أهمية التنويع الاقتصادي لتقليل الاعتماد على القطاعات التقليدية في المغرب

في ظل التحولات الاقتصادية العالمية المتسارعة، يتجه المغرب بخطى ثابتة نحو اعتماد استراتيجية تنويع اقتصادي تهدف إلى تقليل الاعتماد على القطاعات التقليدية مثل الفلاحة والفوسفات، وتعزيز مساهمة قطاعات ناشئة على غرار الصناعة والتكنولوجيا والطاقة المتجددة.

وأكد تقرير حديث صادر عن البنك الدولي أن التنويع الاقتصادي يعد من الركائز الأساسية لتحقيق نمو مستدام في دول شمال إفريقيا، مشيرًا إلى أن الاقتصادات التي تعتمد على قطاعات محدودة تكون أكثر عرضة للصدمات الخارجية، مثل تقلبات أسعار السلع أو التغيرات المناخية.

وفي السياق ذاته، شدد صندوق النقد الدولي في تقريره السنوي لسنة 2024 على أهمية التوجه نحو اقتصاد متنوع في المغرب، خاصة في ظل التحديات المرتبطة بالتغير المناخي والجفاف المتكرر الذي يؤثر سلبًا على الإنتاج الفلاحي، أحد أعمدة الاقتصاد الوطني.

ووفقًا لإحصائيات المندوبية السامية للتخطيط، فإن الناتج الداخلي الخام للمغرب ما يزال يعتمد بنسبة تقارب 13% على القطاع الفلاحي، رغم الجهود المبذولة لتنمية قطاعات أخرى. هذا الوضع يجعل الاقتصاد عرضة لتقلبات موسمية ومخاطر مناخية متزايدة.

من جهة أخرى، أطلقت الحكومة المغربية خلال السنوات الأخيرة عددًا من البرامج الاقتصادية الطموحة، أبرزها الميثاق الجديد للاستثمار، الذي يسعى إلى جذب رؤوس أموال جديدة نحو قطاعات واعدة مثل الصناعات التحويلية، والاقتصاد الرقمي، وصناعة السيارات والطائرات، والطاقة الخضراء.

كما أوضح تقرير صادر عن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD) أن المغرب يمتلك إمكانيات كبيرة في مجال الطاقات المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية والريحية، مشيرًا إلى أن استغلال هذه المؤهلات قد يساهم في خلق فرص شغل جديدة وتنويع مصادر الدخل.

ويرى الخبير الاقتصادي المغربي، الدكتور ياسين العلوي، أن “رهان التنويع الاقتصادي ليس ترفًا، بل ضرورة استراتيجية لضمان استقرار الاقتصاد الوطني في ظل المتغيرات العالمية”، مضيفًا أن “تعزيز البنية التحتية وتحسين مناخ الأعمال يشكلان عاملين حاسمين في إنجاح هذا التحول”.

ويأتي هذا التوجه أيضًا في انسجام مع أهداف النموذج التنموي الجديد الذي دعا إلى تحقيق اقتصاد أكثر مرونة وتنوعًا، قادر على توفير فرص الشغل والاستجابة لتطلعات الشباب المغربي.

نحو اقتصاد مغربي أكثر تنوعًا واستدامة

يبقى التحدي الرئيسي، بحسب خبراء، في تفعيل الإصلاحات الهيكلية وضمان حسن تنزيل الاستراتيجيات القطاعية، بما يضمن انتقالًا تدريجيًا نحو اقتصاد متعدد الروافد، أقل عرضة للصدمات وأكثر قدرة على المنافسة إقليميًا ودوليًا.

المصدر : فاس نيوز ميديا