صدر مؤخراً عن مكتبة دار السلام بالرباط مؤلف قانوني جديد يحمل عنوان “ضوابط ترشيد السياسة الاتهامية في القانون الجنائي المغربي: توجه حقوقي مؤسساتي لتعزيز وتقوية ضمانات المحاكمة العادلة”، من توقيع الأستاذ مولاي علي ادريسي حسني، أحد أبناء مدينة فاس البررة، وخريج جامعتها العريقة، الحاصل على شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية والقانونية تخصص قانون خاص.
هذا الإصدار يأتي ليعزز المكتبة القانونية المغربية برؤية علمية تحليلية معمقة حول السياسة الاتهامية، في ارتباطها الوثيق بضمانات المحاكمة العادلة، وفق مقاربة تجمع بين البعد الحقوقي، والتشريعي، والقضائي، في ظل التوجهات الجديدة للسياسة الجنائية الوطنية.
ويعد هذا المؤلف الكتاب الثاني للأستاذ ادريسي حسني، بعد نجاح إصداره الأول “مستقبل النيابة العامة بالمغرب بين المفهوم والتطور: الاستقلالية والمحاسبة”، الذي عرف إقبالاً واسعاً ونفاذاً من السوق. في عمله الجديد، يقدم الباحث قراءة نقدية متخصصة لموضوع بالغ الأهمية، يتمثل في ملاءمة سياسة الدعوى العمومية، في بعدها الاتهامي، مع الضوابط الحقوقية والمؤسساتية في التشريع الجنائي المغربي، مساهماً بذلك في تعزيز النقاش الأكاديمي والمؤسساتي حول الإصلاحات القضائية.
ويكتسي هذا العمل أهمية خاصة، كونه يمثل جزءاً من أطروحة الدكتوراه التي نوقشت بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، بتاريخ 17 يوليوز 2021، والتي حصلت على ميزة مشرف جداً، مع تنويه خاص من لجنة المناقشة وتوصية بالنشر. وقد جاءت الأطروحة تحت عنوان: “التوجهات الحديثة لتنفيذ السياسة الجنائية في ظل استقلال النيابة العامة”، لتعكس انخراط الكاتب في القضايا الراهنة التي تستأثر باهتمام الفاعلين القانونيين والحقوقيين بالمغرب.
وفي مؤلفه الجديد، يعالج الأستاذ ادريسي حسني إشكاليات عميقة تتعلق بمدى التلاؤم بين سياسة الاتهام والمرتكزات الحقوقية التي أقرها المشرع المغربي، لا سيما بعد تكريس استقلال السلطة القضائية، واستقلال النيابة العامة عن السلطة التنفيذية، مما أضحى يشكل ركيزة أساسية في تنزيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وضمان الحقوق وصيانة الحريات.
ويبرز الكاتب أن السياسة الاتهامية لم تعد مجرد آلية للملاحقة، بل أصبحت مرآة تعكس نضج الدولة في إرساء ممارسات قضائية ومؤسساتية عادلة، حيث يشدد على ضرورة ترشيد هذه السياسة بناءً على ضوابط دقيقة، تتيح تقييم أداء سلطة الادعاء العام بشكل مستمر، وتواكب التغيرات التشريعية، خاصة مع اقتراب المصادقة على مشروع قانون المسطرة الجنائية رقم 03.23.
ويخلص الأستاذ ادريسي حسني في مؤلفه إلى التأكيد على أن مستقبل السياسة الجنائية الوطنية رهين بدور السلطة القضائية، وبالأساس النيابة العامة، في تنزيل المبادئ الحقوقية الكبرى، وتفعيل مقتضيات الدستور المغربي، في سبيل تكريس قضاء مستقل ونزيه، يتماشى مع المعايير الدولية.
هذا العمل البحثي القانوني المتين، يعكس مكانة مدينة فاس كمشتل للعلماء والمفكرين، ويؤكد على الحضور الأكاديمي الوازن لأبنائها في الساحة الوطنية، كما يجسد إسهام الأستاذ مولاي علي ادريسي حسني في الدفع قدماً بمسار الإصلاح القانوني والحقوقي ببلادنا.
فاس نيوز تهنئ الأستاذ على هذا الإصدار المتميز، وتشيد بإسهامه في خدمة قضايا العدالة والبحث الأكاديمي، متمنية له مزيداً من التألق والعطاء.
المصدر : فاس نيوز ميديا