دور المرأة في الاقتصاد المغربي : تحديات المشاركة وفرص التمكين

يشهد الاقتصاد المغربي تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت المرأة جزءاً أساسياً في تعزيز هذا النمو، رغم التحديات العديدة التي ما زالت تقف أمام مشاركتها الفعالة. ورغم الجهود التي بذلت في السنوات الأخيرة لتحسين وضع المرأة، إلا أن مشاركتها في سوق العمل لا تزال تواجه العديد من الصعوبات، سواء على الصعيد الاجتماعي أو الاقتصادي. تعتبر مشاركة النساء في القوى العاملة في المغرب منخفضة نسبياً مقارنة بالعديد من الدول الأخرى، حيث تقدر نسبتها بحوالي 25% فقط، وفقاً لبيانات البنك الدولي. هذا الرقم يعكس واقعاً صعباً مرتبطاً بالعديد من العوامل الثقافية والاجتماعية التي تفضل في بعض الأحيان إبقاء المرأة في دائرة العمل المنزلي على حساب انخراطها في سوق العمل.

لا تقتصر التحديات على قلة الفرص الاقتصادية فقط، بل تشمل أيضاً قلة الوعي الاجتماعي الذي يُعيق المرأة عن الوصول إلى مجالات مهنية عدة. فما زالت بعض المناطق، خاصة الريفية منها، تشهد تراجعاً في معدلات التعليم والتحصيل المهني للنساء، مما يحد من قدرتهن على المنافسة في سوق العمل. ولكن في المقابل، لم تكن هذه التحديات لتقف حاجزاً أمام تطلعات المرأة المغربية، التي بدأت تلعب دوراً بارزاً في مجالات عدة، سواء كانت في قطاع التكنولوجيا أو الزراعة المستدامة أو غيرها من المجالات الحيوية التي تشهد نمواً ملحوظاً في البلاد.

من جانب آخر، بدأت الحكومة المغربية بالتعاون مع مؤسسات دولية في تطبيق برامج تهدف إلى تمكين المرأة وزيادة مشاركتها في الاقتصاد. هذه المبادرات بدأت تؤتي ثمارها بشكل تدريجي، خاصة في مجال ريادة الأعمال التي أضحت تمثل فرصة حقيقية للنساء لتحققن استقلالهن المالي ويدعمن الاقتصاد الوطني. تمويل المشاريع النسائية أصبح من الأولويات في بعض المبادرات الحكومية، حيث ساعدت بعض المنظمات الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في دعم وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تقودها النساء، مما أسهم في إيجاد فرص عمل جديدة ومُستدامة.

ومع تزايد الفرص في قطاعات جديدة مثل التكنولوجيا الرقمية، أصبح من الواضح أن المرأة المغربية تمتلك القدرة على التميز والمساهمة بشكل فعال في هذه المجالات. البرامج التدريبية التي تقدمها العديد من المؤسسات المحلية والدولية للنساء في مجال المهارات الرقمية والتقنية أصبحت أحد أبرز الحلول لتجاوز الحواجز التي تعترض تقدم المرأة في هذه القطاعات. ومع استمرار الاهتمام الحكومي والدولي بهذا الموضوع، تزداد الآمال في أن تكون المرأة المغربية أكثر قدرة على التأثير والمشاركة في الاقتصاد الوطني بشكل أكبر وأوسع.

التمكين الاقتصادي للمرأة لا يزال بحاجة إلى مزيد من الدعم، سواء من خلال توفير فرص العمل أو تعزيز قدرة النساء على اقتحام مجالات جديدة كانت تقتصر في السابق على الرجال. ويبقى التحدي الأكبر هو تغيير بعض المفاهيم الاجتماعية التي ما تزال تقيّد حرية المرأة في اتخاذ القرار والمشاركة الاقتصادية الفعالة.

المصدر : فاس نيوز ميديا