لم يعد تعاطي المخدرات يقض مضجع الآباء وأولياء الأمور فقط وإنما صارت المعضلة مضاعفة، جراء زحف ظاهرة «الكالة» إلى المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية، أمام المؤسسات التعليمية يجتمع بعض التلاميذ ليبدأ الجميع بلف مسحوق (النفحة) داخل قطعة صغيرة من ورق «الكلينكس» أو «النبرو» ووضعها في الفم تحت اللسان أو تحت الشفة العلوية ويحتفظ بها لتختلط باللعاب فتكون مادة يمتصها الجسم تؤدي إلى نوع من اللذة والنشوة، الباقي الناتج عنه ( تفال ) بعد مدة ينتهي مفعوله ويتم التخلص منه فيرميه المتعاطي، وتعتبر فئة التلاميذ الفئة الأكثر إدمانا على (النفحة) .
هكذا فضل التلميذ كريم البالغ من العمر15 سنة أحد المتعاطين للمخدر يقول:” لا استطيع دخول الفصل بدونها ولا احد ينتبه لي من التلاميذ ولا الأساتذة”. وعن سبب ارتفاع نسبة التعاطي يقول: «الكالة» تمنحنا المتعة والنشوة بثمن رخيص والحصول على كمية من مسحوق النفحة من اجل «الكالة» إن كنت “مقطوع” أمر جد يسير و أضاف: “النفحة التي نقصد ليست التي تباع بمتجر (الصاكة) محلات بيع الدخان بل عند المزود الذي يمنحك نفحة أكثر قوة وجودة” . وبعكس كريم أكد صديقه سعد اكتفائه باستنشاق ما اسماه “المسطرة”، وهي بحسبه كمية من مسحوق النفحة ، يشمها بين الفينة والأخرى، إذ من دونها يؤكد سعد يتعذر عليه متابعة دروسه أو حتى فهم جملة واحدة من شروحات الأساتذة، أما بخصوص الكيفية التي يحصل بها على النفحة، ابتسم سعد تعبيرا على بساطة الجواب، وقال: لم يعد هذا الأمر مشكلا على الإطلاق، بل حتى مسألة المقابل المادي تعتبر متجاوزة في العديد من الحالات، لان العلاقات بين الأصدقاء تغنيك شر استجداء الوالدين، ومن جهته أسر لنا عماد كون عناصر غريبة عن المؤسسة تزور التلاميذ بصفة شبه يومية متسائلة عن كمية احتياجاتهم من (النفحة).
الدكتور “مصطفى أدحو” وهو طبيب بمستشفى محمد الخامس بالجديدة أكد أن إصابات الفم من أخطر ما ينجم عن استعمال «الكالة»، حيث تسبب حدوث إصابات تعتبر نذيرا للأصابة بسرطان الفم وقال ان مركب النيكوتين (Nicotine) هو المسؤول عن التأثير المعروف للتبغ وهو من أخطر المركبات، فقد أثبتت الدراسات أن للنيكوتين أثراً سيئاً وبالغ الخطورة على جميع أجزاء وخلايا الجسم ، حيث تحتوي على مواد عديدة من أهمها أول أوكسيد الكربون ومئات الجزيئات من مادة النيتروزمين، وبهذا يفقد المتعاطي ل «الكالة» أقوى حصن من حصون المناعة في جسده، والنيكوتين وأول أوكسيد الكربون يؤثران على القلب حيث يؤدي إلى انقباض الشرايين عموماً مما يؤدي إلى أمراض القلب ومنها مرض القصور في الشريان التاجي والذبحة الصدرية بسبب ضيق الأوعية ويتبع ذلك تلف أنسجة عضلة القلب بمساعدة التأثير السام لغاز أول أوكسيد الكربون الذي يقلل نسبة الأوكسجين في الهيموجلوبين، ولا يقتصر تأثير النيكوتين على شرايين القلب فقط، بل يمتد إلى أمراض الجهاز الهضمي والجهاز البولي والتناسلي.. فقد أثبتت الدراسات تأثير التبغ على الجهاز الهضمي حيث يسبب نقصاً في شهية الطعام وقد يسبب الإمساك أو الإسهال، كما يسبب اضطراب الوظيفة الإفرازية للغدد الهاضمة أي يضطرب عمل الغدد التي تفرز العصارات الهاضمة وعندها تصاب المعدة بالضعف والوهن ولا تقوى على هضم الطعام فيسبب ذلك عسر الهضم، لارتفاع نسبة حامض الهيدروكلوريك في المعدة مما ينشأ عن ذلك قرحة المعدة والاثني عشر.كما قد تؤدي «الكالة» في حالة الإدمان إلى ظهور رائحة كريهة دائمة في الفم أما فيما يتعلق بتأثير مواد التبغ على الجهاز التناسلي فقد تبين أن التبغ يؤدي إلى ضعف القدرة الجنسية عند الرجال ويقلل الرغبة الجنسية لدى النساء، و«الكالة» تسبب الإدمان لدى مستعمليها وبالأخص الأطفال والشباب دون سن العشرين، وتعتبر البوابة الرئيسية للانخراط في المخدرات بمختلف أنواعه وأشكاله، وأوضح الدكتور أدحو أن استعمال هذه المواد شبه المخدرة في الفم يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وزيادة في النبض والتسارع في ضربات القلب والدوار وجفاف السائل الموجود بين المفاصل، وينتج عنها الكثير من الأورام وعلى هذا فإن معالجة هذه الأورام غالباً ما يتم عن طريق الاستئصال الجراحي للورم الذي يتبع بالمعالجة الإشعاعية والكيميائية ولكن في بعض الأحيان لا يكون هذا ممكناً، وذلك إما نتيجة لانتشار الورم انتشاراً كبيرا يصعب معه الاستئصال الكامل، لسوء الحالة العامة للمريض، ففي هذه الحالة تتم المعالجة عن طريق العلاج الكيميائي والإشعاعي فقط. والشيء الأكيد هو ميل هذه الأورام للعودة من جديد، لذا كان لابد من توجيه دعوة إلى التلاميذ والشباب من خلال هذا المنبر الإعلامي للتوقف كلياً عن تعاطي مثل هذه المواد ولاستئصال هذه الظاهرة الجديدة المدمرة من مجتمعنا.