إذ اعتبر مفوض الاتحاد الأوروبي للهجرة، يلفا يوهانسون، أن “إسبانيا تقدم نموذجًا بديلًا لمعالجة الهجرة بطريقة أكثر توازنًا”، في حين دعت بعض الدول إلى مزيد من التنسيق بشأن سياسات الاندماج.
يُذكر أن عدد المهاجرين غير النظاميين المقيمين في إسبانيا يُقدّر بحوالي 500 ألف شخص، وفق أرقام رسمية صادرة عن وزارة الإدماج والضمان الاجتماعي. ويأتي هذا التعديل الجديد بعد أشهر من دعوات أطلقتها جمعيات مدنية وحملات شعبية لتقنين أوضاع المهاجرين، أبرزها حملة “Regularización Ya” التي لقيت دعمًا برلمانيًا واسعًا. ويرى مراقبون أن القانون الجديد قد يعيد تشكيل مشهد الهجرة في البلاد، ويطرح في الآن ذاته تحديات تتعلق بالتنفيذ، والمراقبة، والتوازن بين الاستجابة الاقتصادية واحترام الحقوق الإنسانية.
المصدر : فاس نيوز ميديا