كتاب و آراء – السؤال الكتابي الموجه من قبل النائب البرلماني الاتحادي، السيد عبد القادر الطاهر، إلى السيدة وزيرة الاقتصاد والمالية “حول التلاعب في شواهد إقرار مصدر استيراد المواد النفطية بميناء طنجة المتوسط “، يكشف عن نموذج صارخ من الفساد المتمثل في الغش والتزوير والجشع الذي يستنزف جيوب المواطنين.
إن ما جاء في السؤال المذكور، يجب أن يستنفر كل المؤسسات المعنية بالمراقبة المالية ومؤسسات الحكامة المعنية بالمنافسة ومحاربة الفساد، خدمة للاستقرار الاجتماعي ومصلحة الوطن. فما جاء في السؤال خطير للغاية؛ ذلك أن “بعض الشركات التي تستورد المواد النفطية السائلة لتلبية حاجيات السوق الوطنية”، بدأت في “إدخال الغازوال الروسي باعتباره الأرخص إذ لا يتجاوز ثمنه 170 دولار للطن وأقل من 70 %من الثمن الدولي”؛ ثم تلجأ هذه الشركات المستوردة للغازوال الروسي إلى تغيير “وثائق وشواهد مصدره كأنه آت من الخليج أو أمريكا وتبيعه بالسعر الدولي داخل التراب الوطني، فتحقق بذلك أرباحا مهولة”. ويضيف النائب البرلماني عبد القادر الطاهر أن “كل ذلك يحدث بتواطئ صريح للشركة المسيرة لمخازن الوقود بميناء طنجة المتوسط، وبعيدا عن مراقبة الأجهزة المالية للدولة”.
وبعد كل هذه المعطيات الدقيقة والخطيرة، يسائل السيد النائب المحترم الوزيرة المعنية “عن الإجراءات المتخذة لضبط مصادر استيراد الوقود وثمنه”.
لقد أعادت هذه الواقعة إلى الأذهان موضوع تحرير قطاع المحروقات من قبل حكومة عبد الإله بنكيران، الغير مأسوف عليها. فمنذ ذلك الحين، وهذا القطاع موضع شبهة ومصدرا لتأزيم الأوضاع الاجتماعية بفعل هوامش الربح المرتفعة التي تراكمها شركات المحرقات على حساب جيوب المغاربة. ويقدم قطاع المحروقات مثالا واضحا على ما يمكن وصفه بالإثراء غير المشروع الذي ساهم فيه قرار تحرير القطاع، دونٍ أن تتخذ حكومة العدالة والتنمية – قبل الإقدام على هذا القرار غير محسوب العواقب- أي احتياطات قانونية تنظم سوق المحروقات وتقيد هوامش الربح في حدها المعقول حفاظا على القدرة الشرائية للمواطنين.
وهكذا، راكمت شركات المحروقات مليارات الدولارات، بدون وجه حق وعلى حساب جيوب المواطنين، كيفما كان مستواهم الاجتماعي. وإذا أضفنا إلى هذا الواقع المر، الفضيحة التي فجرها النائب البرلماني عبد القادر الطاهر، ندرك مدى استشراء الفساد في قطاع حيوي، تنعكس أثاره السلبية على باقي القطاعات، ويتضرر منه المواطن سواء تعلق الأمر بقوته اليومي أو بتنقله أو بمستواه المعيشي أو غيره.
فهل لوبي المحروقات فوق القانون؟ وهل عجزت أجهزة الدولة ومؤسساتها المخول لها مراقبة هذا القطاع وتنظيمه، طبقا للمصلحة العامة والمصلحة العليا للوطن المتمثلة في الاستقرار الاجتماعي وصيانة سمعة البلاد ووضعها الاعتباري؟
وإلى جانب فضيحة “الغازوال الروسي”، تحضرني فضيحة “بؤساء تذاكر مونديال قطر”، التي شوشت على الحضور المغربي المتميز، سواء في شخص فريقه الوطني الذي شرف البلدان العربية والأفريقية، أو في شخص جمهوره الذي قدم صورة رائعة عن نفسه وعن بلده داخل الملاعب وخارجها. وبهذا، نكون أمام مثالين لـ”أغنياء الأزمات”، مع وجود الفارق بينهما.
وتجدر الإشارة إلى أن الرأي العام المغربي لا يزال ينتظر نتائج التحقيقات وإنزال العقوبات على المتورطين، حسب ما وعد به السيد رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم. ولا شك أن الرأي سينتظر أيضا كيف ستتفاعل وتتعامل الحكومة في شخص وزيرة الاقتصاد والمالية مع سؤال السيد عبد القادر الطاهر. هاهنا مثالان واضحان للفساد والإثراء غير المشروع. وما خفي أعظم!!!
بقلم : محمد إنفي
المصدر : فاس نيوز ميديا